[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/haithamalaidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]هيثم العايدي[/author]
هيثم العايدي
[email protected]
تشكل العملية الموسعة التي يخوضها الجيش المصري في منطقة جبل الحلال المتاخمة لشمال سيناء، حيث قام بتطهير كهوف ومغارات ومدقات الجبل من الإرهابيين، مرحلة جديدة من مراحل الحرب الجارية في شمال سيناء، من بين مظاهرها ما قام به الإرهابيون من عمليات معاكسة سعيا لتخفيف وقع خسارة منطقة شكلت عمقا لهم ومنطلقا للقيام بعملياتهم بالتزامن مع مزاعم بوجود صفقات لتفريغ القضية الفلسطينية على حساب جزء من سيناء.
ففي الأسبوع الماضي أعلنت القوات المسلحة المصرية استمرار عمليتها لمداهمة وتدمير البؤر الإرهابية بمنطقة جبل الحلال، مع اقتحام مجموعة من الكهوف الجبلية عثر بداخلها على 3 ورش لتصنيع العبوات الناسفة، تحتوي على أجولة من مواد كيميائية، تستخدم في تصنيع العبوات الناسفة ومجموعة دوائر تفجير كهربائية، وكذلك تدمير مغارة جبلية عثر بداخلها على دراجات نارية وسيارات دفع رباعي وقطع غيار مواد إعاشة للعناصر الإرهابية، إضافة لمساحات مزروعة بالمخدرات.
ويشير ما تم تدميره خلال هذه المداهمات إلى أن جبل الحلال ـ الواقع على بعد 60 كيلومترا جنوب مدينة العريش والمرتفع نحو 1700 كيلومتر فوق سطح البحر ـ قد مثل للإرهابيين ومن قبلهم تجار السلاح والمخدرات عمقا استراتيجيا، ومركزا للعمليات والتدريب والإعداد للهجمات، وذلك نظرا لوقوعه ضمن المنطقة (ج) التي كان من الممنوع إدخال القوات المصرية لأسلحة ثقيلة فيها بموجب اتفاقية كامب ديفيد، كما أن طبيعته الوعرة تجعل تطهيره من الإرهابيين أمرا صعبا.
وقد دفع الاختراق الذي حققه الجيش المصري في جبل الحلال الإرهابيين في البداية إلى محاولة خلط الأوراق وذلك بإطلاق صواريخ على إسرائيل، آملين في رد إسرائيلي يحرج مصر ويعوض خسائرهم عبر إبقائهم في صورة الأحداث، حتى إن المنصات الإعلامية الموالية لهم اتخذت ما وصف بسخرية من وزير الجيش الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان حينما سئل عن تنفيذ عملية بسيناء، حيث قال إن قوات خاصة من لختنشتاين هي من نفذت الهجوم.
وفيما يبدو أنها خطة متكاملة يقوم فيها كل طرف بالدور المرسوم له برزت مزاعم أخرى عن صفقة يرعاها الرئيس المصري بنفسه تقوم على توطين الفلسطينيين بسيناء مقابل تخليهم عن أراضيهم المحتلة، وهو أمر مرفوض من قبل المصريين والسلطة الفلسطينية على حد سواء، ولم يظهر أي مقترح رسمي بهذا الصدد باستثناء ما صرح به الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأنه تلقى عرضا بهذا الصدد من الرئيس المعزول محمد مرسي وتم رفضه.
أما التطور الأبرز بعد عملية جبل الحلال فيظهر في إقدام الإرهابيين على تكثيف ضرباتهم على الحلقة الأضعف في سيناء، والمتمثلة في المواطنين المدنيين، وذلك لإظهار قوة وتواجد بعد خسائر وهزائم، خاصة وأن الإرهابيين انتقوا مواطنين مصريين مسيحيي الديانة منفذين بحقهم عمليات قتل وحرق للمنازل، ما دفع بأعداد كبيرة على ترك منازلهم بالعريش والانتقال إلى مدينة الإسماعيلية.
وفي هذا الصدد يؤخذ على الدولة المصرية البطء في التحرك تاركة الساحة لمزيد من العبث؛ أولها إعلامي باستخدام مصطلحات كلاجئين أو نازحين وكأن هؤلاء تركوا بلادهم إلى دولة أخرى، كما أن قيام الكنيسة بتولي ملف إعاشة من تركوا منازلهم حتى وإن كانوا من أصحاب الديانة المسيحية هو أمر يشير إلى تقصير من قبل الدولة، وهو أمر تم تداركه ولكن بعد وقت من خلال اجتماعات حكومية وقرارات بالتسكين لحين حل المشكلة الأمنية.
وإذا كان الإرهاب في منطقة من شمال سيناء هو أمر يعاني منه جميع المصريين فإن التفكير في إخلاء مناطق العمليات من المدنيين لحمايتهم من جهة، وحرمان الإرهابيين من الحواضن الآمنة التي تتخفى تحت صفة المدنيين من جهة أخرى بات أمرا واجبا بعد ضرب ملاذات الإرهابيين في جبل الحلال.