[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
يقول د.الفيل: إن (يهودي) في الوقت الحاضر تعني كل شخص انتسب إلى الديانة اليهودية وأخذها كدين له، وليس من سبط يهوذا، ويرجح أن لفظة يهودي قد ظهرت لأول مرة إثر ظهور الديانة المسيحية.
وعندما توقفنا عند المسائل التي تخص تسمية اليهود والجنس اليهودي، فإننا أردنا أن نعطي أرضية علمية دقيقة لبحثنا عن تاريخ يهود العراق، في ضوء ما يتم تداوله واعتماده من قبل الباحثين والمؤرخين.
وهنا لابد من الاشارة إلى أن التوراة كانت قبل الاكتشافات الآثارية الأخيرة المصدر الأساسي، الذي يرجع إليه الباحثون في تدوين تاريخ فلسطين القديم، ودور اليهود فيه باعتدادها اقدم كتابة من التاريخ القديم فضلاً عن قدسيتها، مما وضعها خارج نطاق التحليل التاريخي العلمي، وقد بقيت على هذا النحو قروناً عديدة لانعدام الأدلة والبراهين القاطعة، حتى كشفت لنا الكتابات التي خلفها الأقدمون قبل عهد التوراة، وهم السومريون والآكديون والكنعانيون (الفينيقيون) والحيثيون والبابليون والآشوريون والمصريون عن كثير من الأمور الغامضة، وتمتاز هذه الكتابات بأنها دونت أحداث عصرها أولاً بأول خلاف ما جاءت به التوراة من تدوينها لفترات متباعدة سابقة لفترة التدوين تلك.
والمسألة الحساسة التي لابد من الوقوف عندها، انه ومن خلال دراستنا لتاريخ اليهود في العراق والذي اقتضى بالضرورة الاحاطة بجوانب مهمة من تاريخ العراق القديم، والذي يعني الاطلاع على الحروب التي كانت تحصل بين الإمبراطوريات والدول في ذلك الوقت، لاحظنا، ان هناك الكثير من الحروب والصراعات كانت تحصل وباستمرار، وأن مسألة جلب الاسرى كانت أحد الشواهد التي وثقتها الكتابات القديمة، ولكن الأمر المستغرب، أننا وجدنا لفظة (سبي) يتكرر استخدامها في مرحلتين محددتين فقط، وهو ما يتعلق بالحروب الآشورية التي شنت ضد اليهود اواخر القرن الثامن قبل الميلاد، وما قام به نبوخذ نصر عامي 597و586 ق.م، اما في بقية الحروب وهي كثيرة جداً، فقد ظلت ترد كلمة (اسر) او (جلب) لمن يتم اخذهم من الجانب الآخر، وما لاحظناه أن الغالبية العظمى من مؤرخينا وباحثينا يستخدمون ذات اللفظ (سبي) في بحوثهم وكتبهم، والتي نعتقد أنها جاءت من المصادر اليهودية، التي أريد بها أن تميز الحالة التي مر بها اليهود وتضعهم في خانة المضطهدين، وتمنح بعداً دينياً لما حصل لهم، ولهذا فإن الدعوة لابد أن توجه إلى الدارسين لملاحظة ذلك، والذي نعتقد أنه يدخل ضمن منهج الدعاية اليهودية، التي تنطلق من كون اليهودي ظل يعيش حالات العذاب والشتات وعدم الاستقرار، وهذا ما يرويه الحاخامات عبر مختلف الحقب الزمنية للاجيال على شكل قصص وروايات كما يذكر ذلك GOLDBERG في كتابه (American Jewish power) ويشير إلى هذه الحقيقة د.حامد ربيع في دراسته (فلسفة الدعاية الإسرائيلية) إذ يشير الى أن الشخصية اليهودية ظلت تتداول على انها الشخصية التائهة، التي تدور بين الانتقال من موقف المذنب الى موقف المتذمر، ومن موقف الخاطئ إلى موقف المعذب، وأن شخصية اليهودي لا تأتي إلا مع العواصف، وأن اليهودي يتصف بالازدواج في شخصيته، فهو مخيف من جانب وهو قنوع من جانب اخر، وهو فقير في احيان ولكنه يظهر غنياً في أحيان أخرى، راض بالعقاب الذي نزل به، ولكنه شكاك ومتذمر ومتربص لتحقيق تمرده وثورته، كما انه يمتاز بعبادته للمال. وسنجد أن هذا التحليل الدقيق ينطبق على السلوك اليهودي خلال الحقب التاريخية المختلفة والمتباعدة التي مروا بها، وبدأ ذلك من تأكيدهم على كلمة (سبي) للتعبير عن ذلك الاحساس ومحاولة جعله أحد أشكال الشعور الجمعي لدى الآخرين، وكما ذكرنا، فقد وردت كلمة أسرى في تاريخ العراق القديم، ولم يرد ذكر كلمة سبي ويعطينا شعار اور الشهير من عصر فجر السلالات الثالث، صورة عن الحرب ومصير الأسرى بعد الانتصار، ويرد ذكر الأسرى في اثر اخر من سلالة لكش من عصر فجر السلالات يعرف بمسلة العقبان، ويتحدث ايناناتم وانتمينا حكام لكش (حوالي 2500 ق.م) عن حصولهم على اسرى حرب، وفي كتابات الملوك من العصر الاكدي يتحدث ريموش (2284-2275 ق.م) ثاني ملوك السلالة السرجونية عن احتلاله لمدن في بابل وجبال زاجروس، واسره لعدة الاف ومن عهد امارسن (2052-2043 ق.م) ثالث ملوك سلالة اور الثالثة جاءت تموينات مخصصة للاسرى، ومن سلالة بابل الاولى يذكر سمسوايلونا انه أطلق سراح أسراه من مدينة Idmaras (Gelb ,J (1973) p.77) ورأت السلطة في عصر حمورابي ضرورة متابعة مصير جنودها المأسورين، واصدار جملة من المواد القانونية يكفل بعضها افتداء الاسير.