[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/tarekashkar.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]طارق أشقر [/author]
بتوقيع اتفاقية إنشاء كرسي غرفة تجارة وصناعة عمان للدراسات الاقتصادية بين الغرفة وجامعة السلطان قابوس، يكون الطرفان قد أخذا قصب السبق في الاتجاه نحو شراكة "أكاديمية علمية" بين المؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص، مما قد يسهم على المدى البعيد في تحريك وإخراج الكثير من الدراسات والبحوث الأكاديمية من أدراجها لتأخذ طريقها نحو التطبيق واستفادة المؤسسات الصناعية منها.
وبالنظر إلى أهدافه المعلنة لدعم التطور الاقتصادي عبر إجراء الدراسات التطبيقية والتحليلات الاقتصادية وإنشاء قواعد البيانات لصالح العمليات البحثية والتحليلات الاقتصادية، تكون بذلك المؤسسات الأكاديمية قد وجدت معينًا لها من جانب القطاع الخاص إلى جانب الحكومة بما يساعدها على تنزيل رؤاها الأكاديمية وتوصياتها العلمية ذات العلاقة بالأداء الاقتصادي وقضايا العمل التجاري والمالي إلى أرض الواقع بشكل أكثر سهولة، طالما سيكون القطاع الخاص الشريك المباشر لها بالمال والفكرة.
وبهذا يمكن لكرسي الغرفة أن يبشر بالكثير من الآفاق الاقتصادية والعلمية لصالح قطاع البحث الأكاديمي بالجامعات، ولصالح الشركات بمختلف قطاعاتها، حيث ستسهم هذه المبادرة بشكل أو بآخر في زيادة ميزانيات البحث العلمي عبر تعزيز تمويلها من القطاع الخاص، لتكون بذلك نموذجًا عمانيًّا خاصًا في الاهتمام بتمويل البحوث بما يمكن وصفه بأنه جزء من استجابة لدعوات الكثير من الأكاديميين في جميع أنحاء المنطقة العربية إلى ضرورة زيادة الميزانيات المرصودة لتمويل البحث العلمي بالمنطقة.
ومع اتساع دائرة الأمل في زيادة الميزانيات البحثية في ظل ما بدا من خطوات عملية تؤكد رغبة القطاع الخاص المحلي في الإسهام في هذا الجانب، فإنه يمكن لهذا القطاع وعبر مبادرة كرسي الغرفة أن يوسع في مستوى التواصل مع المؤسسات الأكاديمية العليا كجامعة السلطان قابوس وغيرها للاستعانة بها في التعاطي العلمي مع الكثير من مشروعاته الاقتصادية والتجارية الكبرى، كالتي تتسم بالصبغة الاستراتيجية وتحتاج إلى قواعد بيانات تفصيلية تتعلق بالتنبؤات الاقتصادية فيما وراء السنوات المقبلة، خصوصا وأن السلطنة حادبة على تعزيز قدراتها على جذب الاستثمارات الأجنبية مع شركات عالمية كثير منها يستند في قراراته ودراساته على مؤسسات بحثية متمثلة في جامعات ومعاهد ومراكز بحث عالمية متخصصة ذاخرة بخبرات عريقة في البحوث ودراسات الجدوى.
كما أن هذا المستوى من التواصل يمكنه أيضًا أن يفتح الطريق أمام المزيد من التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص بهدف مساعدة الأولى في مدها بما تحتاجه من بيانات نابعة من الميدان تساعدها على مواءمة ما تضعه من مناهج دراسية وتخصصات لتواكب احتياجات السوق المحلي المتجددة من الوظائف والمهارات الفنية والمهنية منها، لتكون بذلك المؤسسات الأكاديمية الداعم الحقيقي لسوق العمل عبر رفده بالمهارات التي يحتاجها، ومن يمكن تعزيز اتجاهات العمل على تسكين الخريج الجامعي في المكان الذي يتناسب مع مؤهلاته ويزيد بالتالي من العائد الفعلي لأداء الخريج الجامعي في وقت قصير من مباشرته للعمل.
وعلاوة على كل ذلك فإن كرسي الغرفة للدراسات الاقتصادية يمكنه أن يصبح رديفًا ومعينًا للكثير من المفاهيم والتجارب الاقتصادية ذات الخصوصية العمانية والبعد الاستراتيجي المهم مثل "التعمين" و" الرؤية المستقبلية للاقتصاد العماني 2020" و"تنفيذ" و"سياسات التنويع الاقتصادي" وغيرها من الرؤى والتجارب التي حققت نجاحات ملموسة كل في مجاله، لذلك فإن وجود مثل هذا الكرسي يمكنه أن يعزز من نجاحات تلك التجارب من خلال تقييمها وتقويم ما يحتاج منها للتقويم كونها تجارب إنسانية ميدانية ذات علاقة بالمتغيرات الاقتصادية فضلاً عن تعزيز مخرجاتها الإيجابية والدفع بها للأمام وتعظيم فوائدها.