[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
وصل اليهود الذين جلبهم الاشوريون إلى المناطق الشمالية من العراق إلى مدينة كركوك، اذ يذكر Saggas في كتابه (The Greatest that was Babylon) انه جاء في رسالة من حاكم مدينة ارنجا (كركوك) إلى الملك الآشوري ذكر لمشكلة كان يواجهها الأول، وهي إيجاد السكن والطعام لـ(6000) اسير، يفترض انهم كانوا في طريقهم إلى العاصمة، كما يبين ذلك المسؤول ان التموينات غير كافية ويقترح وضع مسؤولية 3000 منهم على عاتق حاكم مدينة مجاورة له.
يظهر من السجلات الملكية في العصر الآشوري مدى افتخار الملوك الآشوريين بالأسرى اصحاب الاختصاصات والصنائع، ويذكر اسرحدون عن اخذه من مصر وبلاد النوبة الأطباء وصانعي الاثاث، ويستنتج من عاجيات نمرود ومن تحصينات شلمنصر في آشور والابواب البرونزية تأثيرات واضحة على يد الصناع والفنيين من اسرى الحرب.
ويمكن تفسير ما توصل إليه الباحثون على أساس الأهداف التي يبغيها الباحث من عمله، ويقسم هؤلاء الى قسمين:
الأول: الباحثون الذين استندوا في كتاباتهم الى التوراة، واعتمدوها في كتاباتهم ولم يقصدوا شيئاً من وراء ذلك، ولكن الأساس الذي اعتمدوه كان موضوعاً بطريقة ذكية، بحيث يكون هناك خلط بين الأحداث وحالة من التشويش، التي لا تسمح للباحث بمتابعة التسلسل الزمني، ومعروف ان كتبة التوراة تعمدوا اهمال ذلك التسلسل، وهذا ما يسهل عليهم عملية ربط تاريخهم بعهود قديمة سبقت وجودهم، فأصبح القارئ تائهاً هل هو في عصر إبراهيم الخليل ام في عصر موسى ويشوع ام في عصر اليهود.
الثاني: الباحثون الذين يعون حقيقة التسلسل الزمني وأهميته في كشف الحقائق التاريخية، ويتعمدون اهماله ويمعنون في تعميق حالة التشويش التي لا تطول القارئ فقط، وانما تؤثر في توجهات الدارسين والباحثين، الذين يشكلون المادة الثقافية والفكرية للآخرين من خلال ما يكتبون وينشرون.
اما دراسة التاريخ اليهودي بصورة عامة وتاريخ اليهود في العراق وفلسطين وبقية انحاء الوطن العربي فيجب ان يبدأ من الفهم الدقيق والموضوعي، والذي يعتمد على الأحداث التاريخية والتسلسل الزمني الدقيق، والذي يؤكد وبما لا يقبل الشك، ان الفارق الذي يميز بين عصر إبراهيم الخليل العربي وبين عصر موسى واليهود باعتدادهما عصرين منفصلين لا صلة للواحد بالآخر، وكذلك التمييز بين عصر موسى من جهة وعصر اليهود من الجهة الأخرى، والتمييز بين التوراة التي نزلت على النبي موسى في القرن الثالث عشر قبل الميلاد وبين التوراة التي كتبها اليهود في بابل بعد ثمانمائة عام من عهد موسى، وبعد الف وخمسمائة عام من عهد إبراهيم الخليل، ونسبوها إلى موسى وإبراهيم زوراً.
وفندت المكتشفات الاثارية الادعاءات التي وردت في التوراة، وجاءت بأدلة لا تقبل الشك توضح الحقائق التاريخية، نظراً لانها تمثل العصور التي أنجزت خلالها، اما التوراة فقد كانت تنقل احداثاً، ترجع إلى عهود بعيدة تغوص إلى عشرات القرون، ويقول د.احمد سوسه: تعد الكتابات التي عثر على جزء قليل منها، اعظم إنجازات الإنسان في هذا العصر، وهذه المراجع تزودنا بالبراهين والبينات، التي كانت تعوز من سبقنا من الباحثين لتقرير بعض الحقائق عن العصور التاريخية القديمة والخروج بها من دائرة الحدس والظن إلى استنتاجات معقولة ومقبولة للعقل السليم.