مع الدور الوطني والمحوري الهام الذي يقوم به المجلس الأعلى للتخطيط في دراسة واقع التوجه التنموي في السلطنة بشتى محافظاتها ورسم السياسات العامة بات اليوم من حكم الواقع أن يطلع المجلس بإيلاء الحدائق والمتنزهات الأهمية البالغة وإيجاد دراسة تعكف على بلورة الواقع الذي آلت إليه الحدائق العامة من تشويه وسوء استغلال إلى تنمية هذه الحدائق والمتنزهات للاستفادة منها من قبل أبناء المجتمع بدلاً من السفر للخارج.
لا شك بأن الاستجمام مطلب عائلي وتهيئة المواقع المناسبة لذلك أمر في غاية الأهمية، غير أن اليوم لا يوجد حدائق ومتنزهات تفي بالغرض، حديقة القرم الطبيعية حُولت لميادين تجارية بحته على حساب المواطن وما بقى منها إلا الفتات، وحديقة النسيم العامة هي الأخرى تحتضر على مرأى ومسمع من الحكومة دون أي حراك يذكر هذا في العاصمة مسقط فكيف الواقع في المحافظات الأخرى التي تحتاج إلى مزيد من العناية والرعاية وتوفير خدمات ترفيهية.
نحن نروج في الخارج للسياحة في السلطنة وهذا دور رائد تطلع به السلطنة ممثلة بوزارة السياحة الموقرة ، ومع ذلك فإن الواقع السياحي المحلي معظمه واقع طبيعي نتيجة الوضع الجغرافي والتاريخي والطبيعي لمحافظات السلطنة ولا نضيف في ذلك إلا ما ندر ، بينما هناك أمر في غاية الأهمية علينا الالتفات إليه وهو إيجاد متنزهات وحدائق على مستوى وإشراك القطاع الخاص في ذلك ، أليس من حق المواطن أن ينعم بحدائق ومتنزهات على مستوى تلبي طموحاته.
هذا التوجه ينبغي أن يلتفت إليه المجلس الأعلى للتخطيط في الوقت الراهن، وإذا كان الغالبية منا ممن تيسرت أمورهم المالية يسافرون في أصقاع الأرض طلباً للاستجمام فهناك أسر بحاجة إلى كم بسيط من المسطحات الخضراء والألعاب والبرامج الترفيهية ووضعها لا يسمح بالسفر علينا أن نلتفت لمثل هذه الأسر ، كما ينبغي أن تتولى مكاتب أصحاب السعادة المحافظين دور ريادي في رفع تصورات لواقع محافظاتهم وكذا مجلس الشورى هو الآخر مُطالب بلعب دور استثنائي في الوقت القادم ، هذا استثمار ناجح لو تم دراسته بعناية وتفعيل دور البلديات كذلك.
آمل أن تصل هذه الرسالة إلى المجلس الأعلى للتخطيط، الواقع اليوم يحكي وضعاً مُبهماً فيما يتعلق بالحدائق والمتنزهات في السلطنة وكأننا ما زلنا في بداية النهضة لم نُقدم شيئاً في هذا الجانب بينما هناك مشاريع عملاقة مقبلة عليها السلطنة يتم ضخ المليارات من الريالات لها، فلماذا لا نُهيئ واقعاً سياحياً داخلياً حتى ينعم المواطن بأرضه ويراها كما يجب، لماذا تصد الحكومة جانباً عن هذا الواقع وتضع في الأدراج بينما يبقى المواطن يحلم في حدائق ومتنزهات تضاهي ما يراها في الخارج.

سيف الناعبي
[email protected]