[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedsabry.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]احمد صبري[/author]
شهود عيان أكدوا أن طائرات أميركية حلقت في المنطقة على ارتفاع متوسط وقصفتها بقنابل محرم استخدامها داخل المدن بسبب قوتها التدميرية، ممهدة دخول القوات البرية إليها وإعلان استعادتها. وعلى الرغم من علم القوات بمقتل مدنيين في المنطقة فإنهم لم يتخيلوا أن يكون عددهم كبيرا جدا..

قصة مجزرة (موصل الجديدة) بدأت صبيحة الأربعاء الخامس عشر من مارس/آذار الحالي حين ألقت طائرات حربية عراقية منشورات على مناطق باب الطوب والرسالة ونابلس وموصل الجديدة تطالب سكانها برفع أعلام بيضاء على أسطح المنازل لتمييز المأهولة منها، وتجنب قصفها، لكن العكس هو الذي حصل بعد يومين حيث هدت مقاتلات أميركية المنازل على رؤوس ساكنيها.
سكان محليون ذكروا أن تنظيم "داعش" أرغم عشرات الأسر على الانتقال إلى عمق موصل الجديدة حتى بات كل بيت في المنطقة يحوي ثلاث أسر وذلك قبل خمس ساعات من وقوع المجزرة.
شهود عيان أكدوا أن طائرات أميركية حلقت في المنطقة على ارتفاع متوسط وقصفتها بقنابل محرم استخدامها داخل المدن بسبب قوتها التدميرية، ممهدة دخول القوات البرية إليها وإعلان استعادتها. وعلى الرغم من علم القوات بمقتل مدنيين في المنطقة فإنهم لم يتخيلوا أن يكون عددهم كبيرا جدا، والغريب هنا أن القوات تكتمت على القصف لثلاثة أيام حتى دخول ضابط برتبة عميد في الجيش إلى المنطقة، حيث كانت تسكن ابنة شقيقته ليكتشف أن المنازل سويت بالأرض ويطالب بدخول الدفاع المدني على الفور.
وبحكم المؤكد فإن حصيلة ضحايا القصف ما كانت لترتفع إلى مئات القتلى لولا السكوت المميت وتأخر انتشال المصابين من تحت الأنقاض.
وكشف التناقض بالروايتين الأميركية والعراقية حول مجزرة موصل الجديدة حال الارتكاب وعدم التنسيق في مسار الحرب على "داعش"، عدها مراقبون محاولة للتنصل من مسؤولية ما حدث الذي هز الرأي العام المحلي والعالمي.
الروايتان العراقية والأميركية حول مجزرة موصل الجديدة أربكت المشهد السياسي والأمني، ووضعت التحالف الدولي والقيادة العسكرية العراقية في حرج كبير بعد الكشف عن هول المجزرة التي راح ضحيتها المئات من المدنيين بعد أن كانتا تتسابقان إلى جني الثمار الإعلامية للحملة العسكرية على "داعش" التي حوّلتها التكتيكات العسكرية الخاطئة من مناسبة للنصر على الإرهاب إلى مصيدة للمدنيين، الأمر الذي حولها إلى فضيحة أخلاقية للحكومة العراقية وللإدارة الأميركية.
وزاد من وقع الفضيحة كون المجازر المرتكبة بحقّ المدنيين ناتجة عن قرارات عسكرية خاطئة بوحي من القيادة السياسية المتعجّلة في تحقيق النصر، الأمر الذي تطلّب استخدام وسائل غير ملائمة لحرب المدن المكتظة بالسكان من قبيل القصف العشوائي بالمدفعية والطيران الحربي.
وكان الجيش الأميركي اعترف بتنفيذ الغارة الجوية على منازل بحي موصل الجديدة، ملقيا بالمسؤولية على القوات العراقية التي قال إنّها طلبت منه تنفيذ الضربة التي تسببت في وقوع مجزرة راح ضحيتها المئات من المدنيين.
وما أربك المشهد وضبابيته وصف رئيس الوزراء حيدر العبادي الدعوات التي تطالب بفتح تحقيق حول ما جرى في الموصل بأنه يندرج في إطار إنقاذ "داعش" في اللحظات الأخيرة من المعركة على الرغم من أن التحالف الدولي وبلسان قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط وصف ما جرى بأنه مأساة رهيبة، ودعا إلى فتح تحقيق عن ملابسات الحادث، مؤكدا أن الغارة على موصل الجديدة كانت بطلب من القوات العراقية.