[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
بدون شك أن تجارب المقاومة التي سنشير إليها قد حققت نجاحات كبيرة وأن رجالها في غاية الشجاعة، ونحن على ثقة بأنهم كانوا سيقاومون الغزاة المحتلين حتى في حال عدم وجود التضاريس الكثيرة، ونحن نؤكد هنا على أن هذا العامل مساعد للفعل المقاوم وليس الأساسي، ولكن نضع هذه الحقائق لتأكيد صعوبة الظروف التي نشأت فيها المقاومة العراقية.
في الجزائر هناك عدة سلاسل من الجبال، أهمها سلسلة جبال أطلس، جبال جرجرة، جبال الونشريس، وجبال الهقار، وتتكون جبال أطلس من سلسلتين جبليتين وهي موازية للساحل الجزائري الذي يمتد على مسافة 1200كم، أما حدود الجزائر فتبلغ 6343كم ومساحتها (2،381،731كم)، وهناك الهضاب الداخلية في الجزائر، وهي مناطق مرتفعة وأهمها مرتفعات تبسة، الحضنة، أولاد نايل العمور والقصور.
ولا شك أن حدود الجزائر الطويلة، قد ساعدت في تأمين الإمدادات التي كانت تأتي إلى المقاومين من الخارج، وأن التضاريس من الجبال والهضاب قد أسهمت في إعطاء زخم للمقاومة الجزائرية، إذ كانت الملجأ للمقاتلين الذين تطاردهم سلطات الاحتلال الفرنسية.
في فلسطين توجد مجموعة من الجبال أهمها، جبال الجليل ويبلغ معدل ارتفاعها ثمانمائة متر، وجبل الجرمق هو أعلى جبال في فلسطين وتبلغ قمته 1100م، وهناك جبل كنعان، وجبل الكرمل، ومرتفعات الجليل وجبل الطور، وهناك جبال القدس والخليل.
وتواجدت الغالبية العظمى من المقاومين الفرنسيين التابعين لفرنسا الحرة بقيادة الجنرال شارل ديجول في المناطق الجبلية، ويقول ديجول بهذا الصدد (إن الحركات المقاومة التي كانت تعمل في المناطق الجبلية الوعرة الشائكة، استمروا هناك ولم يبرحوا المكان، لأن وجودهم في تلك الأحراش هو الأفضل، إذ تتوافر لهم الظروف الأمنية، للاستعداد لتنفيذ هجماتهم ضد قوات الاحتلال الألماني بالنسب للتجربة الفيتنامية وفيما يتعلق بأهمية التضاريس، نورد المثال التالي، عندما بدأت القوات الأميركية باستخدام الطائرات في القصف العنيف لمواقع المقاومين الفيتناميين (الفيتكونج) عام 1962 مستفيدة من العدد الكبير من المستشاريين الأميركيين والخبراء البريطانيين، والخبراء الفرنسيين وتجاربهم في فيتنام والجزائر، تسبب كل ذلك بتدهور موقف المقاومين الفيتناميين، وقد تكبد الفيتكونج خسائر جسيمة بسبب الغارات الجوية، خاصة في قرية اب باك، ضمن منطقة دلتا الميكونج، على بعد أربعين ميلا من سايجون، والسبب بكل هذه الخسائر لأنه لا توجد جبال في هذه المنطقة، ولا توجد غابات، (لذلك فكر قادة المقاومة بإيقاف المقاومة في هذه المناطق) وجرت نقاشات واسعة بهذا الشأن وقرروا الاستمرار بالمقاومة خشية فقدان الثقة بها في الأوساط المؤيدة لها.
إن دلتا الميكونج قد تكون المنطقة الوحيدة التي ليس فيها الجبال والغابات والأحراش، ولمجرد فقدان عامل التضاريس واجهت المقاومة الفيتنامية صعابا جمة، لدرجة تفكير الكثير من زعاماتها اللجوء إلى اتخاذ قرار إيقاف نشاطات المقاومة على الأقل في تلك المناطق، وعلينا أن نتذكر أن القوة التي ألحقت الخسائر الجسيمة بالمقاومين الفيتناميين هي الطائرات، ونحن نتحدث عن أسلحة وطائرات بتقنية وإمكانيات بداية ستينيات القرن العشرين، أي قبل غزو العراق بما يقرب من نصف قرن.
ورغم الحصار الشديد الذي فُرض على المقاومة الفيتنامية خلال حرب العمليات الخاصة، التي رسمها وقادها ماكينمارا وزير الدفاع الأميركي ورئيس الأركان تايلور، واستحداث القرى الاستراتيجية التي هدفت عزل المقاومين عن محيطهم وحاضنتهم، إلا أن المقاومين تمكنوا من استعادة نشاطاتهم بعد أقل من سنتين، ومن هنا تبرز أهمية التضاريس، إذ لجأ المقاومون إلى الجبال ليعاودوا نشاطهم وهجماتهم ضد القوات الأميركية.