تتعدد أوجه السياحة في بلادنا بين السياحة التراثية والسياحة البيئية والسياحة الصحراوية، ويعكس هذا التعدد تنوع المقومات التي تتمتع بها السلطنة وقدرتها على الجذب السياحي.
فلا يعدم الأمر إضافة مزايا لا تقل أهمية لموقع السلطنة على خريطة السياحة البيئية، حيث تتحول بلادنا شيئًا فشيئًا إلى منطقة جاذبة لعشاق الطبيعة والمتعاطفين مع الجهود العمانية لحماية الأنواع المهددة بالانقراض وبخاصة السلاحف بأنواعها المختلفة التي تجد في بيئة السلطنة البرية والبحرية مكانًا مفضلًا للتكاثر، وتعد محميات السلاحف العمانية ومنها محمية رأس الحد، نموذجًا بديعًا لنجاح الدراسات والجهود ذات الصلة بحماية البيئة وصيانة الموارد الإحيائية. كما تعد محمية المها العربي والمحميات الطبيعة كمحمية جبل سمحان ومحمية جزر الديمانيات، ومحمية السليل الطبيعية إضافة قيمة إلى مقومات السياحة في السلطنة. أما السياحة التراثية فبلادنا لا تزال تحافظ على ألقها، وجذب اهتمام السياح والمقيمين والزوار، والتي تبرز ملامح موروثنا الثقافي والحضاري، لا سيما في الصناعات التقليدية اليدوية التي تحمل بصمات الحرفي العماني الماهر، ويتهافت على اقتنائها الزوار الأجانب، كأعمال إبداعية ذات طابع محلي تذكرهم بأيام لا تنسى عاشوها في السلطنة، حيث تبقى جماليات التراث بمختلف أنواعه في ماضيها وحاضرها محفورة في أفئدتهم. وعلى صعيد السياحة الصحراوية والجبلية لم يختلف الأمر عن باقي الأصعدة؛ فعشاق التخييم في رمال السلطنة الذهبية، وهواة المغامرات الجبلية يواصلون تسجيل ذكرياتهم، ويكررون زياراتهم لما وجدوه من متعة وهدوء وأمن وطمأنينة.
هذا الحراك السياحي النشط لم يغب عن الرصد الدقيق من قبل الجهات المعنية بالتوثيق والإحصاء والمتابعة، والجهات المعنية بالسياحة والضيافة، في الداخل والخارج. فقد ارتفع إجمالي نزلاء الفنادق ذات التصنيف (3 ـ 5) نجوم في السلطنة بنهاية شهر نوفمبر 2016 إلى 1.3 مليون نزيل مقارنة مع 1.1 مليون نزيل خلال نفس الفترة من العام 2015 وبنسبة ارتفاع بلغت 21.3 بالمئة، حسب النشرة الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات. أما دوليًّا فقد أشاد تقرير شركة (كوليرز إنترناشيونال) العالمية ـ العاملة في قطاع الضيافة والترفيه والمنتجعات الصحية والتي يقع مقرها الرئيسي في تورنتو بكندا ـ على موقعها الإلكتروني بالنمو القوي لقطاع السياحة في السلطنة خلال الأعوام الماضية، متوقعًا استمرار هذه الوتيرة من النمو إثر الاستثمارات الضخمة التي تضخها الحكومة في هذا القطاع، فضلًا عن وجود مرافق البنية الأساسية الداعمة له بهدف تنمية موارد الدخل. ويقف التقرير على حجم الجهود التي تبذلها السلطنة لتطوير القطاع السياحي وجعله قبلة جاذبة، مؤكدًا أنه على الرغم من المنافسة التي تواجهها السلطنة من قبل الوجهات السياحية الإقليمية الأخرى فإنها استطاعت أن تميز نفسها كمركز سياحي فريد من نوعه، حيث تضم بين جنباتها العديد من المعالم البيئية والثقافية والتراثية الجاذبة للسياح بما فيها 4 مواقع تراث عالمية مصنفة من قبل منظمة (اليونسكو)، في حين تستهدف الاستراتيجية السياحية زيادة مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي من 7ر2 بالمئة في عام 2015 إلى 6 بالمئة عام 2040. بالإضافة إلى الارتفاع في عدد المسافرين القادمين عبر المطارات والبالغ 17 بالمئة حتى نهاية شهر ديسمبر 2016م، ومن المتوقع أن يرتفع عدد السياح والزوار مع بدء شركة الطيران العمانية الاقتصادية الجديدة (طيران السلام) في تقديم خدماتها، والتوسعات الكبيرة في مطار مسقط الدولي ومطار صلالة.
ورغم كل التطور اللافت في قطاع السياحة، ورغم الجهود المبذولة في مجال الترويج السياحي، إلا أنه لا بد لنا من التواضع بأننا لا نزال بحاجة إلى مزيد من الجهود باعتبارنا دولة ناشئة في مجال الترويج السياحي، وبحاجة لمزيد من الاحتكاك مع الدول ذات الخبرة العريضة في هذا المجال، وهي دول لا تملك من المقومات السياحية قدر ما نملك من تنوع ووفرة في هذه المقومات، ومع ذلك تعتمد هذه الدول اعتمادًا كليًّا على السياحة كمورد أساسي للاقتصاد الوطني.