(الوزاري) يناقش تقرير متابعة تنفيذ اتفاق الرياض
الرياض ـ العمانية:تحتفل دول وشعوب مجلس التعاون لدول الخليج العربية اليوم بالذكرى الثالثة والثلاثين لقيام المجلس فيما قال معالي الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بأن أصحاب السمو والمعالي وزراء خارجية دول المجلس عقدوا اجتماعا في مدينة الرياض أمس، تم خلاله مناقشة التقرير الثاني الذي رفعته اللجنة المكلفة بمتابعة تنفيذ آلية اتفاق الرياض.
وقال الأمين العام إن أصحاب السمو والمعالي تابعوا بارتياح سير عمل اللجنة والنتائج التي تم التوصل اليها، ووجهوا باستكمال الخطوات اللازمة لتنفيذ آلية اتفاق الرياض بما يعزز تكاتف دول المجلس ويدفع بمسيرة العمل الخليجي المشترك إلى الأمام.
كما وجهوا ،اللجنة بمواصلة متابعة تنفيذ ما تم الالتزام به وفقا لبنود آلية اتفاق الرياض.
وتحتفل دول وشعوب مجلس التعاون لدول الخليج العربية اليوم بالذكرى الثالثة والثلاثين لقيام المجلس ، حيث تم التوقيع في قمة ابوظبي التي عقدت في 25 مايو 1981م على النظام الاساسي للمجلس . وبالرغم من طبيعة الظروف الخليجية والاقليمية والدولية البالغة التعقيد التي ولد فيها مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، الا ان ما يحسب لاصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس انهم تمكنوا بحكمتهم وبعد نظرهم وبدراية سياسية عميقة من التغلب على العديد من التحديات التي تواجه هذه المنطقة الحيوية والانطلاق بسفينة التعاون والتكامل الخليجي الى حيث تتطلع شعوب المجلس نحو حاضر آمن ومستقبل زاهر.
وفي الوقت الذي تشكل الوشائج والروابط القوية والعميقة بين شعوب المجلس ،على كل المستويات وفي مختلف المجالات وبامتداداتها التاريخية واستمراريتها وطابعها المشترك ، أرضية صلبة ، وسياجا حاميا أيضا لمسيرة التعاون الخليجي ، ولخطواتها المتتابعة ، فان حكمة اصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس ، كفلت في الواقع سبل النجاح للتعاون الخليجي ، الذي شق طريقه بخطى ثابتة ، متدرجة ومتتابعة ، وقادرة ايضا على مراعاة تنوع المراحل التي تمر بها دول المجلس ، ومن ثم شكل التوافق والحرص على تحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة بين دول المجلس ، والتجاوب مع تطلعات وآمال شعوبها والتعامل الواعي مع مختلف التحديات ، اسسا لبناء وتوسيع وتعميق التعاون والتكامل بين الدول الست ، ليشمل كل المجالات دون استثناء.
ومع الوضع في الاعتبار ان طبيعة الظروف والتحديات التي تواجه دول وشعوب مجلس التعاون لدول الخليج العربية بوجه خاص ، والدول العربية بوجه عام ، تختلف الى حد كبير ، خاصة في السنوات الثلاث الاخيرة ، عن تلك التي صاحبت قيام مجلس التعاون قبل ثلاثة وثلاثين عاما ، فان المخاطر التي تطل برأسها ، وبروز واتساع نطاق الاعمال الارهابية وممارسات الجماعات المتطرفة ، وسعيها لتخريب مقدرات اكثر من شعب عربي تفرض على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية العمل بكل السبل الممكنة ، ليس فقط لتقوية ودعم مسيرة مجلس التعاون ، في كل المجالات وعلى كافة المستويات ، ولكن ايضا العمل حثيثا على توسيع وتعميق مشاركة شعوب المجلس في مختلف مجالات التعاون الخليجي والسعي الى الاقتراب الى اقصى مدى ممكن من اهتمامات المواطن الخليجي ، وكل ما يتصل بحياته اليومية وتوفير حياة افضل له ، في حاضره ومستقبله ، وذلك من خلال تحويل برامج وخطط التعاون والتكامل بين دول المجلس ، في المجالات المختلفة الى خطط واجراءات عملية على ارض الواقع ، حتى يلمس المواطن الخليجي اثرها المباشر في حياته ، وحتى تتحول المواطنة الخليجية الى ما هو اكثر من الامل.
