إن أفضل استثمار لأي دولة كانت على وجه البسيطة، هو الاستثمار في النشء، فهم إن كانوا أبناء الحاضر، فهم رجال المستقبل، وعماده، وهم ثرواتنا التي تمشي على الأرض، وهم زينة الحياة الدنيا، وبسواعدهم تنهض الأمم، فبناء جيل من الشباب يملك الوعي ويعرف قيمة وطنه، هو غاية المراد، لذلك فقد بذلت السلطنة في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ، جل ما تستطيع لدعم الجيل الصاعد، وسعت إلى تعزيز مكتسباته، التي أعطتها إياه النهضة المباركة، من العلم والمعرفة، وتقوية ملكاته في الإبداع والإنتاج، وزيادة مشاركته في مسيرة التنمية الشاملة.
ولما كان التعليم هو الركيزة الأساسية للتقدم والتطور، ولإيجاد جيل يتحلى بالوعي والمسؤولية، ويتمتع بالخبرة والمهارة، ويتطلع إلى مستوى معرفي أرقى وأرفع، فإن واجبنا أن نحمي هذا الجيل عندما يتلقى علمه، ونسعى لترسيخ العادات والمفاهيم السليمة التي تحفظه دومًا، وترتقي بمستواه، ومن هذا المنطلق نشد على يدي وزارة التربية والتعليم لما تقوم به من جهد محمود، في رعاية أطفالنا وشبابنا في مدارسها.
فتوقيع اتفاقية إطلاق المشروع الوطني "نظام درب السلامة" لإدارة حافلات المدارس بالسلطنة وتتبعها، يعد أفضل استخدام للتقنيات الحديثة في حماية بناة المستقبل، حيث تقدم الاتفاقية حلولًا مبتكرة في حافلات المدارس، وذلك عبر أنظمة اتصالات وتكنولوجيا معلومات متطورة وحديثة، تعتمد على إنشاء قاعدة بيانات ومعلومات خاصة وفق أحدث الأنظمة المعمول بها عالميًّا، وربطها مباشرة مع قاعدة بيانات البوابة التعليمية الخاصة بوزارة التربية والتعليم من خلال الشبكات المتكاملة التي توفرها عمانتل، لتقوم الوزارة فيما بعد بإدارة المشروع والإشراف عليه.
‎ومما يؤكد حرص الحكومة على توفير كل ما من شأنه توفير البيئة الصحية السليمة التي تتوافر بها جوانب الأمن والسلامة لأبنائنا الطلبة والطالبات، بجانب اتفاقية تنفيذ "نظام درب السلامة"، تأتي إقامة دراسة النمط الغذائي الصحي بالمجتمع بناءً على توصيات لجنة الأمن الغذائي الوزارية، حيث يتم اتخاذ الخطوات العملية لتوزيع وجبة مدرسية صحية متكاملة على عينة من طلاب المدارس، بحيث تشمل ثلاث مدارس من الحلقة الأولى كمرحلة تجريبية، على أن يتم تقييم التجربة ومن ثم التوسع فيها وتعميمها تدريجيًّا وفق البيانات الاسترشادية والبحوث والمسوحات العلمية التي تتوافر لدى وزارتي التربية والتعليم والصحة، حيث يهدف المشروع إلى تغيير نمط الاستهلاك المحلي للمواد الغذائية، بحيث يتم تغيير ثقافة الاستهلاك الحالية والتوجه التدريجي نحو الغذاء الصحي لدى فئات الشباب بوجه عام، وطلاب المدارس بصفة خاصة من أجل رفع الوعي الصحي لأبنائنا الطلبة وبناتنا الطالبات. وبناء على مخرجات هذا المشروع الريادي سيتم تقييم التجربة ووضع الأسس لبناء استراتيجية واضحة لمشروع الوجبة المدرسية والذي يمكن تعميمه بشكل أوسع متى ما توافرت الإمكانات لتنفيذه.
إن هذا الاهتمام بجيل المستقبل، وتأمينه والتأكد من سلامة دربه، وصحية غذائه، يأتي ليؤكد أن السلطنة مدركة لتحديات المستقبل، وتسعى لمواجهتها، من خلال جيل معافى وواعٍ، نسعى جميعًا لحمايته، فكما قال جلالة القائد الأب ـ أبقاه الله: (الإنسان هو حجر الزاوية في كل بناء تنموي، وهو قطب الرحى الذي تدور حوله كل أنواع التنمية، إذ إن غايتها جميعًا هي إسعاده وتوفير أسباب العيش الكريم له، وضمان أمنه وسلامته، ولما كان الشباب هم حاضر الأمة ومستقبلها، فقد أوليناهم ما يستحقونه من اهتمام ورعاية على مدار أعوام النهضة المباركة، حيث سعت الحكومة جاهدة إلى أن توفر لهم فرص التعليم والتدريب والتأهيل والتوظيف)، وبدرب السلامة، وسلامة الغذاء الصحي، يتضح مضي الحكومة قدمًا في ظلال الفكر والتوجيه السامي، لإعداد جيد لبناء المستقبل، حتى تظل نهضتنا المباركة تنمو وتزدهر، فإن كنا حلقة في تنمية النهضة، فواجبنا هو الاستعداد للمستقبل والإعداد له ببناء أبنائه.