[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/mohamedabdel.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]محمد عبد الصادق[/author]
لم يعلن أحد حتى الآن نيته الترشح للاستحقاق الرئاسي القادم أمام عبدالفتاح السيسي، وإن كان المرشح السابق عبدالمنعم أبو الفتوح أبدى رغبته للترشح في حال كانت هناك انتخابات حقيقية ـ حسب قوله ـ تتوافر فيها الضمانات الديمقراطية التي تكفل نزاهة الانتخابات أهمها الإشراف الدولي وإعطاء فرص متساوية للمترشحين.

قبل عام تقريبا من موعد الانتخابات الرئاسية في مصر .. لم يعلن أحد حتى الآن نيته الترشح للسباق الرئاسي أمام السيسي الذي أعلن ضمنا خلال مؤتمر الشباب الذي انعقد مؤخرا بمدينة الإسماعيلية نيته الترشح لفترة رئاسية ثانية، في معرض رده على سؤال لأحد المشاركين عن موقفه حال خسارته نتيجة الانتخابات القادمة فرد حاسما: إذا قال لي الشعب المصري لا .. فلن أجلس على الكرسي "ثانية واحدة" .. في رسالة فسرها البعض بأنها تنم عن ثقة الرجل في اختيار الشعب له للاستمرار لفترة ثانية، والبعض اعتبرها رسالة تطمين للمتشككين في إمكانية تخليه عن كرسي الرئاسة عبر صناديق الانتخاب.
ويبدو أن السيسي وجد هذا (السؤال الافتراضي) فرصة لإطلاق حملته الانتخابية، فأعلن موعد 30/6/2018م موعدا للانتهاء من الإنجازات، وجعله موعدا للانتهاء من مشاريعه العملاقة: الأنفاق التي تربط بين مدن القناة وسيناء المارة أسفل قناة السويس، مصنع الفوسفات .. مشروع المليون ونصف فدان .. المناطق الاقتصادية الحرة على جانبي محور قناة السويس .. الموانئ الجديدة التي تخدم الحركة التجارية والصناعات والتعدين وحقول الغاز التي أعلن عنها السيسي خلال المؤتمر ..
لم ينس السيسي شكر الشعب المصري على تحمله المعاناة الناتجة عن إطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي رافقه تعويم الجنيه ووصول التضخم لمستويات غير مسبوقة بعد أن فقد الجنيه المصري أكثر من 120% من قدرته الشرائية، وطمأنهم أن عام 2017م هو العام الأكثر شدة، وأن الخير قادم في 2018م بعد بدء إنتاج آبار الغاز العملاقة في البحر المتوسط والصحراء الغربية، وتوفير مليارات الدولارات التي كانت تتحملها الموازنة المصرية من أجل استيراد الغاز لتلبية احتياجات الاستهلاك المحلي، فضلا عن تحسن الميزان التجاري مع الخارج بعد تحرير سعر الصرف الذي أدى لتقليص الواردات وزيادة الصادرات، وإن كان الرئيس تحدث عن قلة الموارد اللازمة لتحقيق خطط التنمية وتقديم الخدمات الأساسية لـ93 مليون مصري .. يحتاجون للصحة والتعليم ودعم الغذاء والطاقة وخدمات مياه الشرب والصرف الصحي والإسكان والقضاء على العشوائيات التي حاصرت المدن المصرية خلال العقود الماضية.
لم يعلن أحد حتى الآن نيته الترشح للاستحقاق الرئاسي القادم أمام عبدالفتاح السيسي، وإن كان المرشح السابق عبدالمنعم أبو الفتوح أبدى رغبته للترشح في حال كانت هناك انتخابات حقيقية ـ حسب قوله ـ تتوافر فيها الضمانات الديمقراطية التي تكفل نزاهة الانتخابات أهمها الإشراف الدولي وإعطاء فرص متساوية للمترشحين.
باستثناء الدكتور أبو الفتوح لم يفصح أحد عن نيته الترشح، بمن فيهم المرشح السابق حمدين صباحي الذي تراجعت عنه الأضواء وقل ظهوره الإعلامي، وكان آخر ظهور له خلال الجدل حول جزيرتي تيران وصنافير، والمرشح الرئاسي الأسبق الفريق أحمد شفيق الذي تضاءلت فرص ترشحه بعد استمرار وجوده في الخارج وعدم السماح له بالعودة لمصر رغم زوال حكم الإخوان وانقضاء الأحكام القضائية التي كانت تمنعه من الرجوع، ورغم تصريحات مؤيديه وأعضاء الحزب الذي أسسه المتكررة بقرب رجوعه إلى مصر، إلا أنه لم يعد ولا ندري سببا لذلك، فضلا عن تقدمه في العمر وتراجع اللياقة الصحية.
