[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
إنهم ينتحرون على أبواب دمشق .. كل تجاربهم الماضية المماثلة فشلت، وستفشل محاولتهم الجديدة وما بعدها. هؤلاء أتقنوا اللعب بدمهم، حتى أنهم صاروا بلا دم ففقدوا الإحساس. هنالك من يخترع لهم مسافات حياتهم، يرميهم في النار كي تحرقهم أحياء، هو لديه السبب، لاعب سياسة، ضمير ميت يريد أن يصل إلى مبتغاه.
دمشق التي كانت تغتسل شوارعها بالماء كل ليلة، يغسلها دم الأشقياء الذين تزنروا برغبة الموت بناء على وصايا رئيسهم ومسؤولهم. لا شيء سيحصده ذلك المنتحر غير الانتحار، فعيون الجيش العربي السوري لا تعرف النوم ومعظم جنوده نسوا إغلاق عيونهم فصار حتى نومهم بعيون مفتوحة.
محمد علوش مسؤول "جيش الإسلام" الذي ساهم في الهجوم على باب دمشق الموصد، قال إن العملية العسكرية لن تؤثر على المباحثات الجارية والتي هو أحد وفودها. كلام هراء لشخصية خسرت وطنيتها وعالمها ونالت مشروعيتها، ربما، من مغتصب إسرائيلي، تعيش حياة البذخ فيما مقاتلوه المساكين يضربون في صخر صلد يستحيل اختراقه ثم يموتون على أبواب عاصمة أبية ستظل ترسم علامات نصرها طولا وعرضا.
شاهدت في التلفاز مناطق المعارك التي جرت بين الجيش العربي السوري والإرهابيين عند ساحة العباسيين وحولها. كانت المراسلة تتحرك في المكان الذي لم يكن ليبدو عليه سوى أنه محمي تماما. يريد الإرهاب اغتصاب المكان كي يقدمه هدية لمسؤوله ليس أكثر، يموت من أجله فقط، ليس من هدف وراء ذلك الانتحار سوى الانتحار بعينه، وكل ما سيحصده هذا المسكين المسلح المغرر به أن ثمة مبلغا من المال سيرويه نهاية الشهر، هو من أجله يقاتل، مرتزق يبيع نفسه من أجل حفنة من الدولارات.
كم مرة قال حسن نصرالله لهؤلاء المسلحين إنهم يستغلونهم، وسيصار إلى رميهم في فترات لاحقة. لا يهم المسؤول عن هؤلاء سوى أن يقدموا له الطاعة بالتحرك العسكري ساعة يأمر وساعة يحتاج للظهور من جديد كي لا يخبو دوره، فلا يعود يظهر وهو من هواة البروز من أجل قبض الثمن. الحقيقة العارية أنه جعل من نفسه مسؤولا بعدما تمرد على وطن كان له حضنا دافئا لم يشعره يوما بالإهانة أو بالمذلة، بل قدم له كل أسباب العيش الهانئ والخير العميم وكان واحدا من مجموع الشعب العربي السوري الذي يعيش يومياته باستقرار وهناء.
سولت له نفسه أن يخرج عن دوره الطبيعي الوطني ليعين نفسه حيث رسمت له معالم الطريق. ثمة مغررون كثر لهم الأهداف ذاتها، ومن المؤسف أن وطنهم سهر عليهم وأحاطهم بالعناية اللازمة وقدم لهم المأوى والمدرسة المجانية والجامعة المجانية المميزة أيضا وكل التأمينات الصحية والاجتماعية التي تفوقت بها سوريا عن بقية بلدان العالم حتى تلك التي يقال عنها إنها متقدمة ولديها القدرات الضحمة.
إذا كان أشكال محمد علوش يحلمون بكرسي في وزارة وفي السلطة والحكم، فبماذا يحلم مقاتلوه المساكين غير أنهم وقود له كي يحقق حلمه إن ساعدته أحلامه الدونكيشتوتية. من الصعب إفهام هؤلاء أنهم ينتحرون من أجل رجل لا يهمه من يسقط منهم طالما أن جنون السلطة يطن في رأسه ولا شيء غيره البتة.
هؤلاء المنتحرون على أبواب دمشق ربما نسوا سيد تلك الأبواب وأنهم إلى الجحيم ذاهبون.