القانون والناس
د. سالم الفليتي ✲

نواصل حديثنا في الأسباب العامة لانقضاء الشركة التجارية:
السبب الرابع: إفلاس الشركة أو خسارة رأسمالها.
تنقضي الشركة التجارية وتنحل إذا أفلست أو تعرضت لخسارة فادحة أدت إلى هلاك كل رأسمالها أو معظمه. بحيث لا يستطيع أو لا يمكن استخدام ماتبقى من رأسمال هذه الشركة، استناداً للفقرة (د) من المادة (14) من قانون الشركات التجارية سابق الإشارة إليها. وعلى هذا فإن الشركة تنقضي إذا توقفت عن دفع ديونها وصدر حكم قضائي بإشهار إفلاسها، ومن المعروف أن إشهار إفلاس الشركة قد يكون بناء على طلب من أحد دائنيها أو ممثلها القانوني، وقد يكون عن طريق المحكمة، فلهذه الأخيرة أن تحكم بإشهار إفلاس الشركة من تلقاء نفسها. وفي الحالتين يؤدي الأمر إلى انقضاء الشركة، حيث يتبعها بعد ذلك تصفية الشركة و توزيع حقوق دائنيها وإن تبقى شيء بعد ذلك من رأسمال الشركة يوزع على الشركاء فيما بينهم قسمة غرماء. مع ملاحظة ـ وكما سبق الإشارة إليه ـ في إحدى مقالاتنا أن إفلاس شركات الأشخاص كشركة التضامن والتوصية يؤدي إلى إفلاس الشركاء المتضامنين فيها، والسبب يرجع إلى مسؤوليتهم الشخصية والتضامنية عن ديون الشركة، وهذا ما تكفلت بيانه المادة (30) من القانون ذاته: «كل شريك في شركة التضامن يعتبر أنه يتعاطى الأعمال التجارية باسم الشركة ويكتسب صفة التاجر، إنما لا يكون ملزماً بأن يسجل كتاجر، إذا اكتسب هذه الصفة لمجرد كونه شريكاً يؤدي إفلاس شركة التضامن إلى إفلاس كل الشركاء فيها». وما يجب ملاحظته والإشارة إليه أنه أياً كان مقدار الخسارة التي تعرضت لها الشركة، فإنه بالإمكان لهذه الشركة أن تستمر في نشاطها إذا كانت قد أجرت تأميناً على موجوداتها وحصلت بالتالي على مبلغ التأمين عند تعرضها للحادث. وثانيهما: أن تسمح الجهات المعنية لهذه الشركة بالاستمرار في ممارسة نشاطها.
السبب الخامس: إجماع الشركاء على حل الشركة.
يمكن أن تنحل الشركة عند إجماع الشركاء على حلها وإنهائها استناداً للفقرة (و) من المادة (14) من القانون ذاته: «وحق الشركاء في الإتفاق على حل الشركة التجارية يعود إلى أن الشركة قد تم تأسيسها ابتداء من قبلهم، وبالتالي بقاء هذه الشركة واستمراريتها يعود أيضاً إلى رغبتهم مع ملاحظة أنه لا يجوز للشركاء حل الشركة إذا كان عقدها يتضمن مدة محددة إلا عن طريق المحكمة.
مع ملاحظة أن المشرع لم يحدد نصاب الإتفاق ولكن الأصل أن هذا الإتفاق وعلى ما سار عليه الفقه يجب أن يكون بإجماع الشركاء، ومع ذلك فللشركاء حق الإتفاق في عقد الشركة أو في نظامها الأساسي على حل الشركة بموافقة أغلبية الشركاء.
السبب السادس: حل الشركة بحكم قضائي.
وهذا ما تناولته الفقرة (و) من المادة (14) من القانون. حيث يجوز للمحكمة أن تقضي بحل الشركة بناء على طلب يقدم لها من أحد الشركاء أو من أي شخص آخر له مصلحة في حل الشركة التجارية، كما يجوز للشركاء بناء على أي سبب آخر وجيه غير وارد في المادة (14) وترى المحكمة من الضروري حل الشركة بناء على قناعتها بأن ذلك السبب يؤدي إلى عرقلتها لو استمرت الشركة في نشاطها.
السبب السابع: الاندماج وتحول الشركات.
يقصد بالاندماج: تلاحم شركتين قائمتين بحيث تفقد كلتاهما شخصيتها القانونية وتظهر عندها شركة جديدة، أو تفقد إحداهما شخصيتها القانونية لحساب الشركة الأخرى، بحيث تتوسع الشركة الثانية وتنقضي الشركة الأولى. وفي جميع الأحوال فإن الاندماج بالاستناد إلى المادة (13) مكرر (4) من قانون الشركات يكون بإحدى طريقتين:
الأولى: الاندماج بطريق الضم، حيث أنه ووفقاً لهذه الطريقة توجد شركتان أو أكثر قائمتان، وتضم إحداهما الأخرى، وبالتالي يترتب على ذلك انقضاء الشركة المندمجة وزوال شخصيتها القانونية، في حين يتسع نطاق الشركة الدامجة ويؤول رأسمال الشركة المندمجة وحقوقها وكذلك التزاماتها إلى الشركة الدامجة.
الطريقة الثانية: الاندماج بطيق المزج. وتتحقق هذه الطريقة بحل شركتين أو أكثر لتكوين شركة جديدة تنتقل إليها ذمم الشركات المندمجة.أما تحول الشركات فيعني: تغير شكل الشركة لشكلها القانوني، كما لو تحولت شركة التضامن إلى شركة محدودة المسؤولية أو إلى شركة مساهمة، فمثل هذا التحول لا يؤدي بطبيعة الحال إلى انقضاء الشركة، بل يعتبر الشكل القانوني للشركة المتحولة. وبالتالي فإن هذا التحول لا يترتب عنه نشوء شخص اعتباري آخر جديد، فالشركة تظل محتفظة بشخصيتها المعنوية وحقوقها والتزاماتها السابقة على التحول.

✲أستاذ القانون التجاري والبحري المساعد

كلية الزهراء للبنات
[email protected]