بينما يواصل الشعب السوري الاستعداد لذلك اليوم المشهود من الاستحقاق الانتخابي الدستوري والتعبير عنه بمختلف اللغات وبكل الصور والألوان، يستمر الجيش العربي السوري من جانبه في تسطير ملاحم انتصاراته وملاحقة فلول الإرهاب وأدوات التقسيم وتطهير أرض سوريا من دنسهم.
ولطالما كان الشعب والجيش هما الركنين الأساسيين في بقاء الدولة السورية واختيار الأصلح في قيادة مراحل البناء والتطور، ومشاركته في بناء الحاضر ورسم صورة المستقبل، وإعانته على صون السيادة والاستقلال والحرية وحفظ الحقوق وتقدير الواجبات، فإنهما بذلك يشكلان تكاملًا وتناسقًا في رص لبنات المشروع الوطني التحرري لسوريا المستقبل.
جميلة تلك المظاهر التي تتبدى ألوانها وصورها على امتداد سوريا استعدادًا للانتخابات السورية حيث إيقاع المظاهر الاحتفالية يعبر عن المزاج السوري الحقيقي والوطني، ويبعث رسائل عديدة واضحة في الشكل والمغزى لكل متآمر وإرهابي ومرتزق ومراهن على الإرهاب في تمزيق الدولة السورية، أن المؤامرة انكشفت وافتضح أمرها، وأن سوريا باقية وطنًا شامخًا مستقلًّا.
لكن الأجمل في تلك الانتصارات اللافتة التي يحققها الجيش العربي السوري، والتي توجها أمس بفكفكة طوق الإرهاب عن سجن حلب المركزي والذي فرضته العصابات الإرهابية، حيث جاء هذا النجاح بعد تمكن وحدات الجيش وقوات الدفاع الوطني من السيطرة على بلدة حيلان المجاورة للسجن. ويأتي هذا الانتصار في حلب ردًّا مناسبًا ومتزامنًا على مساعي المتآمرين اليائسة في مجلس الأمن الدولي لإحالة ملف الأزمة السورية إلى المحكمة الجنائية عبر مشروع قرار قدمته قوى متآمرة، إلا أن صوت العقل والمنطق الروسي ـ الصيني دائمًا ما يحضر في مثل هذه الحفلات لتجار الحروب وعشاق الدماء البريئة لتحجيم الاندفاعة الجنونية للمتآمرين، وتكريسًا للجهود الروسية ـ الصينية القائمة لإنقاذ سوريا من مستنقعات الإرهاب والتدمير والخراب والتقسيم، حيث استخدمت كل من موسكو وبكين أمس حق النقض "الفيتو" ضد مشروع القرار الغربي الساعي إلى مد أمد المؤامرة، والمعبر في الوقت ذاته عن حالة اليأس التي تتملك المتآمرين من قوة صوت العقل والمنطق لحلفاء سوريا، وقوة صوت الحق ووقع الانتصارات لسوريا وشعبها وجيشها وقيادتها.
إن هذه الانتصارات كما لها مدلولاتها ووقعها المعنوي وأثرها الكبير لدى الشعب السوري وجيشه الباسل، فمن دلالتها أنها تعكس التحول الواضح في الدور الذي يلعبه كل من الشعب السوري وجيشه البطل، وتعبر عن التكامل الذي أكدنا عليه آنفًا، وفي الوقت ذاته لها أثرها النفسي الكبير لدى القوى المتآمرة والداعمة للإرهاب ضد الشعب السوري، والساعية بكل ما أوتيت من قوة على الفبركة وعلى اختلاق الحيل الكاذبة والمراوغة لتعطيل الانتخابات السورية ومنع الشعب السوري من ممارسة حقه الدستوري.
إذًا، حلب مثلما أنها تفتح صفحة جديدة في سجل انتصارات الجيش العربي السوري وتؤمن الأجواء للشعب السوري لممارسة حقه الدستوري والتصويت لمرشحيه، فإنها تطوي صفحة مؤلمة في سجل الإرهاب أو هي على طريق طيها، ظلت طوال الأزمة جبلًا جاثمًا على صدر سوريا والحلبيين خاصة، وبالتالي فإن هذه المدينة العريقة مع مدينة حمص وشقيقاتهما من المدن السورية ترسم معالم مرحلة جديدة تستعيد حضورها على دفاتر الدولة السورية وتفتح أذرعها لأهلها وأحبائها قائلة لهم: هلموا آمنين مطمئنين بفضل الله وبفضل جهود الجيش العربي السوري، فالطهر من الإرهاب قد حصل، والنقاء مما حاك في النفس بين بعض أبناء الوطن إلى زوال.
إن عناق أفراد الجيش العربي السوري أشقاءهم الذين كانوا محاصرين في سجن حلب المركزي، يعني أن خيار تقسيم سوريا الذي اشتغل عليه المتآمرون قد سقط، مثلما سقط رهان جعل حمص عاصمة لمؤامرتهم الإرهابية.