الندوة توصي بإنشاء قاعدة بيانات حول الإعاقة لتكون مرجعاً عربياً

محمد الكلباني: قضية الإعاقة تحتاج إلى الكثير من الدعم والمساندة من قبل الجهات لخدمة هذه الفئة
تغطية ـ جميلة الجهورية: تصوير ـ سالم الرميضي:
أعرب صاحب السمو السيد فيصل بن تركي آل سعيد خلال افتتاحه امس أعمال ندوة "سياسات التعامل مع الإعاقة وآفاقها في الدول العربية في ضوء الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة"، والتي استضافتها السلطنة ممثلة في وزارة التنمية الاجتماعية بالتعاون مع الأمانة العامة لإدارة التنمية والسياسات الاجتماعية بالأمانة الفنية لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، عن أهمية هذه الندوة وما يمكن أن تحققه من انجازات، وقال سموه خلال الندوة التي عقدت بفندق انتركونتيننتال مسقط وشارك فيها وفود 17 دولة عربية: ان هذه الندوة تقع في صميم مناقشة الاتفاقية الدولية لذوي الإعاقة، وقال: ان من بين الأشياء التي لا زالت الدول تعاني منها ، هي عدم توفير إحصائيات دقيقة ، من خلال التصنيفات المتعارف عليه من ناحية نوعية الإعاقات الموجودة والأرقام على أساس، أي حلول تقدم يجب أن تراعي هذا التنوع في نوعية الإعاقة ، والتعامل معها.
وأشار سموه خلال لقائه بالإعلاميين الى أن تدشين النظام الالكتروني لوزارة التنمية الاجتماعية ، يعد بادرة مقدرة ومثمنة، خصوصا والعالم يعيش عصر العولمة وتقنية المعلومات، وهي من الموضوعات الجيدة لمناقشتها خلال الندوة لما لها من فوائد ومزايا تخدم المستفيدين منها .
وأشار سموه إلى قضية الوعي بالإعاقة وقال: نتمنى زيادة الوعي حيث إن للإعلام دورا كبيرا، وجزء من المشاكل التي تعانيها الأسرة هي قلة الوعي ، فكثير من الأمراض الوراثية والتي تتسبب في مشاكل الطفل الأول والثاني والثالث والتي تكاد تجمعهم نفس الإعاقة، هي قضايا مرتبطة بالوعي الصحي، والتي في منظورها العام لها تبعات اجتماعية واقتصادية على الفرد والأسرة قبل الحكومة.
وأشاد سموه بدور جمعية الأمل وماتقوم به من جهود كبيرة في مجال تفعيل بعض البرامج وقال: إن السلطنة مقبلة على مرحلة جديدة من التخطيط الشامل والذي يأخذ في أبعاده الاهتمام بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية، التي تتعلق بالأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك وفقا لتوافر أرقام وإحصائيات دقيقة، فليس من الممكن القيام بالتخطيط ووضع السياسات أو البرامج إذا لم تتوفر الدقة في قاعدة البيانات.
من جانبه قال معالي الشيخ محمد بن سعيّد الكلباني وزير التنمية الاجتماعية: إن الندوة تحظى بمشاركة واسعة من الجهات المعنية على المستوى الحكومي والأهلي وأيضا مشاركة وفود لـ "17" دولة خليجية وعربية وبحضور المعنيين جامعة الدول العربية مما يؤكد بأن قضية الإعاقة تحتاج إلى الكثير من الدعم والمساندة من قبل هذه الجهات لخدمة هذه الفئة.
* الكلمات الافتتاحية للندوة
وكانت قد بدأت الندوة بكلمة ألقاها حمود بن أحمد اليحيائي مدير عام الرعاية الاجتماعية بوزارة التنمية الاجتماعية تطرق خلالها إلى الاتفاقية الدولية لحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والتي صادقت عليها السلطنة بمرسوم سلطاني، والجهود الكبيرة التي تبذلها بغية تحقيق أهداف الاتفاقية وإزالة التحديات ، وما شهده العامان الأخيران من تطورات ايجابية كان على رأسها انتشار الوعي المجتمعي بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
واضاف: وعلى ضوء ذلك تم إقرار صياغة إستراتيجية وطنية للتعامل مع الإعاقة، والتي ستكون عند الانتهاء منها الموجه لجميع الجهات المعنية في كيفية ترجمة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على ارض الواقع العملي ، وفق خطة زمنية وبرامج متفق عليها.
