”لقد أثّرت ست سنوات من الحرب والأزمة الطاحنة في سوريا، تأثيرًا سلبيًّا على مُجتمع لاجئي فلسطين في سائر الأراضي السورية كما هو الحال مع الشعب السوري الشقيق التوأم للشعب الفلسطيني، فحالة الدمار المادي التي لَحِقَت بتجمعاتهم السكنية نتيجة اللعبة التي أراد منفذوها تدمير المخيمات وتهجير لاجئي فلسطين من سوريا، ماثلة للعيان.”

[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/alibadwan.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]علي بدوان[/author]

نداء جديد أطلقه المفوض العام لوكالة (الأونروا) بيير كرينبول بشأن لاجئي فلسطين في سوريا. النداء يلخص مأساة ما حصل مع هذا التجمع الفلسطيني على أرض سوريا العربية، بعد النكبة التي حلت به نتيجة اللعبة الكبرى التي استهدفت البلاد والعباد.
نداء المفوض العام كان تحت عنوان "لا تنسوا نحو نصف مليون لاجئ فلسطيني في سوريا"، فحالة النزوح والتهجير الخارجي والداخلي طالت عموم لاجئي فلسطين في سوريا، ولم يَتَبَقَّ منهم سوى (430,000) لاجئ من فلسطين من أصل نحو (570,000) لاجئ فلسطيني كانوا مُسجلين أصلا لدى وكالة (الأونروا) قبل الأزمة السورية، مضافًا إليهم نحو (200000) لاجئ فلسطيني من حملة الوثائق اللبنانية، والمصرية، والعراقية، وبعضهم من دون أوراق إثبات من فلسطينيي الداخل.
إن ما نسبته (95%) من لاجئي فلسطين المُسجلين لدى وكالة (الأونروا) والهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين، ما زالوا في سوريا حتى الآن، والمُعطيات المتوافرة، والمُستخلصة من ملفات وكالة (الأونروا) والجهات الفلسطينية المعنية، تُفيد بأن نحو (280,000) من لاجئي فلسطين مُشردون ومهجرون بالكامل داخل سوريا، وحوالي (43,000) عالقون في أماكن مُحاصرة، أو يَصعُب الوصول إليها، كمخيم درعا على سبيل المثال، ومن تبقى منهم داخل مخيم اليرموك الذين تصلهم المساعدات بصعوبة، وقد باتوا اليوم بحاجة إلى مساعدة إنسانية طارئة، تعمل وكالة (الأونروا) على تقديم الجزء الأساسي منها، فيما تُقدم منظمة التحرير الفلسطينية بعض المساعدات المُتواضعة قياسًا لما تُقدمه الوكالة.
إضافة لما سبق، إن أكثر من (30,000) لاجئ فلسطيني من سوريا غادروا إلى لبنان، وما يقارب من (17,000) إلى الأردن. كما وتُقدّر وكالة (الأونروا) أن هنالك ما يزيد على (120,000) لاجئ فلسطيني من سوريا خارج الأراضي السورية، وصلوا أصقاع المعمورة في أوروبا الغربية وكندا وأستراليا على قوارب الموت خلال الأعوام الخيرة. هذا عدا عن الـ(2000000) فلسطيني غير المُسجلين في سجلات الوكالة، والذين غادر مُعظمهم الأراضي السورية خلال سنوات الأزمة.
لقد أثّرت ست سنوات من الحرب والأزمة الطاحنة في سوريا، تأثيرًا سلبيًّا على مُجتمع لاجئي فلسطين في سائر الأراضي السورية كما هو الحال مع الشعب السوري الشقيق التوأم للشعب الفلسطيني، فحالة الدمار المادي التي لَحِقَت بتجمعاتهم السكنية نتيجة اللعبة التي أراد منفذيها تدمير المخيمات وتهجير لاجئي فلسطين من سوريا، ماثلة للعيان، خاصة في مخيمات : اليرموك جنوب دمشق، ودرعا، وحندرات الواقع شمال مدينة حلب، إلا أنَّ العواقب الإنسانية والخوف والمعاناة المُتفاقمين يكونان في بعض الأحيان أشَدُّ صعوبة على الإدراك، إضافة لتراجع الحالة الاقتصادية ووصولها إلى حافة الهاوية.
إن تلك المعاناة، وَضَعَتَ كافة الجهات المعنية، وخاصة وكالة (الأونروا) أمام واقع مرير من كل الجوانب، فضلًا عن أن تلك الجهات، باتت تتعامل الآن مع جيل جديد من اللاجئين الفلسطينيين، الذين يعانون من صدمة التشريد والخسارة بأشكالها المُتعددة.
وبطبيعة الحال، إن دور وكالة (الأونروا) الآن أساسي، ورئيسي، في مسار حياة لاجئي فلسطين في سوريا، وقد باتت المُزوّد الأكبر للبرامج الإنسانية والتنموية للاجئي فلسطين في سياق الأزمة السورية، من حيث توفيرها شريان حياة حساس، ومن خلال عملياتها الديناميكية والمرنة، والتي يقوم بها أربعة آلاف موظف جُلهم من لاجئي فلسطين في سوريا، حيث توفّر عمليات الوكالة تَدخُلات في المساعدات النقدية، والمياه، والصرف الصحي، والمواد الغذائية وغير الغذائية الأساسية، والمأوى والصحة والتعليم، ودعم سُبل العيش والتمويل الصغير والحماية. وعلى سبيل المثال "إن الطرود الغذائية مُصممة لتلبية ما يقارب من ثلث الاحتياجات اليومية، مع الأطقم الصحية والمواد أساسية أخرى كالبطانيات والفرشات والمساعدات النقدية التي يجري توزيعها كل ثلاثة أشهر".
وعليه، كانت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا) قد أطلقت مع العام الجديد 2017، نداءً دوليًّا من أجل لاجئي فلسطين في سوريا، ومن أجل الحصول على (411) مليون دولار، لتغطية عمليات الوكالة للعام الجديد في منطقة عملياتها فوق الأرض السورية.
إن نداء (الأونروا) الجديد من أجل فلسطينيي سوريا، دعوة لكل للمجتمع الدولي، وخاصة الدول العربية والإسلامية والصديقة من أجل رفد ميزانية الوكالة والتبرع لها، من أجل لاجئي فلسطين في سوريا، وعموم مناطق عملياتها الخمسة (سوريا + لبنان+ الأردن + قطاع غزة + الضفة الغربية والقدس).