خرجت القمة العربية الـ28 التي اختتمت في البحر الميت بالمملكة الأردنية الهاشمية أمس بالعديد من القرارت الجيدة من حيث ما يشهده الواقع العربي من صراعات، وكعادتها السلطنة حرصت على المشاركة الفاعلة، من خلال ثوابتها الدائمة الداعمة للعمل السلمي لحل قضايا المنطقة، حيث تدرك السلطنة أهمية القمة العربية في دورتها الـ(28) وأهمية توقيتها، لذا سعت من خلال مجموعة من المشاورات وتبادل الآراء مع القادة العرب ومن ينوب عنهم، إلى أن تخرج القمة بقرارات تدعم العمل العربي المشترك.
ولعل أبرز ما خرجت به القمة العربية من قرارات كان عودة القضية الفلسطينية لصدارة الهموم العربية، وذلك بعد غياب عدة سنوات نتيجة ما ألمَّ الدول الكبرى بالمنطقة من أحداث كبرى هددت وجود بعضها ووحدتها وسلامة أراضيها. إن التأكيد على عودة فلسطين كقضية مركزية بالنسبة للأمة العربية جمعاء، والحرص الذي أبداه البيان الختامي على الهوية العربية للقدس المحتلة، بالإضافة إلى إعادة التأكيد على حق دولة فلسطين في السيادة على كافة أراضيها المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس، ومجالها الجوي، ومياهها الإقليمية، وحدودها مع دول الجوار، ما هو إلا تأكيد على إدراك القادة العرب أن كافة المؤامرات التي تحيق بالمنطقة أساسها العدو الغاصب للحقوق الفلسطينية والعربية، وهو كيان الاحتلال الإسرائيلي، وأن مفتاح إعادة الروح العربية يأتي بالبعد عن الانزواء والانعزالية بالمشاكل الداخلية، والتمسك بالوحدة العربية كمنطلق لمحاربة الأعداء الذين يمكرون بهذه المنطقة وأمنها.
وبرغم هذا النجاح العربي في تحديد القرارات والأولويات، إلا أن هذه القرارات تحتاج إلى عمل حقيقي، حتى تترجم إلى أفعال، فإن إعادة طرح مبادرة السلام العربية تحتاج إلى أنياب سياسية واقتصادية، تمثل ضغطًا لكيان صلف، لا يكترث بكافة القرارات الدولية، مثل تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2334 لعام 2016 الذي أكد أن الاستيطان الإسرائيلي يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وعقبة في طريق السلام، ومطالبة "إسرائيل" (القوة القائمة بالاحتلال) بالوقف الفوري والكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية داخل الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس، ورفض ترشيح "إسرائيل" لشغل مقعد غير دائم في مجلس الأمن لعامي 2019 ـ 2020 باعتبارها قـوة احـتلال.
إنها شعارات تشكل مدخلًا للحل لكن ينقصها التحرك العربي الموحد الذي يربط المصالح العربية مع الآخر، بمدى التزام الآخر بأمن المجموعة العربية القومي، وعلى رأسه الحق الفلسطيني، الذي يعد أساسًا لكل الحقوق العربية الأخرى، وأن يتواكب مع دعوة الدول العربية لزيادة رأس مال صندوقي الأقصى والقدس بمبلغ 500 مليون دولار ودعم موازنة فلسطين لمدة عام تبدأ في الأول من أبريل 2017 وفقًا لآليات قمة بيروت 2002، والتأكيد على المسؤولية العربية والإسلامية الجماعية تجاه القدس، ودعوة جميع الدول والمنظمات العربية والإسلامية والصناديق العربية ومنظمات المجتمع المدني، إلى توفير التمويل وتنفيذ المشروعات التنموية الخاصة بالقطاعات الحيوية في القدس، بهدف إنقاذ المدينة المقدسة وحماية مقدساتها وتعزيز صمود أهلها، يحتاج إلى خطوات عملية تصب في صفوف المصلحة العربية الفلسطينية.
فمطالبة الجهات والمؤسسات والهيئات الدولية وهيئات حقوق الإنسان المعنية بتحمل مسؤولياتها بتدخلها الفوري والعاجل لإلزام الحكومة الإسرائيلية، بتطبيق القانون الدولي الإنساني ومعاملة الأسرى والمعتقلين في سجونها وفق ما تنص عليه اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949 بشأن معاملة أسرى الحرب، يحتاج لتفيعل مصادر ضغط تفرض عقوبات عربية لكل من يتعامل مع هذا الكيان الغاصب.