[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
يمكن أن ندرس التاريخ اليهودي من زوايا جديدة، لا تبتعد عن الأحداث التاريخية المعروفة، ولكن ونتعامل معها بكثير من الدقة والتأني، ولا شك أن بداية التمحيص والتدقيق، يفترض أن تبدأ من الروايات اليهودية، التي تقول إن تاريخ اليهود يبدأ من هجرة إبراهيم الخليل، لأن ذلك يعني استغلال الجغرافيا وتوظيفها لخدمة صياغات وطروحات تاريخية، بعضها صاغته كتابات الأحبار القدماء، والبعض الآخر، وضعه الرحالة والمستشرقون والمؤرخون، ومن بينهم المؤرخون العرب والمسلمون فيؤكد د.سهيل زكار إن الكثير من كتاباتنا مليئة بالإسرائيليات.
يقول د.أحمد سوسة الذي أمضى اكثر من نصف قرن بالبحث في التاريخ اليهودي، أنه لا توجد دراسة علمية لتاريخ يهود العراق القديم، وأن المصدر الوحيد الذي يعتمده الباحثون هو ادعاءات اليهود التي يلقنونها لطلبة المدارس.
وتذهب الادعاءات اليهودية إلى اكثر من اتجاه، فيقولون إن أصلهم من العراق، ويدعون أن فلسطين أرضهم برغم أن التوراة نفسها، تتحدث عنهم بصفتهم غرباء وافدين طارئين على فلسطين (تكوين 12: 10؛20: 1..) وولد أبناء يعقوب الاثنا عشر جميعهم باعتراف التوراة في فدان ارم (منطقة حران) حيث بقي هناك يعقوب المسمى إسرائيل عشرين سنة (تكوين 32: 28) وهذا دليل قاطع على أن ارض فلسطين لم تكن مكان ولادة الاخوة الاثنى عشر الذين ورد ذكرهم في التوراة. وحسب المكتشفات الاثارية والمراجع التاريخية فإن فلسطين كانت تسكنها في تلك الحقبة القبائل الكنعانية.
يقول د.محمد رشيد الفيل في كتابه (اليهود وعلم الأجناس ص56) إن الكنعانيين سبقوا اليهود الإسرائيليين الأوائل في سكنى فلسطين، ويعزز رأيه البروفيسور البرايت – احد كبار التقاة العالميين في تاريخ فلسطين القديم في وضوح لا يحتمل اللبس، ويقول : لا يوجد في فلسطين أي اثار يهودية ترجع إلى ما قبل العصر الروماني الانطوني، وكان كثير من العلماء يعتقدون قبل أن ينشر (kohl) و(watzinger) ومن بعدهما (sukenik) نتائج أبحاثهم، أن بعض الكنائس الخربة في الجليل ترجع إلى عهد المسيح قبل التوراة الأولى، أما اليوم فلم يبق ريب في أن هذه النظرة خاطئة، وأنه ما من أثر باق في فلسطين يرقى إلى ما قبل العهد الانطوني، ويزعم الصهاينة أن ما يدعى حائط المبكى هو بقية من هيكل سليمان، وهو زعم باطل لأن الحائط جرانيتي وهيكل سليمان إنما بناه الفينيقيون من خشب الأرز، ويقول ارنولد توينبي: بأنه لاحق تاريخي لليهود في إسرائيل.
عاش بنو إسرائيل بعد رجوعهم مع سيدنا موسى عن طريق شبه جزيرة سيناء في فلسطين، وهناك نشروا دينهم، وكان الاختلاط بين الإسرائيليين والسكان الأصليين محرماً، ومع ذلك فقد حدث اختلاط في ما بينهم ولو أنه كان قليلاً نسبياً، وامتد نفوذهم في فلسطين إلى الهضبة الداخلية.