[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
كنت أقرأ عن الرسالة التي تلقاها الرئيس السوري بشار الأسد من الرئيس الأميركي ترامب .. معلومة نقطة في بحر ما يملك، وهل سيتسنى لنا أن نعرف ما كان يعرف أو ما مر معه؟ .. إنه لأمر مدهش أن تتراكم المعلومات الموثقة أو الافتراضية في عقل رئيس عليه تلك المسؤوليات الهائلة تجاه بلده بكل تنوعاته، واتجاه المنطقة، واتجاه الحلفاء والأصدقاء وأولئك الذين خاصموه.
نعرف أنه ليس الوقت المناسب ليقول الرئيس السوري أقل ما مر معه. هذا العقل الذي يختزن كل تلك المعلومات التي كل منها يحتاج لعقل خاص لا بد أنه استثنائي، إضافة إلى ما يكون قد قرأه من مراجع وكتب.. سألت مرة الرئيس ميشال عون يوم كان قائدا للجيش اللبناني في ثمانينيات القرن الماضي وكانت كل الأنظار تتجمع حوله باعتباره الخليفة المفترض لوراثة رئاسة أمين الجميل، عما يقرأ، فجاء جوابه أنها الكتب التي تختص بشؤون ممارسة الحكم والإدارة، كما رد جمال عبدالناصر على الصحافي الراحل محمد حسنين هيكل حول مشروع عمره المنتظر بأن من يمارس هكذا حكم لا يمكنه أن يعيش.
لو حكى الرئيس السوري، فالعالم كله سيسمع منه منذ ما قبل الجحيم العربي، وأيضا قبل أن تحتل الولايات المتحدة العراق ليصبح لديه مستمسك أن المقصود في النقلة الأميركية الأخرى هي سوريا، فكيف تأكد بعد أن جاءه وزير الخارجية الأميركي كولن باول ليملي عليه أوامر أميركية باتت معروفة للقاصي والداني. وكيف كان واضحا، أن ترتيب المؤامرة على سوريا لم يأتِ أولا، وإنما جاء بعد حصيلة ما وقع قبلها في العراق أولا حيث الإطاحة بصدام حسين، ثم سقوط زين العابدين بن علي في تونس في هروبه الذي لا نعتقد أنه جاء من وحي أفكاره ولربما أملي عليه إملاء، ثم خطة الجيش المصري في عزل الرئيس السابق حسني مبارك وصولا إلى ليبيا، وفي كل من هذه البلدان كان إشارة لما على الأسد أن يختاره: هل يترك البلد كالرئيس التونسي، أم يعزله الجيش كالمصري، أم يقع في يد الغوغاء كالليبي؟ لكن الذين هندسوا ضده تلك الخيارات، نسوا أنه لا يشبه أحدا من هؤلاء جميعا، وأنه من سوريا التي تحمل شروط التاريخ العروبي في صموده عبر سنين متعددة من الكفاح المتعدد الأشكال، بل هو أحد ورثة خالد العظمة بطل ميسلون، وهو ابن الجيش العربي السوري بعقيدته الذي يتنفس أعظم انتماء وطني وفي تاريخه قدسية لسوريا، وبالتالي واحد من شعب كله إيمان بروح النضال المستمر وله تضحياته الوطنية والقومية التي لا نبالغ القول إنه تاريخها.
متى يحكي الرئيس بعنفوانه المعروف وأسلوبه المنهجي المثير للإعجاب. سنكتشف ما هو أبلغ من الاكتشاف، لكن الذي مر يكون قد جرى في نهر أحداث هائلة وضخمة، ومع ذلك سيترك مفاجأة وكلاما كثيرا حوله، لا شك أن ما قرأناه من مذكرات عن مرحلة الرئيس حافظ الأسد كان مثيرا في بعضه، فكيف لتلك الأيام الحارة في عصر بشار الأسد ألا أن تكون مثيرة. غدا تنتهي الحرب على سوريا، ولكن ليس غدا سيقال ما يجب أن يكتب عنها، إلا إذا سمعناها من الرئيس الذي بيده مفتاح كل معلومة وكل حدث وكل مفارقة وكل أعجوبة من أعاجيب الصمود السوري.