لشوق الليل رجفته الخاصة به، ففي الليل كنت ألقاك بيني وبينك خطوات معدودة ، كنتُ أسمع خفق نعليك بجانبي، وأستنصت آذان الليل كي أسمع همسك المتثاقل من شدة اللوعة، وحر اللهفة، وتزايد ضربات قلبك وهو يعيشني في همس ليلي أكتبه لك عند زحف نومك، وأوقظك به عند انقشاع ذلك النوم..فأين أنت الآن؟؟..وأين فستانك الأخضر المكسو بزخارف الجنان وهو يصول ويجول أمامي فتنةً، وإغرااءً.
نقلتني عنك الحظوظ، وأقصتني قسوتك التي تبلغني عنك صاخبة راهبة..وأنا من أنا؟؟ أنا ساهر ليلك، وشاعر نهارك..شاعرك الذي يملك من أجلك ألف قيثارة نغم، وألف إيقاع ولهٍ، وألف ألف ألف همسة حب تمسي وتصبح منذورة لك وحدك..
لماذا تقسين عليّ إلى حد فاق صبري واحتمالي؟؟ فأنا لا أطيق العيش وفيه ذرة غضب تلوح من محياك...وما جنايتي التي حار في كنهها كل من عرفك وعرفني؟؟ ما ذنبي معك؟؟ ما إجرامي في حقك؟؟ لماذا أنت ضاحكة مع الكون غاضبة معي؟؟ وأنا لم أنا لهذا النصيب؟؟ ..و أنا من أفنيت فيك ذاتاً، وصرفت لك حياةً..أنا أحبك بجميل الحب لا بقبيحه، والحب كله جميل..فلم أنا قتيل شكك، وطعناتك يا حبيبتي؟؟
جميع البدائل والحلول لا تغني ولا تجدي شيئاً، لإنه لا يقنعني إلا أنتِ ، ولا يرضيني سوى أنْ أملأ مسامات روحي وبدني منك..ولا يعذبني شيء كما يعذبني مكان أسكنه وليس لي منك إلا كما للعين العطشى من رؤية السراب..
وأي معنى لمكان يميل بك أمامي غدوة وعشياً وليس لي منك إلا غلظة الجافي، وجفاء الغليظ في طبعه، وسمته. لقد كفرت بالأمكنة كلها وهي تحجزك عني ، وأنا لو طُوّعتُ لما شربت الماء حتى تغمسي أصبعك في كأسه، ولا أذوق الزاد حتى يطيبه طبيعة أنفاسك الزاكية لأستطيبه، ولو طوّعتُ لما كان على جسدي من لباس سوى رقة بَشَرتك الناعمة الساحرة ، ولا على متنفسي من هواء سوى عبيرك حين أموت فيحييني من جديد.
أنا لم أعد أحتمل الدنيا وهي تغيبك عني فضلاً عن مكان يغيظني كلما حواك وحرمني منك..إلام ستشككين في موتي بك إلى حد أن تكوني نعمة كل جارحة مني، ونبضة كل عرق فيّ، لقد بت لا أطعم الطعام حتى يكون اسمك الغالي أمامي ، فإن غاب بحثت عنه في كل مكان لأذوق به الزاد، وأجرع برؤيته الماء.

عتيق بن راشد الفلاسي
[email protected]