* انعكاس المصادقة على الاتفاقية
من جانبه استعرض الدكتور عوض سميرات من المملكة الأردنية الهاشمية رئيس الدورة العادية الثالثة والثلاثين لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب ما شهدته الألفية الثالثة من تحولات جوهرية في النظرة والفلسفة والإجراءات التي تتخذها دول العالم حيال الفئات المهشمة ، مستعرضا فيها جملة من المبادئ العامة ، والإجراءات والتدابير.
مشيرا الى بعض العقبات التي تعترض وتحد من المشاركة الكاملة للأشخاص ذوي الإعاقة، والتي في مقدمتها الإجراءات الكفيلة بتمكين ذوي الإعاقة من المشاركة، والاندماج الكامل في المجتمعات العربية، ووضع البرامج والإجراءات الكفيلة بإزالة الحواجز والعقبات، والتي تتلخص في العقبات التشريعية والمادية ونظرة المجتمع لهذه الفئة ونظرة ذوي الإعاقة لأنفسهم.
* قاعدة البيانات
وفي كلمة جامعة الدول العربية تحدث سعادة طارق نبيل النابلسي رئيس وحدة التنسيق والمتابعة بمكتب رئيس القطاع الاجتماعي ، مسئول الأمانة الفنية لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب قائلا: ما تشهده المنطقة في هذه المرحلة من تحولات وثورات في عدد من الدول العربية ، مطالبة فيها بتحقيق العدالة الاجتماعية ، والتي لا يزال فيها الاحتلال الاسرائيلي يلقي بظلاله على المكتسبات الاجتماعية والتنموية للشعب الفلسطيني ،إضافة إلى ما تواجهه المنطقة من كوارث طبيعية وغير طبيعية
وقال: رغم النجاحات التي حققت إلا أن الطريق لا يزال طويلا وهناك إشكاليات رئيسية نسعى للعمل عليها بما يمكن من تحقيق الهدف المنشود من حصول كل معاق على حقه، وبما يمكن من الاستفادة من قدراته، وإدماجه في المجتمع كعنصر فاعل في عجلة التنمية العربية.
وقال: انه حتى يومنا لا يوجد لدينا قاعدة بيانات عربية رصينة للأشخاص ذوي الإعاقة، وتصنيف لأنواع الإعاقات، كما أن قوانين وتشريعات تشغيل ذوي الإعاقة يمثل أساسا لا غنى عنه في إدماجهم والاستفادة من قدراتهم.
وقال: وحتى نتمكن من وضع السياسات الملائمة في هذا المجال فلابد من إيجاد المؤشرات المناسبة لقياس تأثير السياسات والخطط والبرامج على تحسين أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة، بل لا بد من إيجاد مؤشرات لقياس مدى رضا ذوي الإعاقة عن الخدمات التي تقدم لهم.
* نظام الأجهزة التعويضية
عقب ذلك قدمت الدكتورة كوثر بنت ثاني الخايفية مديرة تقنية المعلومات بوزارة التنمية الاجتماعية لراعي الحفل والحضور شرحا مفصلا عن نظام الأجهزة التعويضية الآلي للأشخاص ذوي الإعاقة، موضحة أن الوزارة تهدف من خلال هذا النظام إلى توفير أجهزة تعويضية ومعينات مساعدة لحالات الإعاقة والمسنين ومن في حكمهم وذلك لتوفير حياة كريمة لهم تمكنهم من الحياة بصورة طبيعية.
واشارت الى انه تم تصميم هذا النظام بحيث تكون سلسلة الجراءات آلية بالكامل ابتداء من تقديم الطلب وانتهاءً بصرف الجهاز للمستفيد، وذلك لتسهيل وتبسيط الاجراءات بالاستغناء عن السجلات والملفات الورقية بحيث يمكن الحصول على التقارير بمختلف انواعها بسهولة ويسر، ويتحكم النظام في سير اجراءات العمل ويقوم بعملية التحويل الآلي لمهام العمل من مستخدم لآخر الكترونيا دون الحاجة لاستخدام الاوراق والبريد لتوصيلها بغض النظر عن مكان فتح النظام، بعد ذلك قام راعي الحفل بتدشين هذا النظام.
