في ألفية التاريخ التايلاندي نادرًا ما كان يوجد تمييز بين الخادم المدني والعسكري لملك. بالتأكيد وطوال خمسة قرون تحول جنرالات إلى وزراء ووزراء إلى جنرالات. ومنذ العام 1932 كان الجيش الملكي التايلاندي له الكلمة الأخيرة في من يحكم، وكانت هناك فترات قصيرة من الديمقراطية عندما كانت مصالح قطاع أوسع من الناخبين تتلاقى مع مصالح مؤسسة الجيش.
تلك طريقة للنظر بها إلى الانقلاب الذي حدث في الأسبوع الماضي في تايلاند حيث أطاح الجنرال برايوت تشان اوتشا بالقائم بأعمال رئيس الوزراء الذي بدوره تولى المنصب بعد عزل المحكمة الدستورية لرئيسة الوزراء ينجلوك شيناوترا من منصبها الشهر الماضي، وهي التي كانت تحكم بتلقي الأوامر من أخيها رئيس الوزراء المخلوع تاكشين شيناوترا الذي يعيش في المنفى بدبي.
وعاشت تايلاند في شهور من الاحتجاجات السياسية بين القمصان الصفراء الذين يدعمون الملك وأصحاب المصالح والقمصان الحمراء الذين هم غالبية السكان الداعمين لتاكسين والمنادين بعودته.
وكان تاكسين قد حقق المليارات من صناعة الهاتف النقال وبدأ شراء صحفيين وسياسيين من الشمال، وفاز بانتخابات 2001 باكتساح ثم سرعان ما أظهر لونه الحقيقي، وغطى على بعض أجزاء الإعلام التي لم يسيطر عليها، وقتل نحو 3000 من صغار تجار المخدرات في حربه على المخدرات، وأظهر أنه جاء ليبقى.
النظرية الديمقراطية لم تكن تعني قط حكما بسيطا من جانب الأغلبية. فما من شك أن تاكسين استخدم الأموال والتوازنات ولكن بشكل مختلف ليعزز من قاعد سلطته في الشرطة وبنجاح بسيط مع الجيش، وفتح الخزائن للشمال حتى اضطره الجيش للاستقالة في 2006 لكنه تباطأ في استبداله بشيء قابل للحياة، وفي النهاية اتهمه بعمل جنائي، مما اضطره للخروج إلى المنفى.
ومنذ ذلك الحين ظهر أنصار القمصان الحمراء والقمصان الصفراء، ومع ذلك استطاع الاقتصاد التايلاندي طوال تلك الفترة امتصاص هذه المطبات وظل ينمو، ولكن ذلك لا يمكن أن يستمر إلى الأبد.
من الصعب دائما إيجاد مبرر للانقلاب، حتى عندما يحل محل نظام محطم. والحقيقة أننا أمام معادلة صفرية هنا. فالقمصان الحمراء والقمصان الصفراء لا يرون شيئا مشتركا بينهما. ولكي ينجح كان على الجيش أن يضمن مكاسب القمصان الحمراء في السنوات الأخيرة (في التعليم والرعاية الصحية وغيرها)، وفي الوقت نفسه يضمن استمرارية السلالة الحاكمة والمصالح السياسية والاقتصادية العريضة المصاحبة لها. من حسن الحظ أن هناك وفرة في الأشياء الجيدة بفضل الثروة التي تم جنيها من النمو السريع.
تبرير المعارضة للانقلاب يستلزم دعما لتاكسين، ذلك الرجل الذي لا يسمح بمعارضة حتى من القصر، والذي يحكم بقبضة من حديد طالما كان هو أو من يختارهم ليخلفوه على قيد الحياة.
على المستوى الشخصي تتمثل دهشتي في أن الجنرال انتظر وقتا طويلا، ولقد خطط جيدا وأعلن الأحكام العرفية في يوم واستحوذ على السلطة في اليوم التالي. ولم يخرج الجيش جنرالا يتمتع بهذه الكفاءة الواسعة منذ نصف قرن.
اختيار نظام تاكسين يعني ضمان موت الديمقراطية في المستقبل المنظور بتايلاند. أما دعم الجيش فقد يكون الحل الوحيد لاستعادتها. لقد كانت حقيقة تاريخية عامة أن الأنظمة التي تجلب النظام هي التي تجعل التحول الديمقراطي ممكنا. والعكس نادرا ما يكون صحيحا. والأنظمة المتساهلة غالبا ما تؤدي إلى إجراءات متشددة تنذر بنهاية الحكم المستنير.

سكوت طومسون أستاذ فخري السياسة الدولية بكلية فليتشر للقانون والدبلوماسية بجامعة توفتس والخبير بشؤون جنوب شرق آسيا خدمة "أم سي تي" ـ خاص بـ"الوطن"