[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedalkadedy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د.أحمد القديدي[/author]
لم يعد من اليسير الهروب إلى الحجج الواهية التي لم تعد تقنع أحدا مثل خيارنا هو السلام أو سنعترف بإسرائيل إذا ما وإذا ما...! لأن العدوان فاق كل درجات الاحتمال بالنسبة للشعوب العربية وهذه الشعوب تختلف عما كانت عليه عام 1948 إبان النكبة، وعام 1956 إبان العدوان الثلاثي وعام 1967 موعد العرب مع الهزيمة، وعام 1973 عندما حقق العرب نصف انتصار...
مع انعقاد القمة العربية الثامنة والعشرين والاتفاق حول حلول عملية وسلمية للقضية الفلسطينية، ومع إحياء العرب ليوم الأرض تتجدد إثارة الملف الحارق الذي اتسعت آثاره لتشمل العالم بأسره حيث تحول إلى تهديد مستمر لأمن الجميع أشارت منظمة الأمم المتحدة الأسبوع الماضي في تقريرها الأخير لمنظمة (الأسكوا) وأمينتها العامة (د. فرجينيا تليه) إلى ممارسات إسرائيلية ضد العرب الفلسطينيين فوصفتها بالتمييز العنصري من خلال فرض طابع الدولة اليهودية على إسرائيل، ما يعني أن غير اليهود يعاملون كمواطنين منبوذين عنصريا. وبالطبع ثارت ثائرة حكومة نتنياهو لتندد بالأمم المتحدة وفي سجل مختلف تتردد الإدارة الأميركية في تنفيذ وعد (ترامب) بنقل السفارة الأميركية إلى القدس؛ لأنها لم تتوقع حجم ردود أفعال حلفائها الأوروبيين والآسيويين الذين أجمعوا على التهديد الذي يشكله هذا القرار للسلام العالمي، ومن أي منظور قيمنا العدوان الإسرائيلي اليوم على لبنان وفلسطين وسوريا واستهداف تركيا، وكيفما حللنا أسبابه وتداعياته، فلا بد من الاعتراف بأنه يشكل المواجهة المصيرية الأكثر حسما للصراع العربي الإسرائيلي الدائر في المنطقة منذ ما يقارب القرن. فهو يضع العرب أولا وبقوة أمام تحدي البقاء أو الفناء لأن العرب بلغوا اليوم وعبر هذه الحروب ما يطلق عليه ساعة الحقيقة، فلم يعد من اليسير الهروب إلى الحجج الواهية التي لم تعد تقنع أحدا مثل خيارنا هو السلام أو سنعترف بإسرائيل إذا ما وإذا ما...! لأن العدوان فاق كل درجات الاحتمال بالنسبة للشعوب العربية وهذه الشعوب تختلف عما كانت عليه عام 1948 إبان النكبة وعام 1956 إبان العدوان الثلاثي، وعام 1967 موعد العرب مع الهزيمة وعام 1973 عندما حقق العرب نصف انتصار، وعام 1982 حين واجه لبنان الغزو من أجل محو المقاومة الفلسطينية من الخريطة، وحين دك قطاع غزة مرات متتالية؛ لأن الأمة تعيش ككل أمة في الألفية الثالثة وتتأثر بوسائل الإعلام والاتصال الراهنة وبشكل مباشر ولحظي متطور، وهذا هو فضل العولمة على تحرير الأمم كما لم يتوقعه أعداؤها ومغتصبو حقوقها! ثم يأتي التحدي الأخير للمجتمع الدولي والقانون الدولي ليضع الشعب اليهودي الموزع في شتى أصقاع العالم أمام مراجعة قاسية واستعجالية لمستقبل هذه الدولة العبرية ذات المواصفات الفريدة والاستثنائية بين الدول، من حيث هي تأسست على الإرهاب منذ اغتالت عصابات الصهيونية المتطرفة اللورد موين في القاهرة عام 1944 بعد أن عينته الحكومة البريطانية مسؤولا عن الملف الفلسطيني عام 1941 فشكك في إمكانية تطبيق وعد بلفور على حساب الشعب العربي في فلسطين، بل واقترح إنشاء كيان يهودي في أوروبا المسؤولة وحدها عن محنة اليهود. ثم اغتالت عصابات الهاغانا الكونت برنادوت مبعوث الأمم المتحدة إلى فلسطين عام 1948 وفجرت عصابة شترن فندق الملك داوود في القدس على رؤوس الضباط البريطانيين المائة والعشرين في نفس العام. ثم بدأت سلسلة المذابح في فلسطين من دير ياسين إلى بئر السبع إلى قانا وصبرا وشتيلا أعقبتها حروب العقاب الجماعي في قطاع غزة والتركيز تحديدا على الأطفال في فلسطين؛ لأنهم الضمان الأول لاستمرار القضية وتواصل الصراع جيلا بعد جيل مع عمليات اغتيال داخل وخارج فلسطين. ولم تتردد قوات إسرائيل مرة من المرات في دك موقع للأمم المتحدة وقتل المراقبين الأمميين العزل الأربعة. من جهة أخرى أحدثت سياسات رفض السلام واستمرار العدوان رجة في الضمير اليهودي ذاته، وأصبح كثير من كبار المفكرين اليهود يراجعون حساباتهم ويعبرون عن خوفهم على مصير اليهود في إسرائيل، فقد اشترك أشهر المثقفين اليهود في التوقيع على بيان قوي اللهجة صادق العبارة يتهم إسرائيل بتدمير نفسها حين تقوم بمغامرة الاعتماد على القوة فحسب، فتكلموا عن انتحار إسرائيل وهم ليسوا عربا وهم من مشاهير اليهود أمثال (ناحوم شومسكي) عالم الألسنية و(هارولد بينتر) الكاتب الحاصل على جائزة نوبل للآداب عام 2005 و(جوزي ساراماغو) الكاتب الحاصل على جائزة نوبل لعام 1998 والمؤرخ (بيار فيدال ناكي) وأساتذة الجامعات (ايتيان باليبار) و(سوزان سيترون) و(ستيفان هيسيل) و(هنري كورن) و(أبراهام سيغال) و(جيل منسورون) وبهذه الحقائق الجديدة يصبح اليمين الإسرائيلي في مواجهة شعب مضطهد وصامد ورأي عام عالمي منزعج ونخبة يهودية ضجت بممارسات العنف وتهديد الأمن العالمي.