وفي ظل الاهمية الكبيرة لمنطقة الخليج ، على مختلف المستويات ، الاستراتيجية والاقتصادية والنفطية ، والسياسية ، واهتمام مختلف القوى والاطراف الاقليمية والدولية بالعمل على الحفاظ على مصالحها ، فان مما له دلالة عميقة ان مجلس التعاون لدول الخليج العربية استطاع على مدى الاعوام الثلاثة والثلاثين الماضية الانتقال بالتعاون والتكامل الخليجي من امل وهدف ، الى واقع تعبر عنه الكثير من الإنجازات التي تحققت ، والتي لا يمكن التقليل منها ، لاسيما وأنها تمتد لتغطي مختلف جوانب الحياة والنشاطات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والتعليمية والإعلامية والامنية والعسكرية وغيرها من المجالات ، التي استطاعت أن تجعل من مجلس التعاون صرحا قويا ومتماسك الاركان ، وقادرا في ذات الوقت على مواجهة مختلف التطورات ، والتفاعل معها ، بما يحافظ على مصالح الدول الست ، دوما وفي مختلف الظروف.
واذا كان من حق شعوب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية – بحكم ما يربط بينها من وشائج وما يجمع بينها من وحدة المصير – ان تتطلع الى تحقيق مزيد من خطوات التكامل بين دول المجلس وان تستعجل ذلك ايضا ، الا انه من المعروف ان ارساء وتعميق وتطوير التكامل بين الدول الست يحتاج ، لكي ينجح ويترعرع وينمو – الى وقت غير قليل . وكل تجارب التكامل الاقليمي الناجحة ، ومنها تجربة الاتحاد الاوروبي تشير الى ذلك.
وعلى اية حال فان دول المجلس استطاعت ، بفضل حكمة وبعد نظر اصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس ان تقطع شوطا غير قليل وان تتخذ الكثير من الخطوات الطيبة لتحقيق التكامل فيما بينها ، في كل القطاعات ، بما في ذلك الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة والربط الكهربائي والمائي والسكك الحديدية ، فضلا عن تيسير انتقال المواطنين ورؤوس الاموال بين دول المجلس ومعاملة مواطني دول المجلس معاملة المواطن في دول المجلس الاخرى ، فضلا عن اتفاقيات التعاون الامني والدفاعي وغيرها ، وهى خطوات على جانب كبير من الاهمية في تحويل مجلس التعاون لدول الخليج العربية الى قوة خليجية مؤثرة وقادرة على صيانة مصالح وحقوق الدول الاعضاء ، وذات قدرة على الاسهام بدور ايجابي في الحفاظ على استقرار وامن هذه المنطقة الحيوية ، والتغلب على ما يواجهها من تحديات ، وفي الوقت ذاته بناء علاقات طيبة وتطوير سبل تعاون متعددة لخدمة المصالح المشتركة والمتبادلة ، سواء مع الجمهورية اليمنية والعديد من الدول العربية الاخرى ، او مع عدد من القوى والاطراف الدولية ذات المصالح في منطقة الخليج ، والدخول في حوارات استراتيجية معها ، ومن ابرز هذه القوى والاطراف الولايات المتحدة الاميركية والصين واليابان والاتحاد الاوروبي وغيرها.
جدير بالذكر أن لقاءات اصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية سواء في القمم السنوية العادية التي تعقد في ديسمبر من كل عام ، او القمم التشاورية التي تعقد في مايو من كل عام ، تشكل في الواقع قوة دفع ، وتوجيها ايضا ، لمسيرة التعاون والتكامل الخليجي نحو كل ما يخدم المصالح المشتركة والمتبادلة لدول وشعوب المجلس ، في الحاضر والمستقبل.
وانطلاقا من إيمان عماني عميق بأهمية وضرورة تطوير مسيرة التعاون والتكامل بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، في كل المجالات ، فقد اكد حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ على تحقيق ذلك ، كما ان السلطنة تحرص على بذل قصارى جهدها لتنفيذ قرارات المجلس الاعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية وتطبيق الاتفاقيات المختلفة والقوانين والقرارات الاسترشادية التي يتم اقرارها من جانب اجهزة المجلس وهيئاته ولجانه المختلفة ، التي تعمل كلها في اطار ما يتخذه اصحاب الجلالة والسمو من قرارات وما يرونه من توجيهات تعود بالخير على دول وشعوب المجلس في الحاضر والمستقبل.
وفي هذا الاطار تحتضن السلطنة مقر الهيئة الاستشارية للمجلس الاعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وبينما عقدت الهيئة الاستشارية ندوة قبل ايام لتقييم مسيرة التعاون لمجلس التعاون الخليجي ، وهى ندوة على جانب كبير من الاهمية ، فقد اعرب معالي عبد الله يعقوب بشارة رئيس الدورة الحالية للهيئة الاستشارية للمجلس الاعلى لمجلس التعاون ـ خلال افتتاح الندوة ـ عن مشاعر العرفان لسخاء حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ في مكرمته لبناء مقر الهيئة تقديرا لمكانتها وتثمينا لدورها.
وبينما تنطلق مسيرة التعاون والتكامل الخليجي نحو غاياتها المنشودة معززة بعزم وارادة أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس ، وطموحات ابنائه، فإن مجلس التعاون سيظل ركيزة أساسية من ركائز الامن والاستقرار في المنطقة ، وصيغة لتحقيق تقدم وازدهار شعوب دول المجلس.