وجاءت أهداف ندوة "سياسات التعامل مع الإعاقة وآفاقها في الدول العربية في ضوء الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة" والتي استضافتها السلطنة في فندق انتركونتيننتال مسقط بحضور معالي الشيخ محمد بن سعيد الكلباني وزير التنمية الاجتماعية رئيس اللجنة الوطنية للإعاقة، وأصحاب المعالي والسعادة مسئولو الأمانة الفنية لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، وممثلي المنظمات العربية والدولية متمثلة في تسليط الضوء على الجانب المعياري للاتفاقية والبروتوكول الملحق بها وقيمتها المضافة مقارنة مع الصكوك والاتفاقيات الأخرى والمبادئ والالتزامات العامة التي تنص عليها والحقوق التي تضمنتها ودور منظمة الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها والدول والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والأفراد إزاء الاتفاقية، كما تهدف إلى تسليط الضوء على جهود وموقف الدول العربية خاصة بعد المصادقة على هذه الاتفاقية لحماية حقوق هذه الفئة بما يكفل ضمان حياة كريمة لها، ونشر التوعية بين أفراد المجتمع بقدرات وإمكانيات هذه الفئة وضرورة توفيرها لخدمة المجتمع.
* جلسات الندوة
انطلقت أعمال الندوة مع الجلسة الأولى التي ترأسها خلفان بن حارب الجابري مدير عام التخطيط والدراسات بوزارة التنمية الاجتماعية، وتناولت موضوع "رصد قاعدة البيانات الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة في المنطقة العربية وتقييمها، وما هي مدلولاتها وما ينبغي أن تكون عليه" وشارك فيها كل من الكسندرا جاكسون والدكتور علي مهدي كاظم من جامعة السلطان قابوس.
كما ركزت هذه الجلسة على مراجعة القوانين والتشريعات العربية في ضوء الاتفاقية الدولية لحقوق ذوي الإعاقة، والتي أدارها محمود حافظ مدير إدارة الشؤون الاجتماعية بالمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
فيما ناقشت جلسة العمل الثانية ، والتي ترأسها الدكتور على مهدي كاظم من كلية التربية بجامعة السلطان قابوس، موضوع "المؤشرات المناسبة لقياس تأثير السياسات والخطط والبرامج على أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة في الدول العربية" وشارك فيها نائلة حداد ، وسعادة طارق النابلسي رئيس وحدة التنسيق والمتابعة بمكتب رئيس القطاع الاجتماعي.
ثم أدار محمود بن مراد الشبيبي مدير دائرة الرعاية الاجتماعية بوزارة التنمية الاجتماعية موضوع "الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة" في مقاربة تنموية لقضية الإعاقة وآفاقها وتحدياتها ليتواصل اليوم مع الجلسات الثالثة والرابعة ، وقد ترأست صاحبة السمو الدكتور تغريد بنت تركي آل سعيد أستاذ مساعد بقسم علم النفس بكلية التربية بجامعة السلطان قابوس أعمال الجلسة الثالثة والتي ناقشت التحديات والصعوبات التي تواجه تقديم خدمات الرعاية والتأهيل لفئات التوحد في الوطن العربي، وبحثها مع المشاركين الدكتور نبيل فوزي.
في حين كانت الجلسة الرابعة مناقشة عامة ترأسها مدير عام الرعاية الاجتماعية بوزارة التنمية الاجتماعية ومسئول الأمانة الفنية لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب.
