إن معظم الآباء والأمهات يدركون الخطأ في ترك أطفالهم يستخدمون الشبكات الاجتماعية، ويعملون على تتبع مواقعهم وأنشطتهم، وبالفطرة كثير منهم لا يرغب حتى في نشر صور أطفالهم على الإنترنت ـ وهذا ربما من الحكمة لأن أنشطتهم قد يتم تتبعها، ويمكن لأشخاص سيئين الحصول على أو الوصول إلى البيانات.

ما مدى خطورة لعبة الدب أو الدمى؟ في عصر الإنترنت، هذا ليس سؤالا فارغا، ولكنه أحد الأسئلة التي ينبغي للآباء والأمهات والمشرعين التفكير فيه بجدية.
فقد كشف تروي هانت، خبير الأمن السيبراني الأميركي، عن وجود مشكلة مع ألعاب CloudPets، وهي سلسلة من الألعاب المحشوة التفاعلية للأطفال المصنوعة من قبل شركة أميركية تدعى Spiral Toys. فهذه الألعاب تسمح للآباء بالتواصل والتحدث مع أطفالهم عن بعد. وقد تم تسجيل المحادثات وتخزينها ـ بجانب كلمات السر المشفرة للمستخدمين ـ على خادم غير محمي لشركة رومانية تسمى mReady ، وكانت كلمات السر من السهل خرقها.
استمع هانت لبعض هذه الرسائل ـ أشياء تافهة يود الأطفال قولها لآبائهم. إن أي شخص خبيث كان يمكن أن يعرف كيف يتواصل مع الأطفال، وعلى ما يبدو، تم تحديد موقع قاعدة البيانات عشرات المرات باستخدام محرك بحث يكتشف الأجهزة المتصلة، وجرت محاولات لاحتجاز سبيرال تويز للحصول على فدية.
لقد كان الأمر عبثا: فوفقا لتقرير فصلي أصدرته الشركة في صيف عام 2016، قامت الشركة الصغيرة الخاسرة بالتوقف عن صنع الألعاب، وهذا، بالطبع، لم يحل المشكلة بالنسبة للآباء والأمهات الذين لا يزال لديهم ألعاب CloudPets في منازلهم.
هذه ليست المرة الأولى التي يتم العثور على ألعاب على اتصال بالإنترنت تعرض الأطفال للخطر بهذه الطريقة، ذلك أن لعبة كايلا (Cayla)، وهي دمية من صنع شركة جينسيس تويز، تسمح للغرباء ـ في الظاهر هم من المعلنين ـ بالتحدث مباشرة مع الأطفال.
وهناك لعبة أخرى من صنع جينسيس تسمى I-QUE ذُكرت مع Cayla في شكوى إلى لجنة التجارة الاتحادية في الولايات المتحدة، في حين قامت وكالة الشبكات الاتحادية الألمانية بحظر صريح للعبة، بدعوى أنها في الأساس جهاز تجسس، مشيرة إلى أنها قامت باختبار ألعاب أخرى متصلة بالإنترنت.
وهناك شركة أكبر من ذلك بكثير هي Mattel التي وضعت قائمة طويلة من الأسئلة المتداولة تهدف إلى إقناع الآباء والأمهات أن دميتها هاللو باربي الموصولة بشبكة الإنترنت آمنة. وفي عام 2015، ادعى الباحث الأمني مات ياكوبوفسكي أنه قد اخترق تلك اللعبة، مما أتاح له الوصول إلى الملفات الصوتية وبيانات الموقع.
إن معظم الآباء والأمهات يدركون الخطأ في ترك أطفالهم يستخدمون الشبكات الاجتماعية، ويعملون على تتبع مواقعهم وأنشطتهم، وبالفطرة كثير منهم لا يرغب حتى في نشر صور أطفالهم على الإنترنت ـ وهذا ربما من الحكمة لأن أنشطتهم قد يتم تتبعها، ويمكن لأشخاص سيئين الحصول على أو الوصول إلى البيانات. ولكن البادي أن هناك اهتماما أقل عند شراء جميع أنواع الألعاب التي على اتصال بالإنترنت، والبعض منها، إذا اخترق، يجعل الحياة سهلة ـ إن لم تكن مثيرة ـ للمطاردين. فقد تعرضت شركة VTec، وهي الشركة التي تصنع Kidzoom DX - - وهي نوع من الساعات الذكية للأطفال، وكانت مشهورة خلال موسم العطلات الأخير ـ لاختراق في عام 2015، ووفرت بيانات عن مئات الآلاف من الأطفال الذين استخدموا ألعاب أجهزة الحاسوب المحمولة التي أنتجتها الشركة.
بالطبع فرص البلطجة والابتزاز وحتى الخطف باستخدام اللعب المتصلة بالإنترنت لا حصر لها، لكن المعلومات الخاصة بالكبار هي أيضا عرضة للخطر من تلك الألعاب: فهذه اللعب يمكن أن تكون قنوات في الشبكات المنزلية، وثمة حالة معروفة تم فيها استخدام لعبة روبوت متصلة بالإنترنت لالتقاط صورة من مفاتيح شقة أحد الأشخاص.
غني عن البيان أن كل شيء متصل بالإنترنت ـ سواء منظم حرارة، أو نظام الإنارة المنزلية، أو سيارة ـ يمكن أن يكون غير آمن، ولكن الكبار من المفترض أنهم مؤهلون للتعامل مع المخاطر، بيد أنهم يعرضون أطفالهم لهذه المخاطر بمعدل متزايد. ففي أواخر عام 2015، قدر مركز جونيبر للأبحاث حجم سوق الألعاب الذكية في تلك السنة بنحو 2.8 مليار دولار، وتوقع أنه سيبلغ 11 مليار دولار في عام 2020. فآباء الألفية هم معقد آمال صناع الألعاب: فهم يسمحون لأطفالهم بمزيد من الوقت أمام الشاشة أكثر من الأجيال السابقة من الأمهات، وهم يثقون بالتكنولوجيا عموما، وبشركات التكنولوجيا، أكثر بكثير من أناس في سن متناظر من أي وقت مضى. وبحسب BSM Media، وهي شركة متخصصة في مجال التسويق للأمهات، فإن 38 في المئة من الأمهات يشترين الألعاب المتصلة بالإنترنت لأنها "تبدو تعليمية".
مثل معظم البيانات التي نتبرع بها طوعا لشركات الإنترنت فإن بيانات أطفالنا ربما لن تستخدم لأغراض شريرة، لكن خرقا واحدا يكفي لتغيير ذلك، ويهوي بالعائلة إلى الجحيم، وإذا لم يدرك الآباء ذلك، فإنه العبء يقع على الجهات التشريعية للتأكد من حماية الأطفال.


ليونيد برشيدسكي
كاتب عمود بخدمة بلومبرغ فيو، ومؤسس صحيفة فيدوموستي الاقتصادية الروسية، وموقع Slon.ru
خدمة واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز ـ خاص بـ"الوطن"