مع التقدم الميداني اللافت للجيش العربي السوري، سواء في مدينة حلب واستمرار ملاحقته الإرهابيين فيما تبقى من قرى وجيوب، وإعادة الأمن والأمان إليها أو الوصول إلى مناطق جديدة كان ينظر إليها من قبل على أنها باتت خارج السيطرة، يثبت الجيش العربي السوري أنه القوة الأوحد على الأرض القادرة على محاربة الإرهاب، وأنه يبقى القوة المقبولة من قبل مكونات الشعب السوري. وما يؤكد ذلك أن الجيش العربي السوري استطاع أن يصل لأول مرة منذ أربع سنوات إلى الضفة الشرقية لنهر الفرات، وحسب الفريق سيردي ردوسكوي قائد إدارة العمليات العامة في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، فقد سيطرت قوات الجيش العربي السوري على 15 كيلومترًامن شاطئ نهر الفرات، كما سيطرت على محطة تنقية المياه، في حين تستمر في هجومها على الإرهابيين على طول الضفة الغربية للفرات. وهذه الإنجازات تضاف إلى رصيد الجيش المتمثلة في استعادة مدينة تدمر من تنظيم "داعش" الإرهابي، وتطهير عشرات القرى في ريف حلب، واستعادة مطار كشيش، حيث يقترب الجيش العربي السوري رويدًا رويدًا من محافظة الرقة التي اتخذها تنظيم "داعش" عاصمة له، ومنطلقًا لإرهابه، فضلًا عن الموقف اللافت للمكون الكردي في مدينة منبج بتفضيلهم الجيش العربي السوري على أي قوة أخرى بدخول المدينة وتسليمهم القرى التي على تماس من الحدود التركية، وذلك لتفادي أي عملية عسكرية تركية تهدف إلى ملاحقة الأكراد في منبج.
إن هذا التقدم يرسم خرائط وإحداثيات جديدة على أرض الميدان بما يرفع سقف الأمل بأن تكون مؤشرًا على تقدم مماثل في الجانب السياسي على طاولتي "أستانة" و"جنيف" خلال هذا الشهر، وتتعزز النتائج التي خرج بها المؤتمران من قبل، والالتقاء عند نقاط اتفاق وفق نصوص مواد قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2254) والنتائج الأخيرة المتمثلة في محاربة الإرهاب، ووضع خريطة موحدة تظهر المناطق التي تتركز بها التنظيمات الإرهابية مثل "داعش" و"النصرة"، وتغليب لغة العقل والمنطق وعدم القفز على حقائق الأشياء أو القفز على نصوص القرار الأممي، والتمسك بأهداب المشتركات في الرؤى والأفكار، والابتعاد عن كل ما من شأنه عدم خدمة الحل السياسي الذي ينتظره الشعب السوري، بل جميع السوريين بفارغ الصبر.
غير أن هذا لا يعني أن الأوضاع غدت مهيأة، والطرق باتت ممهدة نحو الحل السياسي، وأن النجاح فيها أصبح أسهل ويمكن قطافه في جولة واحدة من المحادثات أو الجولتين، فالشيطان لا يزال كامنًا في التفاصيل، ولا يزال يروح ويجيء ويتردد على عواصم القرار والنفوذ والتدخل بهدف الإرباك والتشويش وخلط الأوراق، فلم يهدأ له بال بعد حتى يرى سوريا أثرًا بعد عين، ولكن هذا لن يتأتى له، لأن من صمد طوال ست سنوات قادر على المواصلة حتى النهاية وإلحاق الهزيمة بالأعداء والمتربصين، هكذا يقول لسان حال كل سوري شريف.