على الرغم من تعدد البدائل التي يمكن أن تسهم وبشكل كبير في علاج الكثير من المشكلات التي يعاني منها المجتمع وايجاد الحلول المناسبة لها ، إلا أن البعض مع مقدرته المادية لا يرغب ان يكون جزءا من الحل ويرى بأن ذلك من مسؤولية الحكومة التي تمثل بالنسبة له مصدرا تمويليا مستمرا من خلال ما تسنده من مشاريع وأعنى هنا القطاع الخاص الذي يفضل أن ينتظر حتى ولو أدى ذلك الانتظار إلى بعض التأخير في عجلة الانتاج لديه ، في الوقت الذي كان بالإمكان أن يكون داعما للجهود من خلال تبنى بعض المشروعات التي تعزز من مشاركته الايجابية في مسيرة البناء وأن يكون الفكر المصلحي لديه مبنيا على تبادل المصالح المشتركة مع الحكومة تقدم له مشاريع ويقدم للمجتمع بعض الخدمات من خلال ما يسمى بالمسؤولية الاجتماعية لمنشآت القطاع الخاص .
واذا كانت الحكومة ممثلة في بعض أجهزتها المعنية بتسهيل الحركة المرورية وايجاد حل سريع للاختناقات المرورية اليومية ، سواء تلك التي تحدث في الطرق الرئيسية او التي تمر بمحاذاة مدن جديدة اصبحت تشهد كثافة سكانية عالية ، وتدعى عدم توافر الاعتمادات المالية التي يفترض اصلا ان تكون مرصودة مسبقا مع أي مخطط سكني جديد ، فإن أهمية أن تكون هناك مشاركة فاعلة من القطاع الخاص مطلوبة في هذا الوقت الراهن وذلك ضمن الاطار الذي سبق الاشارة إليه ليس ماديا وإنما تأمين بعض المعدات والأدوات التي تستخدم في رصف وتوسعة الطرقات، فعلى سبيل المثال لايزال الطريق السريع خلال الفترة الصباحية ايام العمل يمثل نقطة الالتقاء للقادمين من محافظتي الداخلي والظاهرة والوسطى والشرقية وكذلك محافظتا الباطنة وبعض مناطق محافظة مسقط وزحمة مرور لا تطاق ، هذه الأزمة المرورية في اعتقادي ستستمر لفترة حتى يجد لها العلاج إلا أن هناك بدائل لو أقدم القطاع الخاص على المساهمة فيها لخففت قليلا من هذه الحدة .
ومنها على سبيل المثال القادمون من الداخلية والشرقية بالامكان ان يحول مسارهم الى الطريق الذي يمر بجوار مصنع الأسمنت والمتجه الى الانصب ثم الطريق السريع ، فلو أعد هذا الشارع المتبقي منه حوالي 10 كيلومترات لشهدنا انخفاضا في مؤشر الزحمة اليومية ، وهذا برأيي لا يحتاج سوى أن تبادر مجموعة المنشآت التي تقع على جانبيه في تبنى فكرة انشائه ، كذلك الطريق من دوار الجامعة الى تقاطع الخوض على الطريق السريع فبعد قيام مربع الخوض السادسة أصبح هذا الطريق بمساريه الوحيدين وحركة الشاحنات عليه ذهابا وايابا ليس فقط مزدحم الحركة وإنما يشكل خطرا على قائدي المركبات وبالتالي فإن مثل هذه المبادرة ستكون ذات أثر في تقديم خدمة وطنية للوطن وللمواطنين مستخدمي الطريق، فلماذا لا نشهد مثل هذه المبادرات ونترك الأمر للحكومة التي تشعر حتى الان من بعض اجهزتها انها لا تعي لمثل هذه الجزيئيات البسيطة اهتماما في الوقت الراهن نتيجة تركيزها على معالجة المشاريع الكبرى الرئيسية والتي على الرغم من أهميتها أصبح لايستشعرها مستخدم الطريق في بعض الأوقات .
فنحن كلنا يعول على الأجهزة الحكومية المعنية وفي مختلف المجالات ان تحل كافة المشاكل التي نعاني منها ، الا ان ذلك فيه ضرب من الخيال في ظل وجود مجموعة من العوامل الأساسية التي تحد من ذلك ليس فقط بسبب الفكر المحاسبي الغالب على الفكر التخطيطي وإنما ايضا الضعف الاداري المبنى في اتخاذ القرار عن اجتهادات فردية وبعيدا عن معرفة الواقع من خلال دراسات تسبق اي مشروع يراد له حل أزمة على مدى سنوات طويلة وليس بعمر المسؤول في الوظيفة، فلو كان انشاء الطريق السريع على سبيل المثال مبنيا على دراسة راعت كافة الجوانب الفنية المتعلقة به وفي مقدمتها حجم الحركة المرورية التي سيشهدها وما يحتاج من مداخل ومخارج سهلة لما تمت اضافة العديد من مثل هذه الخدمات إليه لاحقا وبتكلفة تصل الى ربع ان لم تكن نصف المبلغ الذي دفع على المشروع في نسخته الاولى ، لما وصلنا الى ما وصلنا اليه من معالجة في الحزمة الاولى منه وباقي الحزم بإضافة حارة أخرى من الاتجاهين ، فضلا عن البحث طوال الفترة الماضية عن حلول لمشكلة الاختناقات التي لم تكن في الحسبان وتسبب ليس في عوامل نفسية لمستخدميه وإنما أثار اقتصادية وانتاجية، من هنا لابد أن تكون هناك وقفة وطنية من القطاع الخاص لحل بعض هذه المشاكل حماية لمصالحة ودعما منه لفك الأزمات المرورية اليومية .

طالب بن سيف الضباري
[email protected]