[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/suodalharthy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سعود بن علي الحارثي[/author]
” الممارسات غير المسئولة التي يأتيها البعض في مواقع مختلفة والتي تسبب لنا الألم والغضب أحيانا وتنال من كرامة المواطن وإنسانيته وتفضي إلى مشاعر متباينة تختلف من فرد إلى آخر, تتسع وللأسف الشديد وتنتشر وتتعمق بسبب أولا ضعف الإشراف والمتابعة من قبل الإدارات العليا, ضعف التحفيز, ضعف برامج التأهيل والتدريب, وأدت إلى انقلاب الآية وتغيير المعادلة,”
ـــــــــــــــــــــ
تتعامل المؤسسات الخدمية خاصة وبشكل مباشر مع المواطن من خلال الخدمات التي تقدمها للمجتمع, سواء أكانت خدمات صحية أم تعليمية أم إسكانية أم إدارية أم ترفيهية.. وتستقبل هذه المؤسسات أعدادا كبيرة من المواطنين والمراجعين في اليوم الواحد, تراجع طلباتهم وتبت فيها وتنجز أعمالهم وتيسر عليهم وتستمع إلى ملاحظاتهم وتقيم ما يطرحونه من أفكار ورؤى وشكاوى إن وجدت, ويظل الموظف المكلف بالتعامل مع هؤلاء المواطنين همزة الوصل فيما بينهم وبين المؤسسة وسفيرا لها, وبيده تحسين صورة المؤسسة والارتقاء بخدماتها والتسهيل على المواطن وتحقيق درجة عالية من الرضا لديه وتأسيس ثقافة راقية تعتمد على الشفافية والاحترام وتعزيز الثقة, وبيده كذلك الإساءة إلى المؤسسة التي يعمل فيها من خلال الممارسات غير المسئولة التي يقوم بها مثل : تعقيد الإجراءات, المماطلة في الإنجاز, الخروج عن الأنظمة والقوانين, التجهم وتسفيه الملاحظات والآراء المقدمة من قبل المواطن, عدم الاكتراث لسمعة المؤسسة, الخروج المستمر من العمل وتكديس المعاملات والتسبب في غيابها أحيانا, سوء المعاملة, ضحالة الثقافة وضعف الإلمام باختصاصات الوظيفة وأهميتها وحساسيتها وعدم القدرة على التعامل والتجاوب مع ملاحظات وأسئلة المواطن .. ولهذه الممارسات غير المسئولة وأشباهها نتائج خطيرة فهي إلى جانب أنها تقدم صورة سيئة عن الموظف العماني وعن المؤسسة التي يعمل فيها إلا أنها قد تؤدي بالمراجع سواء أكان عمانيا أو أجنبيا إلى تعميمها على مختلف المؤسسات وعلى جميع العمانيين دونما استثناء, كما أنها تصيب المراجعين بالإحباط والقلق وفقدان الثقة في مؤسساتهم وتجبرهم على التنازل عن الكثير من حقوقهم, وتؤدي إلى إلحاق الضرر بالمواطن, فالمريض على سبيل المثال وبسبب سوء المعاملة والتأخير في التشخيص والمماطلة والتعقيدات الإجرائية وبضغط المرض قد يتجه إلى عيادة خاصة فيما هو بحاجة ماسة إلى مستشفى متخصص وقد ينتج عن ذلك تشخيص خاطئ وعلاج يضاعف من مرضه, وقد يتسبب في ضياع المعاملة أو تأخيرها ضياع حقوق وخسائر يتحملها المواطن .. هذه الممارسات غير المسئولة التي يأتيها البعض في مواقع مختلفة والتي تسبب لنا الألم والغضب أحيانا وتنال من كرامة المواطن وإنسانيته وتفضي إلى مشاعر متباينة تختلف من فرد إلى آخر, تتسع وللأسف الشديد وتنتشر وتتعمق بسبب أولا ضعف الإشراف والمتابعة من قبل الإدارات العليا, ضعف التحفيز, ضعف برامج التأهيل والتدريب, وأدت إلى انقلاب الآية وتغيير المعادلة, فهذا الموظف المكلف بخدمة المراجع وإنجاز معاملاته بيسر وسهولة, والتعامل معه بلطف واحترام وإنسانية, أصبح يتعامل مع المراجع وكأنه من طينة أخرى يتأفف من حضوره يقابله بملامح مكفهرة وكأنه لا يرغب حتى في رؤيته, فبات المراجع هو من يعمل على تلطيف الأجواء والتودد والخضوع, آملا في أن تثمر تلك المحاولات بإنجاز يرضيه, وكأنه أي هذا المراجع ما أخذ دوره في هذا الطابور إلا من أجل أن يأخذ بعضا مما في جيب الموظف المكلف بإنجاز معاملاته واستقباله, أما إذا جاءه من يوده ومن تربطه به مصالح وعلاقات فسوف يهش له ويبش وسوف يقربه ويفتح له الأبواب المغلقة وسيقدم له أكواب الشاي وفناجين القهوة وسوف يصرف كل المراجعين ويؤجل معاملاتهم إلى أجل غير معروف ليتفرغ لزائره الخاص. إننا أمام مواقف ومشاهد لا يجوز للإدارات العليا في مؤسساتنا الصمت عنها والسكوت عن المتسببين فيها, بل إن الواجب والمسئولية تفرضان عليها العمل على معالجتها وتهيئة الأجواء وإصلاح البيئة والإشراف الفاعل لتعزيز الثقة والاحترام بين المراجع وهذه المؤسسات المهمة لكي يستقيم الوضع ويستقر الأمر.