في عام 2010 زار الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي إيطاليا وهدد بتحويل أوروبا إلى إفريقيا إذا لم يحصل على 7 مليارات دولار. وأعلن القذافي أن حكومته تحتاج إلى مزيد من المال لوقف طوفان الأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى الذين يستخدمون ليبيا بوصفها نقطة عبور للبحر المتوسط إلى أوروبا. وقال القذافي وهو يقف بجوار سيلفيو بيرلسكوني "لا نعرف ما سيحدث، ماذا سيكون رد فعل الأوروبيين البيض والمسيحيين عندما يواجهون بذلك الطوفان من الأفارقة الجوعى والجهلاء... لا نعرف ما إذا كانت أوروبا سوف تبقى قارة متقدمة وموحدة أم سوف يتم تدميرها، كما حدث مع الغزوات البربرية."
وكانت التعليقات العنصرية الفجة تتعارض مع الخطاب السياسي الأكثر نمطية المتعلق بالوحدة الإفريقية، وإن كانت أظهرت أيضا أنه كان يعرف جمهوره. فربما ترغب الحكومات الأوروبية المنزعجة بشأن طوفان المهاجرين غير المصرح لهم أن تدفع له لإبقاء باب أوروبا مغلقا. وكانت الحكومة الليبية يتم اتهامها بتعريض المهاجرين لعمليات اعتقال غير محددة المدة وتعذيبهم.
وتستخدم الحكومة الجديدة في ليبيا لغة أقل فجاجة، لكن على ما يبدو فإن الرسالة الأساسية لا تزال كما هي: ادفع لنا من أجل إبقاء هؤلاء الأشخاص بعيدا عن قارتكم حسبما ورد في قناة الجزيرة الفضائية حيث قال صالح مازق وزير الداخلية الليبي في مؤتمر صحفي "فيما يتعلق بالهجرة غير القانونية، أحذر العالم والاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص، بأنهم إذا لم يتحملوا مسؤوليتهم معنا، فإن الدولة الليبية سوف يكون لها موقف في هذا الأمر والذي من شأنه أن يسهل المرور السريع لهذا الطوفان البشري عبر ليبيا بما جعلنا الله نقطة مرور لهذا الفيض البشري". كما أعلن مازق أن ليبيا تعاني لأن آلافا من الإفريقيين من جنوب الصحراء الكبرى ينشرون الأمراض والجريمة والمخدرات في بلده الواقعة في شمال إفريقيا وقال "إن ليبيا دفعت الثمن وجاء الدور الحين على أوروبا كي تدفع."
وصل أكثر من 22 ألف مهاجر إلى إيطاليا منذ بداية هذا العام كما أشارت قناة الجزيرة وهو ما يزيد أكثر من 10 أضعاف عن العدد في العام السابق.
وربما يكون عدم الاستقرار في شمال إفريقيا منذ الربيع العربي قد أسهم في الزيادة في معدلات الهجرة. ومع الأخذ بعين الاعتبار بأن الحكومة في طرابلس لا تسيطر على مساحات شاسعة من أراضي بلدها، يكون من غير اللافت أن يفضل المهاجرون ومهربو البشر الذين يستغلونهم هذا البلد.
في نهاية المطاف، ففي الوقت الذي تستمر فيه الحكومات في التنازع على المشكلة، فإن المهاجرين يستمرون في اتخاذ هذا المسار بالغ الخطورة، الأمر الذي يسهم في حدوث أزمة إنسانية متصاعدة. ومن أحدث المآسي في هذا الصدد هو قضاء 36 مهاجرا وفقدان 42 آخرين بعدما غرق قاربهم المتهالك قبالة الساحل الليبي.

جوشوا كيتينج كاتب مختص بالشؤون الدولية ومحرر سابق في مجلة فورين افيرز. خدمة "واشنطن بوست ـ بلومبيرج نيوز" خاص بـ"الوطن"