[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
يقف عامل التضاريس الأرضية الوعرة خلف نجاح الكثير من تجارب المقاومة في التاريخ، وعند إجراء مقارنة بين التضاريس في الكثير من التجارب والتجربة العراقية نجد أن هذا العامل الذي قدم الدعم للمقاومين في مختلف أرجاء العالم يختلف في العراق، يضاف إلى كون الأرض منبسطة وعدم وجود تلال وكهوف وغابات وجبال، فقد امتلكت القوات الأميركية طائرات الاستطلاع الجوي المتطورة جدا، وقد تتبعت تلك الطائرات بعض المقاومين أثناء الليل بعد تنفيذهم الهجمات ودفعوا بقوات أرضية من الدوريات واعتقلوا البعض من المقاومين.
لكن هل وقف هذا العامل الهام حائلا أمام إصرار المقاومين على شن المزيد من الهجمات ضد القوات المحتلة؟
أولى منظرو الحروب وزعماء المقاومة البارزون في العالم أهمية استثنائية لعامل التضاريس، لما له من أهمية وأثر بالغ في تحديد نتائج الكثير من المعارك الصغيرة والهجمات التي تشنها المجاميع المقاومة على العدو، ويوجه الزعيم الصيني ماو تسي تونج مقاتليه أثناء مقاومتهم للاحتلال الياباني مطلع القرن العشرين بقوله (إن تواجد المقاومين يتوزع على ثلاث مناطق رئيسية هي: المناطق الجبلية، والسهول وتلك التي تكثر فيها الأنهار والبحيرات والخلجان) ويقسم المناطق نظرا لنوع التضاريس التي توجد في تلك المناطق، ويقول ماو تسي تونج، إن المناطق الجبلية هي الأفضل لشن الهجمات على العدو، إذ إن قوات المقاومة في المناطق الجبلية، يمكنها بصورة دائمة أن تحطم حملات التطويق والهجوم، وتصمد في قواعدها، أما في السهول فإن الأمر يختلف، إذ ينبغي على المقاومين في هذه المناطق التي تكون مفتوحة ومكشوفة أكثر، أن يفكروا في حال تعرضوا لهجوم، على ضوء الظروف القائمة واتخاذ التدابير اللازمة، وأهمها سحب أكبر عدد ممكن من المقاتلين، والإبقاء على مجاميع منفردة غير مكشوفة، وما أن ينسحب العدو حتى تعود قوات المقاومة إلى الانتشار في تلك السهول، ويفرد تشي جيفارا مساحة واسعة للتضاريس وأهميتها في تنفيذ الهجمات من قبل المقاومين في كتابه (حرب العصابات) الذي صدر العام 1960، ويضع أول عامل لنجاح المقاومين في شن هجمات ناجحة، هو طبيعة الأرض التي يتحرك عليها المقاومون ويقول (إن وجود الجبال والأرض الوعرة والغابات والأحراش من أهم عوامل دعم المقاومين وضمان نجاح هجماتهم دون تقديم أية خسائر، وإن الأرض المناسبة لشن الهجمات هي الجبال) ويقول جيفارا إيضا، إن (الجبال تحمي المقاومين من أذى الطيران وإنها الأماكن الملائمة لتنظيم الأفراد المقاتلين، وتجهيزهم للقتال).
إن هذه القواعد التي تحدث عنها اثنان من قادة المقاومة البارزين، تؤكد بوضوح أن عدم وجود التضاريس الوعرة والجبال يعيق أو يعطل فعل ونشاط المقاومين وبدرجة كبيرة، ما يؤثر على زيادة فعل المقاومة ويحد من اتساع رقعتها. لكن ورغم الغياب التام لعامل التضاريس الأرضية الوعرة في المناطق الشاسعة التي بدأت فيها المقاومة العراقية ضد القوات البريطانية والأميركية، فإن المقاومة قد تصاعدت بقوة ولم تقف التكنولوجيا الجوية المتطورة جدا بوجه إرادة المقاومين وإصرارهم على مواصلة الهجمات النوعية ضد الدوريات والقواعد الكبيرة والمعسكرات، بما في ذلك مقر السفارة الأميركية في داخل المنطقة الخضراء شديدة التحصين في العاصمة العراقية.
ونفذ المقاومون في العراق منذ بداية الاحتلال الأميركي للعراق في العاشر من نيسان/ أبريل من العام 2003 حتى نهاية العام 2011 حيث سحب الرئيس باراك أوباما آخر الجنود من العراق ما يقارب الـ220 ألف هجوم بين عنيف ومتوسط استهدف قوات الاحتلال.