* توصيات الندوة
وفي ختام الندوة وجلسات العمل تم رفع التوصيات التي تلمست مجموعة الإجراءات والتدابير من خلال دعوة الدول العربية التي صادقت على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الاستفادة من القانون العربي الاسترشادي لحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة المقرر إصداره من مجلسي وزراء العدل والشؤون الاجتماعية العرب، بما يساعد الدول الأعضاء على تكييف قوانينها الوطنية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة وبما يتلاءم مع أحكام الاتفاقية، ودعوة مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة في الدول العربية، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني ذات العلاقة مواصلة تنظيم دورات تدريبية للمسئولين في الدول العربية لكتابة تقارير تنفيذ الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وفقاً لمعاير كتابة التقارير المعتمدة من الأمم المتحدة، وبما يسهم في تعزيز جهود الدول الأعضاء لتنفيذ متطلبات الاتفاقية ، والتأكيد على نشر القانون العربي الاسترشادي لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة فور اعتماده على كافة وسائل الإعلام المسموع والمرئي والالكتروني، وطباعة القانون بلغة برايل ولغة الإشارة لتعميم الاستفادة منه على أوسع نطاق ممكن في الدول العربية، والتأكيد على قيام الإعلام في الدول العربية بدور إيجابي فاعل في تغيير نظرة المجتمع السلبية إلى نظرة إيجابية للإعاقة باعتبارها جزء من التنوع والاختلاف البشري وتأكيد حقهم في العمل والاندماج في المجتمع ، كذلك التأكيد على أهمية إنشاء قاعدة بيانات عربية حول الإعاقة لتكون مرجعاً عربياً في هذا الشأن، إلى جانب دعوة الدول العربية التي لم تصادق على البروتوكول الاختياري للمصادقة عليه ، واعتماد الأطر القانونية المناسبة والكافية لحماية الأشخاص ذوي الإعاقة من التمييز لتشجيع التكافؤ في الحصول على الوظائف والأعمال اللائقة، بما في ذلك التدريب المهني المناسب، والدعوة لتهيئة البنى التحتية بما يضمن وصول الأشخاص ذوي الإعاقة إلى المباني وأماكن الخدمات الأساسية ووسائل النقل وبرامج تكنولوجيا المعلومات ، ايضا اعتبار إدراج الأشخاص ذوي الإعاقة في المسار التنموي مسؤولية وطنية لكل القطاعات المعنية، ولا تحمل فقط على وزارات الشؤون الاجتماعية أو منظمات المجتمع المدني ذات العلاقة لأنها مسؤولية الجميع في المجتمع .
بالإضافة إلى الترحيب بقرار مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، في دورته الاستثنائية (المملكة الأردنية الهاشمية 12 مايو 2014)، الذي تضمن إدراج حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ضمن الأولويات العربية للتنمية ما بعد 2015 ، وتوفير برامج التأهيل وإعادة التأهيل للأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية والأشخاص المصابين بالتوحد بصفة خاصة، بجودة عالية تتناغم والمعايير المعتمدة دولياً من خلال استقراء وتحليل الممارسات النموذجية المطبقة في دول العالم ذات الريادة في هذا الخصوص ، والطلب من مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية في السلطنة إصدار مطوية معرفية للتوحد وتعميمها على الدول العربية للاستفادة منها ، التأكيد على أهمية دمج النساء ذوات الإعاقة على نحو مناسب وكاف في جميع السياسات والبرامج الرامية إلى تحقيق المساواة بين أفراد الجنسين.
كذلك التأكيد على حق الأشخاص ذوي الإعاقة في الحصول على التعليم الجيد الدامج مع إعارة انتباه خاص إلى إمكانية الوصول وتوفر المدرسين المدربين على لغة الإشارة والتكنولوجيا المساعدة ولغة برايل وغيرها ، و بذل الجهود لتعزيز أعمال البحث وجمع البيانات الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي تسمح بتعريف مناسب للبرامج والسياسات ومتابعتها، وبما في ذلك إيجاد المؤشرات المناسبة لقياس آثرها ، أضف إلى الدعوة لإزالة الحواجز التشريعية وحظر التمييز على أساس الإعاقة فيما يختص بجميع المسائل المتعلقة بكافة أشكال العمالة وفيها شروط التوظيف والتعيين والعمل واستمراره، والتقدم الوظيفي وظروف العمل الآمنة والصحية ، و اعتماد الاتجاه الحقوقي في فهم الإعاقة وأنواعها باعتبارها نتاج عوامل متداخلة تلعب فيها العوائق البيئية والحواجز السلوكية الدور الأساسي التي تمنع من ممارسة الحقوق والحريات العامة للأشخاص ذوي الإعاقة ، وأخيرا دعوة الدول العربية إلى الاستفادة مما ورد في التقرير الذي أعدته الاسكوا بالتنسيق مع جامعة الدول العربية حول الإعاقة في المنطقة العربية .. لمحة عامة ودعوة الاسكوا إلى استكمال جهودها في هذا الشأن.