حاجة الناس إلى الاستهلاك لا تنقضي، والتوجه نحو تدوير رأس المال واستثماره هدف حاضر في كل وقت لدى كل مستثمر، وتنويع مصادر الدخل وتعزيز الثقة في الاقتصاد من ثوابت نجاح السياسة الاقتصادية، وسوق العمل والسياسات الاقتصادية وقوانين حماية الاستثمار والمستهلكين هي التي تتكفل بإيجاد البيئة الصحية والمشجعة لهذه الرغبات والتوجهات.
ومن ثوابت النهضة المباركة أن الحكومة ما فتئت تبذل جهودًا طيبة ملموسة ومقدرة، وتبني سياسات تراعي حالة الرضا وتعزز الثقة لدى الجميع من تجار ومستهلكين، وتضع في الاعتبار دائمًا وهي تحرص على سياسة تنويع مصادر الدخل أهمية توفير أسباب العيش الكريم لأبناء هذا البلد في بيئة يسودها الأمن والاستقرار.
ومن ثوابت النهضة المباركة أيضًا أن خطط الحكومة ومرئياتها وآليات عملها في مواجهة الظواهر الطارئة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي تأخذ ضمن أولوياتها القصوى مصالح المواطنين، دون إهمال النظر إلى الاعتبارات الأخرى التي قد تفرضها المتغيرات والظروف الإقليمية والدولية.
وفي ظل توجه الحكومة نحو إحداث الاستقرار المعيشي والاقتصادي والاجتماعي لم تغفل عن الأخذ بدروس الماضي وتجاربه والاستفادة منها في تلافي أي اهتزازات تؤثر على حالة الاستقرار الاقتصادي والمعيشي داخل البلاد، حيث تأخذ في الحسبان الظروف التي قد تلعب دورًا في التأثير على مستويات الأسعار في داخل السلطنة باعتبار بلادنا لا تزال تستورد جزءًا كبيرًا من احتياجاتها، ومن ثم فارتفاع الأسعار في ظل هذه الظروف يكون شرًّا لا بد منه، وبالتالي قد يؤثر بصورة ما على القدرة الشرائية لشرائح في المجتمع لا سيما شرائح الأسر ذات الدخل المحدود والضمان الاجتماعي وتأثير ذلك على القوة الشرائية وما سيترتب عليه من تضخم.
وما من شك أن الحكومة وهي تسعى إلى المواءمة بين استقرار السوق وتحريك الاقتصاد وجعله بيئة جاذبة للاستثمار وبين ثقة المستهلكين ومراعاة دخلهم الشهري وقدرتهم الشرائية، تتذكر موجة الغلاء التي اجتاحت المنطقة والعالم بشكل عام، والتي لا تزال ذيولها حاضرة إلى اليوم، في سعيها نحو بناء خطط وسياسات وقوانين مراعية لجميع الأوضاع ومن كافة جوانبها.
حكوميًّا لا يزال العمل جاريًا نحو تحقيق هذا التوجه الوطني الطموح من خلال خلايا عمل لدراسة أبعاد السوق والوضع الاقتصادي والمعيشي وضمان توافر المواد الاستهلاكية الأساسية بما يفي بحاجة الأسواق، وضبط حركة السوق والرقابة على الأسعار وتفعيل قوانين حماية المستهلك، حيث أخذ المركز الوطني للإحصاء والمعلومات على عاتقه هذا الأمر من خلال أعمال استطلاع الرأي التي ينفذها في كل فترة وأخرى، حيث انطلقت أمس أعمال استطلاع الرأي العام حول ثقة المستهلك وللمرة الثانية خلال العام الجاري، بهدف التعرف على آراء المواطنين وتوقعاتهم المستقبلية بخصوص الأوضاع المالية والاقتصادية، وإمكاناتهم في الشراء والاستثمار، وفرص التوظيف، والأجور، وسوق العمل بوجه عام، وبهدف تقدير مؤشر ثقة المستهلك، والذي يستخدم عالميًّا لتلخيص اتجاهات النمو الاقتصادي في الأجل القريب.
ويأتي استطلاع ثقة المستهلك في إطار الحرص الدائم للمركز على توفير البيانات والمؤشرات والإصدارات الإحصائية الموثوق بدقتها للمجتمع من الباحثين ومتخذي القرار باتباع أحدث المنهجيات والأسس العلمية.
إن مثل هذه الاستطلاعات ورصد الآراء والأمزجة والنزول إلى رأي المستهلك وكذلك التاجر والمستثمر من شأنه إحداث التوازن المطلوب على قاعدة "لا ضرر ولا ضرار"، وإشاعة أجواء اقتصادية واستثمارية واستهلاكية متوازنة ترفض مظاهر الاستغلال والمغالاة والابتزاز، والغش والفساد، وتعلي قيم الحرية والشفافية واحترام الذوق العام، واحترام رأي المستهلك وتقدير قدرته الشرائية.