أعتقد أن 13 شهرا فترة كافية لكي يفصح كل حزب أو كتلة سياسية عن مرشحها لخوض الانتخابات .. وأن يستعد المرشح من الآن لتقديم نفسه للمصريين، ويبدأ عرض سيرته الذاتية وأهم إنجازاته ويطرح برنامجه الانتخابي، وهو ما لم يحدث حتى الآن، مما أعطى مجالا للتكهنات والاجتهادات وطرح الناس أسماء لمترشحين افتراضيين؛ فظهر اسم عصام حجي عالم الفضاء المصري الذي يعمل بوكالة ناسا، والمستشار العلمي للرئيس المؤقت السابق عدلي منصور، الذي طرح مؤخرا برنامجا رئاسيا عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" مبني على تطوير التعليم والمساواة والوحدة الوطنية، ومحاربة الجهل والفقر والمرض وحفظ كرامة المصريين، وأعلن الاستعانة بعدد من الشباب الذين شاركوا في ثورة 25 يناير لتقديم رؤية بديلة في 2018م قائمة على تأسيس دولة مدنية حديثة.
من الأسماء التي تداولت عبر مواقع التواصل الاجتماعي أيضا الدكتور مصطفى حجازي المستشار السياسي للرئيس السابق عدلي منصور والأكاديمي والمفكر السياسي والخبير الدولي في مجال التطوير المؤسسي والتخطيط الاستراتيجي وحوكمة الكيانات الاقتصادية والاجتماعية، ويراه كثيرون وجها شابا مقبولا لديه تجربة سابقة في إدارة شؤون الحكم وتتوافر فيه معظم الصفات اللازمة لتولي منصب الرئيس.
طرح البعض اسم سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق والذي تراجع عن الترشح أمام السيسي في الانتخابات السابقة حفاظا على وحدة الجيش، وينظر إلى الفريق عنان على أنه أحد المقربين من واشنطن وتربطه علاقات جيدة بدول الخليج العربي، ويتمتع بقبول سياسي وحكمة اكتسبها من خدمته الطويلة في القوات المسلحة وإدارته دفة الحكم في مصر عقب الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك كنائب للمشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري الذي تولى مقاليد الحكم طيلة ثلاث سنوات.
ومن الأسماء التي طرحت أيضا للترشح اللواء مراد موافي رئيس جهاز المخابرات العامة الأسبق والذي سبق له الترشح في انتخابات 2012م التي فاز بها محمد مرسي بعد الإعادة مع الفريق أحمد شفيق، كما تم طرح اسم حسام بدراوي آخر أمين عام للحزب الوطني المنحل بعد الإطاحة بصفوت الشريف والذي لعب دورا مهما في إقناع مبارك بالتخلي عن الحكم، وله نشاط واسع في مجال التعليم والصحة والجمعيات الأهلية، ورعاية الشباب وحماية حقوق المرأة والطفل.
ويرى البعض أن كثرة المرشحين الجادين يعتبر خيرا للشعب المصري، مؤكدين أنه كلما زاد عدد المرشحين بدأت مصر تخطو على طريق الديمقراطية، بينما يرى فريق آخر أن النظام الحالي لن يسمح بدخول منافسين يعتد بهم، وأنه رغم المتاعب والإخفاقات التي عانى منها الشعب خلال الفترة الماضية إلا أن شعبية السيسي ما زالت كاسحة وما زال يحظى بثقة المؤسسة العسكرية التي ستسخر كل إمكانياتها السياسية والاقتصادية والإعلامية لمساندته خلال الفترة القادمة حتى يفوز بفترة رئاسية ثانية.
الكرة الآن في ملعب المصريين الذين مروا خلال السنوات الست الماضية بتجارب قاسية، وعاصروا ثلاثة رؤساء وأصبحوا ناضجين وقادرين على الفرز والتمييز بين الوطني الكفء القادر على تسيير شؤون الحكم وإدارة بلد بحجم مصر، وبين المدعي الذي لا يصلح إلا لترديد الشعارات وإطلاق الوعود الجوفاء.

محمد عبدالصادق
كاتب صحفي مصري
[email protected]