[author image="http://alwatan.com/styles/images/opinion/abdalahabdelrazak.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. عبدالله عبدالرزاق باحجاج [/author]
صادف الأسبوع الماضي اليوم العالمي لحرية الصحافة، وقد شاركت جمعية الصحفيين العمانية الاحتفال بهذا اليوم عبر تنظيم محاضرة حول،، حرية التعبير، الواقع والقانون،، بالتعاون مع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان رغم أن الهدف من تخصيص هذا اليوم العالمي هو الكشف عن انتهاكات حرية الصحافة واحياء ذكري ضحايا السلطة الرابعة في العالم، لكن، لا بأس هنا من استغلال هذه المناسبة لزيادة وعي صحافيينا بحقوقهم وواجباتهم، والتأكيد على القيم والمعايير الفنية لمهنة المتاعب، وغرس ثقافة الصراع الايجابي من أجل البحث والكشف عن الحقيقة، لكن، وهذا استدراك ثان ومهم، كم صحفي عماني قد وصلته رسالة اليوم العالمي للصحافة؟ وما حجم هامش الحرية الممنوح لصحافتنا العمانية؟ وهل تصل وتعبر الرسالة الصحفية عن محافظات البلاد؟
نطرح مثل تلك التساؤلات المهمة في الوقت الذي يحيي العالم اليوم السنوي لحرية الصحافة وسط استمرار الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون في مختلف المناطق، ومنها منطقتنا العربية التي أظهرت تقارير عالمية تراجع الحريات فيها، بل إن بعضها صنف في قائمة الاسوأ، وقد كان العام 2012 احد اعنف الاعوام في التاريخ بالنسبة للعاملين في مجال الإعلام، حيث سجل فيه مقتل أكبر عدد من الصحفيين وهو تسعون صحفيا، فتحية لكل صحفي يكون همه قضايا وطنه وقومه وبني عروبته ومن يشاطرونه في الإنسانية دون تمييز في اللون البشري أو الفكري أو المناطقي .. تحية لهم صادقة في يومهم السنوي، ونقول لهم بأعلى صوت، لا خوف اليوم من يسخر قلمه ويوظف فكره لخدمة وطنه من منظوره الوطني الشامل والجامع، ولا خوف أو حتى قلق على الدور الصحفي، ولن ينبغي أن يشكل السجن هاجسا لكل صاحب قلم، فقد سجن الأنبياء وعذب المصلحون على عمر التاريخ، نقول هذا تضامنا مع شهداء وضحايا القلم في يومهم السنوي، وليس بالضرورة أن يفهم منه اسقاطا أو حتى تلميحا، فنحن نمارس في بلادنا هامشا من الحرية ما يجعلنا ندافع عن قضايانا ونعبر عن آرائنا دون مضايقات أمنية وإن تضرر كل واحد منا في مواقع عمله، ولن نجد مقارنة بين هامشنا في الحرية والهامش الإقليمي خاصة بعد قمع واغتيال ارادات ما يسمى بالربيع العربي، وهو ناجم اي الهامش عن المناخات السياسية والديموقراطية الجديدة التي ولدتها مجموعة اصلاحات كبرى حدثت منذ عام 2011،، لكن من يمارس هذا الهامش بمهنية وبموضوعية وكل تجرد من الذاتية والمنفعية؟ طبعا القليل، وكيف ينبغي أن يمارس؟ ربما لا نزال نعاني فيما يطرحه التساؤل الاخير من اشكالية في التطبيق، والتطبيق يتعلق بحراس البوابات القدامى منهم والجدد على السواء، فقد غرقوا على السواء ما عدا القلة في نفس المفاهيم والرؤى التي كانت تؤطر ساحتنا الفكرية قبل اصلاحات عام 2011، فغلبوا المفهوم الحكومي في وسائل الاتصال وغيبوا مصالح بقية مكونات الدولة وهي الشعب والإقليم .. لن نسترسل في مقال اليوم في هذه القضية ورغم ما تفتحه من قضايا فرعية كبيرة، ومهمة جدا، لأننا نلمس مسارات جديدة نحو تكريس اعلام الحكومة على حساب اعلام الدولة الذي بشرنا به ،، ممارسة ،، عقب احداث 2011 و،، سياسيا،، بعد مجموعة اصلاحات سياسية كبيرة، فاليوم العالمي لحرية الصحافة يثيرنا في مقال اليوم فتح واقع الصحافة الإقليمية في بلادنا، وتأخر وصول الصحف إلى محافظة ظفار، ولماذا ظفار؟ لأنها المحافظة العمانية الوحيدة التي تبعد عن العاصمة مسقط أكثر من الف كيلو متر، ولأن الصحف تصل إلى صلالة غالبا بعد الظهر وفي حالات في المساء، وهذا التأخير تدفع ثمنه بقية ولايات ظفار، فإذا كان تأخر الصحف المحلية يأخذ ذلك المدى الزمني الطويل حتى تصل إلى صلالة، فمتى ستصل لولاية رخيوت مثلا؟ وأثناء تواجدنا في ولاية سدح عدة مرات استحال علينا الحصول على اي نسخة من اصدارات صحفنا المحلية الحكومية أو الخاصة، والسبب عدم وصولها لمثل هذه المنطقة البعيدة عن صلالة قياسا بوصلها اي الصحف متأخرة إلى صلالة نفسها، وهذه قضية في حد ذاتها، إذ إن غياب الصحف في ولايات البلاد البعيدة سوف يجعل مواطني تلك الولايات خارج نطاق استهداف صحفنا المحلية، كزيادة الوعي وتوضيح الحقائق وتشكيل الرأي العام المحلي .. وربطهم بوطنهم الخ ولن تصل رسائلها للمواطنين ابدا، ولن توصل رسائل المواطنين إلى صناع القرار والرأي العام، وبالتالي، لن يتفاعلوا مع توجهات الدولة ولا مع توجهات وخطط محاربة الظواهر السلبية .. الدائمة والمستجدة الخ، وربما يكون الحال نفسه في ولاية مسندم، نقول ربما على سبيل القياس والافتراض والإسقاط، كما لا يمكن للولايات البعيدة عن صلالة الاستفادة من خدمات ،، الانترنت،، لعدم توفر هذه الخدمة بصورة كاملة ـ فكيف يمكن أن تستفيد تلك الولايات وحتى في بعض مناطق ولاية صلالة لم تصلها الخدمة كاملة كمنطقة صلحنوت واجزاء كبيرة من السعادة القريبة أصلا من صلالة؟ وهذا يرسخ مسافة البعد القائمة بين ما يجرى داخل الوطن من ايجابيات وما تسعى إليه الدولة من محاربة السلبيات وبين مواطني الولايات البعيدة عن العاصمة، فهل صحافتنا خاصة بمسقط والمحافظات القريبة منها؟ ولولا وجود مكاتب إقليمية للصحف في المحافظات تنقل اخبار الولايات لكان حكمنا سالف الذكر مطلقا، ورغم ذلك، فهي مكاتب متواضعة وتقوم بعملية تغطيتها في استحياء، وجل تركيزها على جلب الإعلانات من الشركات المتواجدة في ظفار، وتستقي اخبارها من دوائر الإعلام والعلاقات العامة في كل جهة حكومية أو خاصة، وكان بإمكانها أن تتميز وطنيا وتكسب المجتمعات المحلية لو عرفت كيف تغطي اخبار المحافظات وتعالج مشاكلها وتبرز همومها، كما أن صحفيي هذه المكاتب منسيون من كل الجهات الحكومية والاهلية سواء المهتمة بشئون الصحافة أو العامة، فلم يأخذوا حقوقهم من تدريب وتأهيل ودعوات للمشاركة وحضور الفعاليات وحق الحصول على المعلومات بسهولة دون العناء لمسقط ..الخ. حقوق كثيرة يفتقدها صحفيونا الاقليميون، فتناسوا ودخلوا في النسيان حتى من قبل المؤسسات المحلية وليس المركزية فقط، القلة منهم فقط من شق طريقه بذاتية اجتهادية واصبح له اسم مهني لكنه ينقصه الانتشار، وبالتالي اي يوم عالمي يمر علينا كصحفيين وككتاب صحفيين اقليميين في ظل فقدان تلك الحقوق؟ وهيى حق التدريب والتأهيل وحق الدعوة للمشاركة وحضور الفعاليات الحكومية والاهلية التي تجري في مسقط.
والحل نقدمه من منظورين، إما أن تلجأ صحفنا المحلية إلى فتح ملاحق عن كل محافظة اسبوعيا، تغطي اخبارها وتناقش بشفافية عبر تحقيقات جادة قضاياها المحلية التي تختلف بطبيعة الحال من محافظة لأخرى، كما يساهم كتابها في التعاطي مع واقعها وافقها التنموي والاقتصادي وتطورها الاجتماعي من منظورهم الخاص، والثاني، إقامة اعلام اقليمي، كإصدار صحيفة يومية أو اذاعة مسموعة أو مرئية تهتم بشأنها الترابي، مما سيكون للإعلام الإقليمي دور مهم في المرحلة المقبلة التي تشهد عمليات استدراكات وتصحيحات وتخليق العمل المحلي والوطني بعد وضع استراتيجية جديدة للإعلام الاقليمي لكي يتكامل دوره مع الاعلام الحكومي والخاص المركزيين، فلم ينجح الاعلام المركزي في دوره الاقليمي، وبالتالي، فإن الاعلام الاقليمي قد اصبح حق لكل مواطن، وقد اصبح من العدالة والمساواة إقامة إعلام إقليمي يعبر عن كل محافظات البلاد، فهل ان الاوان لدراسة ضرورات الاعلام اللا مركزي والتحرر من تمركزه داخل مسقط ؟ وهنا نبدي علامات تعجب واستغراب كبيرة من عدم اقدام اية شخصية محلية على مبادرة انشاء اية وسيلة اتصالية، صحيفة، إذاعة، تلفاز، رغم وجود قوانين تسمح بذلك، هل الموانع في القوانين أم في النوايا والاتجاهات؟ فهل علينا أن نراهن دائما على وسائل الاتصال الحكومية؟ إذا كان كذلك، فإن الاعلام المركزي واللا مركزي يظل الخيار المتاح؟