يعود اختراع المكيف إلى العالم ويليس هافيلاند كارير الأميركي مستعينا بعلم الكيمياء، كاسخدام غاز الفريون. هذا الجهاز العجيب، بأصنافه العجيبة، والذي جعل لحياتنا وجها آخر، أكثر راحة، نركض إليه من السيارة إلى المباني، خوفا من حرارة الطقس القوية في منطقتنا. هذا الجهاز الذي يذمه بعض الأشخاص خصوصا كبار السن؛ لأنه يجلب الخمول والكسل والأمراض على حد قولهم. وبالرغم من ذلك أصبحنا لا نستطيع الاستغناء عنه في كثير من الأوقات.
ولصوت المكيف أيضا شعور غريب، فالكثير تعود على صوته، وكأنه يقول" برد، برد " وعندما يختفي الصوت يشعر الشخص بعدم وجود البرد، وأن الحرارة تغزو الجو، حتى لو كان الجو باردا لفترة حتى نتعود عليه .. إنه شعور غريب!
في زماننا أيام الدراسة الابتدائية لم يكن وجود للمكيفات في أوقات الصيف الحارة، كان الصف يحوي على فتحات علوية في الجدران، وعلى مراوح تعمل من الصباح حتى آخر الحصة. ولا أعرف كيف تكيفنا مع الوضع، حتى أننا عندما نمرض ونذهب إلى غرفة أحد المدرسين المكيفة، نشعر بأننا في عالم آخر، عالم من البرد الجميل الذي يجعلك تنسى المرض، وتعيش بين السحاب الأبيض المملوء بالهواء البارد.
أكثر من كان يعاني هم المدرسين الآتين من دول الحرارة فيها أقل بكثير مما هو موجود في عمان، لذلك كانوا يتصببون عرقا بشكل دائم. ويتضايقون من الحرارة غير المعتادة خصوصا إذا ما اقترنت برطوبة عالية تجعلك وكأنك خارج من مسبح من العرق. ولكن الأمر تغير أيام الإعدادية والثانوية في ذلك الوقت، والحمد لله، بعد أن رُكبت العديد من المكيفات في مختلف المدارس، وبدا الأمر أكثر راحة.
وصلتني رسالة قبل فترة من فريق "الرحمة"، الذي يوجد مقره في ولاية السيب في الخوض، يدعو الراغبين في المساعدة لصيانة مكيفات الأسر المعسرة. لذا فكرت في الكتابة عن هذا الموضوع الذي قد يراه بعض الأشخاص بسيطا جدا لا يفترض الكتابة عنه، إلا أن ما قد يكون بسيطا جدا ربما يكون عظيما لدى الآخرين، كبيرا لفئة من الناس. وليست المسألة مسألة مكيف فقط. بل مسألة "معسرين".

محمد بن سعيد القري