[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
إن البحث في تاريخ يهود العراق يتطلب الغوص عميقا في هذا التاريخ الذي يمتد إلى أمد بعيد، وعندما نتحدث عن التاريخ القريب فإننا نشير إلى الجهود التي بُذلت لإحداث شرخ في هذا التاريخ سرعان ما تصاعد ليقطع ذلك وينهي وجود اليهود في بلاد الرافدين، إذ تقول المعلومات أن سبعة من اليهود العراقيين ما زالوا في العراق وكان عددهم قبل الغزو الأميركي 38 فردا ولهم هيئة إدارية في شارع النهر ببغداد كما أنهم يؤدون صلواتهم في كنيس (ميئير طويق) في منطقة البتاويين ببغداد.
شلومو هيلل، شاب يهودي أول من خطط ونفذ أول عملية تهجير للشباب اليهودي من العراق قبل أن يكون التهجير رسميا، وشغل بداية ثمانينات القرن الماضي منصب رئيس الكنيست الإسرائيلي، يكتب خاطرة يصف فيها مشاعره عندما غادرت الطائرة التي هربت اليهود من بغداد يقول:
"الصقت وجهي إلى زجاج نافذة الطائرة، ونظرت إلى بغداد، تلك المدينة التي ولدت فيها، وأمضيت فيها سنوات عمري الأولى، وإلى نهر دجلة الذي أحببته لقد اختفيا عن ناظري بسرعة، ولم أعد أراهما ثانية، وبعد أكثر من نصف قرن من قيادته لعمليات تهجير يهود العراق، رد على ما قاله الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلنتون في مقابلة مع القناة الإسرائيلية الأولى (ايلول/سبتمبر2000) وما أكده ايهود باراك في مقابلة مع دان مرغليت في الأسبوع نفسه، من أن هناك اتفاقاً على الاعتراف بيهود البلاد العربية كلاجئين، وقال هيلل (أنا لا انظر إلى هجرة يهود الدول العربية كعملية لجوء لقد جاءوا لأنهم ارادوا أن يكونوا صهاينة).
ومع أن عملية تهجير يهود العراق أسفرت عن هجرة 124 الف يهودي، من بينهم حوالي عشرين الفاً بطريقة التهريب، إلا أن ذلك لم يسدل الستار على تاريخ اليهود في العراق الذي يعد مثار جدل وخلاف بين الكثير من المؤرخين والباحثين.
ومن أهم تلك النقاط ما يقوله المؤرخون اليهود من أن وجودهم في ارض العراق كان منذ زمن إبراهيم الخليل، ويفند هذا الرأي العلامة د.احمد سوسه الذي يقول (إن اليهود ظهروا في العراق أول مرة في عهد الآشوريين في أواخر القرن الثامن واوائل القرن السابع قبل الميلاد وذلك عندما (سباهم) الآشوريون ونقلوهم إلى بلاد آشور كأسرى أي بعد عصر إبراهيم الخليل بألف ومائتي سنة وبعد النبي موسى بستمائة سنة.(د.احمد سوسه ملامح من التاريخ القديم ليهود العراق ص16).
ويعيد اليهود تاريخهم في العراق إلى المرحلة التي سبقت خروج إبراهيم الخليل، اذ يقولون، إن أربعة آلاف شخص هاجروا معه، وليس ثمة أي سند تاريخي يؤكد هذه القصة، وتؤكد التوراة بكل صراحة أن إبراهيم الخليل هاجر من العراق بمفرده ومعه ساراي (سارة) امرأته ولوط ابن أخيه (تكوين 12: 1 ؛ 24: 4-5).
ويذكر ابن كثير في (البداية والنهاية ص174) أن إبراهيم الخليل هاجر إلى حران ثم الى ارض الشام، ويقول في ص150، أنه ترك بلاده وأهله وأقرباءه وهاجر إلى بلد يتمكن فيه من عبادة ربه عز وجل، ولم يرد ذكر لمجموعة مع إبراهيم الخليل سوى ما حدده ابن كثير بقوله (إن إبراهيم الخليل خرج من أرض بابل، هو وابن أخيه لوط وأخوه ناحور وامرأة إبراهيم سارة وامرأة أخيه ملكا فنزلوا حران). ويقول المؤرخ –ابن الأثير في موسوعته (الكامل في التاريخ): وآمن له لوط بن هاران وهو ابن أخي إبراهيم، وكان لهم أخ ثالث يقال له ناخور بن تارخ، وامنت به سارة ابنة هاران الأكبر عم إبراهيم، وقيل كانت ابنة ملك حران فامنت بالله تعالى مع إبراهيم (المجلد الأول ص57).