كاد سعيد أن يستسلم لبوادر مرض ارتفاع معدل السكر في الدم، ولم يكن يعرف معلومات كافية عن هذا المرض، وعندما بدأ يقرأ عنه، انتابه خوف شديد، وبدأت حالته تسوء، وخاصة عندما كان يسمع القصص المرعبة التي يرويها أصدقاؤه وزملاؤه في العمل، فذهب إلى الطبيب الذي شخص حالته بأنه مصاب بمرض السكري ـ النوع الثاني الذي قد يصيب الأشخاص بعد سن الأربعين لرداءة العادات الغذائية وزيادة الوزن أو التعرض للضغوط والتوتر ـ وكان رأي الطبيب مرعبا، كما كانت تعليماته صارمة، وتم تقييد سعيد في سجل مرضى السكر في مستشفى السلطان قابوس بصلالة، صار سعيد يصرف كثيرا من وقته وتفكيره في المآلآت التي تنتظره، وأصبح يحجر على نفسه ويعيش حالة من الخوف، ولم يمكث طويلا حتى استبدل أقراص تحفيز البنكرياس على فرز هرمون الأنسولين بحقن الأنسولين التي صار يتعاطاها ثلاث مرات يوميا، وبدأ الرجل يستسلم لرعب خفي أخذ يفتك باستقراره النفسي والعائلي، ذات يوم جمعتني به دورة تدريبية ولاحظت الوجوم الذي يسيطر عليه، وأدركت من خلال جلوسي معه سبب خوفه وتعاسته، وعندما أخبرني بأنه مصاب بمرض السكري، قلت له: مبروك! فقال: أأنت مجنون؟! قلت له: إلى حد ما! ولكنني أقول لك مبروك بصدق، لأنك استلمت رسالة مهمة سوف تساعدك على تغيير نظام حياتك وتعيد بناء عاداتك الغذائية وترتيب أولوياتك، فلا تخف ولا تجزع فأنا أعرف أشخاصا عاشوا إلى ما بعد التسعين بعد أن علموا أنهم يجب أن يغيروا أسلوب حياتهم، وهناك من بين أصدقائي من تعافوا تماما من هذا المرض وهم يمارسون حياتهم باستمتاع وإبداع، وطلبت منه أن يسمح لي أن أدربه على أسلوب فعال؛ لخفض كمية السكر في الدم وكذلك تحفيز البنكرياس على القيام بعملها بمستوى أفضل. في البداية لم يكن مصدقا، لأنه استسهل الطريقة التي دربته عليها، والتي طلبت منه أن يمارسها مرتين في اليوم، ولمدة 15 دقيقة فقط، وتتلخص الخطوات أن يمشي مسافة من 40-50 دقيقة خمسة أيام في الأسبوع، ثم يقوم بتمرين تنويم ذاتي عن طريق اختيار مكان هادئ والجلوس في وضع مريح سواء على كرسي أو الاستلقاء على سرير أو حتى الجلوس على الأرض، ثم تركيز النظر على علامة معينة ثابتة على الحائط، وإغلاق العينين وفتحهما حتى إذا شعر بالتعب أغلق عينيه، ثم إعطاء توجيهات لفظية وتخيلية إلى جميع أعضاء جسمه أن تسترخي، وعندما يشعر بالاسترخاء العميق تنتاب جميع أعضاء جسمه وأنه صار في حالة من الراحة لا يريد أن يتركها، يبدأ يتخيل أعضاء جهازه الهضمي تقوم بوظيفتها على ما يرام ويركز تخيله على غدة البنكرياس؛ حتى يشعر باستجابتها الإيحائية أثيريا ويتخيل سيلان الأنسولين تطارد الجلوكوز المرتفع في الدم وتعيد خفضه من خلال امتصاص الجسم له وتحويله إلى طاقة يستفيد منها الجسم في الصحة والمناعة.
استمر سعيد يجرب هذه الأساليب وصار يحرص على انتقاء غذاء صحي خال من الدهون وبسعرات حرارية مخفضة. وقد استطاع في غضون شهور قليلة أن يستعيد صحته وأن يعيد ميزان حياته إلى وضعه الطبيعي، وبعد ذلك ركزتُ في تدريبي له على التخلص من الأفكار السلبية وتركيز رغبته واستحضار نيته وتفكيره في الشفاء وأن يستمتع بحياته وذلك من خلال جلسات التأمل والاسترخاء.
كانت النتيجة مدهشة وتخلص سعيد من استخدام النظارات الطبية واستعادت الشبكية نشاطها مع نزول السكر إلى معدله الطبيعي. المثير الذي لاحظه سعيد أننا قمنا بتجربة معا، فقد قاس مستوى السكر بعد وجبة الغداء بساعتين فوجد النتيجة مرتفعة وهي 21 وقلت له نستطيع أن نخفض هذه النتيجة من خلال الاسترخاء وفي أقل من ساعتين إلى المستوى الطبيعي. طلبت منه أن يجلس في حالة استرخاء وأن يتنفس تنفسا عميقا عن طريق الأنف ثم يحبس الهواء قليلا لمدة 30 ثانية تقريبا، بعد ذلك أخرجه عبر الزفير ببطء عن طريق الفم. كرر التدريب ثلاث مرات، ثم قام ببقية خطوات الاسترخاء حتى دخل في حالة (ألفا) التي أتاحت له التواصل مع عقله الباطن، وكان الانخفاض متدرجا فنزل من 21 إلى 17 ثم إلى 16، وبعد ذلك بقليل هبط إلى 15 وبعد 15 دقيقة لاحظ أنه ينحدر إلى رقم 13 بمعدل نزول درجة واحدة كل 12 دقيقة.
أخبرته بأنه لا يحتاج إلى الجهد والمعاناة والتوتر؛ للتعامل مع ارتفاع نسبة السكر في الدم، فقط يحتاج إلى الرغبة والإيمان والاسترخاء والمواظبة على تمارين المشي والتأمل.
إننا نمتلك قدرة شفاء هاجعة في العقل الباطن تفوق الـ 90% من قدراتنا العادية ويمكن تحقيق ذلك بالتواصل مع المستودع العملاق في داخل كل منا، يستطيع كل شخص منا أن يبدأ فورا بعقد النية الملتحمة بالرغبة مع الممارسة والتدريب لتحقيق النتائج المنشودة.

د. أحمد بن علي المعشني
رئيس مركز النجاح للتنمية البشرية