[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/adelsaad.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عادل سعد[/author]
هل نجحت (صفقة عاطفية) في إزاحة التجهم والحزن من وجوه عراقيين؟ ما جرى أن مجموعة من الشباب الجامعيين العراقيين جابوا شارع المتنبي (سوق مزاد الكتب وسط بغداد) يوم الجمعة الأولى من العام الجديد 2014 وقدموا التفاح للمارة ثمنًا لابتسامات، كانوا يحملون سلالًا عديدة من هذه الفاكهة، مع ملاحظة أن السلال والتفاح كانتا من البضائع (المستوردة) وربما دفعتهم إلى ذلك الآلية التنفيذية الدقيقة للحكمة العالمية التي تقول (أنر الزاوية التي أنت فيها)، وربما كانوا بذلك يبحثون عن فرح مغيب.
وبقدر ما كان لهذا الحدث الطريف شرعيته ضمن القواسم المشتركة للبحث عن بشارة حتى لو كانت في إطار آني وغريب فإننا في العراق نحتاج إليها من منطلقين أساسيين، الأول أننا نفتقدها كليًّا أو نسبيًّا. والمنطلق الثاني أنها باتت حاجة تحولت لضرورتها جزءًا من حياتنا اليومية.
لا أنكر أن هناك الكثير من الإضاءات المهمة في الحياة العراقية، ولكنها إضاءات لا تغطي الحاجة الفعلية للفرح والبشارة إذا أخذنا بعين التشخيص كم هي المشاكل التي تعاني العراق منها، فعلى الصعيد السياسي يكفي أنه ما زال التعاطي في الشأن السياسي بشخصنة واضحة وبالكثير من الادعاءات والتلفيق والاتهامات الباطلة، وتغيير المواقف على مدار الساعة في بعض الأحيان تبعًا للتشبث في هذا الموقع أو ذاك، تحت طائلة الخوف من اهتزازه أو افتقاده، ضمن اختلاطات يتبادل فيها المفهومان السياسيان (للربيع والخريف) مواقع عدة مما تسبب في تشوهات للعديد من الصور وتشوهت تبعًا لذلك معالم يومية دون أن يلتفت أصحاب هذه المواقف إلى الضرر الذي أصاب المواطن من جرائها، وبقدر ما يتعلق الأمر بالشأن المذكور أيضًا فإني على يقين تام أن الجزع، بل والقرف قد أصابا المشهد السياسي العام مما جعل صور الإحباط تتكرر آليًّا.
أما على الصعيد الاقتصادي فالمشكلة أعمق؛ لأن التنمية ما زالت تخضع لأحكام التجريب وليس الخط البياني الذي يتمسك بضرورة أن تكون طريقًا للبناء الاقتصادي الصحيح، إنها تنمية خالية من المعايير الصحيحة وتنقصها مفاتيح الترشيد بصيغته العامة، ولأنها أيضًا ما زالت تعتمد بالدرجة المطلقة على المردود المالي النفطي فقط، وكونها أيضًا لم تضع في الاعتبار تحقيق الاكتفاء الذاتي ضمن آلياتها حتى الآن.
للعراقيين أن يستبسلوا ومن ذات الآمال في (الإنارة) من أجل إيجاد مجالات راسخة من الفهم المشترك وتأسيس طاولات للحلول التي من شأنها أن تضع حدًّا للخصومات والتنكيل والتنزه في متاهات الأطلال، فلا شفاء من الموت السريري الذي يحكم بعض أوضاعنا السياسية والاقتصادية والإعلامية إلا بالخلاص من سطوة العنف والتعفف عن ادعاءات المظلومية، وكذلك الكف عن الترزق على الأخطاء.