[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/alwatanopinion.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]رأي الوطن[/author]
إن نجاح سياسات الدول يأتي من قدرتها على إدراك الضرورات والمتغيرات في عملية البناء والتأسيس، وأهمية مواكبة التطورات، وتعميق مفهوم العلاقات والتي (أي السياسات) يجب أن تتمتع بالديناميكية وحرية الحركة من خلال مد جسور الصداقة والعلاقات مع الآخرين، وعدم الانكفاء على الذات، والاستفادة من هذه الجسور فيما يخدم المصالح المشتركة، وما يميز السياسة العمانية الديناميكية والمرونة مع الأخذ في الاعتبار الركائز والمحددات التي أرادها قائد هذه المسيرة المباركة أن تطرز سياستنا والتي تقوم على الاحترام المتبادل وتبادل المصالح وعدم التدخل في شؤون الغير واعتماد لغة الحوار أساسًا لحل مشاكل العالم، حيث كان لهذه السياسة المنطلقة من الرؤية الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ لها آثارها التي نشهدها اليوم متمثلة في الشهرة التي حظيت بها بلادنا في المسرح الدولي، والاحترام الكبير الذي تكنه دول العالم حكومات وشعوبًا للسلطنة، وكذلك رغبة هذه الدول في تبادل الزيارات والتوقيع على مذكرات التفاهم والاتفاقيات وتبادل المنافع والخبرات والمصالح المشتركة، وهو ما يعبر أيضًا عن العلاقة الطيبة والقوية التي تربط السلطنة بدول العالم، وعن حكمة سياسة السلطنة واقتصادها وقوته ونمائه، والاستقرار السياسي والأمني والمقومات السياحية.
وفي ظل ما يشهده العالم من تغيرات اقتصادية وسياسية وتطورات تقنية وعلمية فإن الحاجة إلى التكامل والتواصل وفتح الجسور لذلك، أمر تفرضه سنة الحياة والتطور والتقدم، إذ لا يمكن أن تبقى دولة ما قابعة ومنطوية على نفسها، بينما تتحرك عجلات التنمية وتتوزع الثروات وتتعدد المجالات الإنسانية والبشرية والاقتصادية والعلمية في غيرها من دول العالم، لأنها في هذه الحالة تكون قد حكمت على نفسها بالفشل والنهاية.
وتعكس زيارة دولة شينزو آبي رئيس وزراء اليابان للسلطنة واستقبال جلالة السلطان المعظم لدولة الضيف ومنحه وسام عُمان المدني من الدرجة الثانية، مدى ما وصلت إليه العلاقات بين البلدين من تطور متنامٍ، والرغبة الأكيدة لدى الجانبين في الاستفادة من الخبرات والتجارب والمقومات التي يتمتع بها البلدان الصديقان، ولا شك أن هذا كان أحد جوانب البحث خلال لقاء جلالة السلطان المعظم بدولة الضيف الياباني، حيث جاء البيان المشترك بين السلطنة واليابان بشأن تعزيز الشراكة الشاملة نحو الاستقرار والازدهار عاكسًا تلك الرغبة، وهو ما سيكون له أثره الكبير، سواء على العلاقات وتميزها وتعميق ركائزها أو على مجالات التعاون التي نص عليها البيان المشترك.
ومن المؤكد أن هذه الزيارة التي تستغرق يومين تمثل فرصة للبلدين في تطوير العلاقات ورفع مستوى عمليات التبادل التجاري والاستثماري والتشاور السياسي وتبادل الخبرات، والاستفادة منها لكون اليابان إحدى الدول الرائدة التي تتمتع بتراكم خبرات في المجال الاقتصادي والاستثماري والعلمي والتقني وغيرها، بما ينعكس إيجابًا على شعبي البلدين الصديقين، حيث ستتواصل المباحثات اليوم لتستكمل لقاء جلالته ـ أيده الله ـ لبحث السبل الكفيلة بتعزيز التعاون القائم بين البلدين الصديقين في كافة الميادين السياسية والتجارية والاقتصادية والثقافية والعلمية والتقنية والتكنولوجية.
إن اليابان أصبحت مثالًا للدول المناضلة التي اعتمدت على ذاتها وعلى مواردها البشرية فاحتلت برامج التنمية أولى أولوياتها، ما وضع الاقتصاد الياباني في مقدمة اقتصادات العالم، ولتكون إحدى الدول المؤثرة في الاقتصاد العالمي، فهي تعد أول دولة دائنة في العالم. ولم تقف طموحات اليابان عند بناء اقتصاد قوي مزدهر، بل تعمل على ثنائية الاقتصاد والسياسة، حيث تسعى اليابان إلى تثبيت دورها وأهميتها عالميًّا.
وما من شك أن ما تتمتع به السلطنة من مناخات استثمارية ومقومات سياحية واقتصاد مزدهر وواعد، وما تحظى به من استقرار سياسي وأمني مشجع، وكوادر مؤهلة ومدربة قادرة على العطاء والبذل، فضلًا عن الرغبة الأكيدة في الاستفادة من الخبرات والإمكانات اليابانية، ولكون السلطنة أحد أسواق المنتجات اليابانية، كل ذلك قد شجع البلدين على بداية عهد جديد من العلاقات القوية أرسته مجالات التعاون التي تضمنها البيان المشترك ودلت على بشائره اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب الضريبي بالنسبة للضرائب على الدخل بين حكومة السلطنة واليابان.