[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
وليد الزبيدي
كاتب عراقي

اختارت الكاتبة التركية المعروفة إليف شافق هذا العنوان "قواعد العشق الأربعون" لروايتها المتميزة، لكن الكاتبة لم تضع هذه القواعد وإنما اعتمدتها في بناء احداث الرواية في مقاربة بين تاريخين وحقبتين يمتد الزمن بينهما لثمانية قرون.
إضافة إلى البناء الروائي المتميز الذي قدمته الكاتبة تبرز القضية أو لنقل القضايا التي تناولتها الروائية في سياق تطور الأحداث والوقائع في الرواية، وقواعد العشق الأربعون وضعها اثنان من كبار المتصوفة في القرن الثالث عشر هما، جلال الدين الرومي وشمس التبريزي، وقد استغرق ذلك مدة أربعين يوما لتبدأ تجربة فريدة في التلاقي والتفاعل بين هذين الرجلين، لدرجة أن الرومي الشهير بعلمه ومعارفه وشخصيته القوية لم يتمكن من الصبر على فراق التبريزي الذي اضطر للاختفاء والذهاب إلى دمشق.
ثمة اكثر من مفتاح للقضايا التي حرصت الروائية على مناقشتها في روايتها، وتقف في المقدمة منها التشابه بين الأحداث والوقائع التي تعصف بالعالم خلال السنوات المنصرمة، وتلك التي حصلت في تلك الحقبة التي التقى فيها جلال الدين الرومي وشمس التبريزي، ولكي يلتصق القارئ بالفكرة المحورية التي تناقشها الكاتبة فقد اضطرت للكتابة بلغة مباشرة، تقول "كان القرن الثالث عشر، المفعم بالصراعات الدينية، والنزاعات السياسية، والصراعات الإنهائية على السلطة، فترة مضطربة في منطقة الأناضول. ففي الغرب، احتل الصليبيون القسطنطينية وعاثوا فيها فسادا وهم في طريقهم لاحتلال القدس، وفي الشرق، انتشرت جيوش المغول بسرعة كبيرة بقيادة القائد العسكري العبقري جنكيزخان. وفي الوسط، كانت القبائل التركية المختلفة تتحارب في ما بينها، كان المسيحيون يقاتلون المسيحين، والمسيحيون يقاتلون المسلمين، والمسلمون يقاتلون المسلمين"، وتقدم الروائية صورة مكثفة بقولها، فحيثما ولّى المرء وجهه، كان هناك اقتتال وألم وخوف شديد لما يمكن أن يحدث بعد ذلك.
بينما يسافر شمس التبريزي من بغداد إلى مدينة قونية للقاء جلال الدين الرومي في رحلة غريبة وشديدة الاثارة، فإن رحلة اخرى تبدأ احداثها وفصولها المثيرة بين سيدة أميركية يهودية تعيش في وضع أسري هادئ ومنضبط، بعد تكليفها بقراءة مخطوطة رواية عنوانها " الكفر الحلو" من قبل دار نشر لتتخذ قرار بنشرها ضمن اصداراتها، هذه الرواية تتحدث عن العلاقة بين الرومي والتبريزي، وتبدأ عاصفة مثيرة بين هذه السيدة وكاتب الرواية بعد التواصل فيما بينها عبر البريد الإلكتروني لتتطور إلى لقاء بعد سفره من مكان بعيد لمقابلتها.
تتطور الأحداث بصورة متوازية في حقبتين متباعدتين، وتتأثر السيدة بما انطوت عليه العلاقة بين الرومي والتبريزي وتوثق قواعد العشق التي وضعها الرجلان العلاقة مع مؤلف الرواية، لتنفصل من زوجها وتذهب مع الرجل إلى مدينة قونية التي عاش فيها التبريزي والرومي.
وتعتمد الروائية تلك القواعد لتبثها في سياق أحداث كثيرة، وكأنها تنادي بصوت عميق، ليتمسك العالم بالعشق وبالمحبة ويحصل الناس على حقوقهم في كل مكان.