[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/mohamedabdel.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]محمد عبد الصادق[/author]
” .. أعطت نتائج الانتخابات درساً لأباطرة الإعلام ونجوم الفضائيات الذين ظنوا أنهم أصحاب ثورة 30/6 وبيدهم وحدهم مفاتيح الحشد والمنع، فجاء الرد من قطاع كبير من المصريين بالامتناع عن المشاركة نكاية فيهم، واعتراضاً على انحيازهم لمرشح بعينه، واتباعهم أساليب عتيقة عفا عليها الزمن في التطبيل للرئيس المنتظر وإيهامه بقدرتهم على ترويض الرأي العام،”
الانتخابات الرئاسية أعطت الشعب المصري رئيسا منتخباً، بعد عام من مطاردة شبح الانقلاب، وبعثت رسائل تطمين لكل الأطياف، فالأغلبية التي عانت من غياب الأمن وانعدام الاستقرار استطاعت اختيار من تراه قادراً على تحقيق الاستقرار، وإعادة الأمن، وأعطت الشباب إشارات بأنهم مأثرون في صنع المستقبل ولا يمكن السير بسفينة الوطن بدونهم، وأن عزوفهم عن المشاركة أثر بالسلب على شكل وصورة الانتخابات. كما ان نتائج الانتخابات أعطت الإخوان فرصة لمراجعة النفس، والبحث عن صيغة جديدة للاندماج في المجتمع، فخارطة الطريق تمضي وعقارب الساعة لن تعود للوراء، وإن كانت قواعد الإخوان والمتعاطفين معهم ما زالوا على العهد محافظين، سواء بالإبطال أو المقاطعة فعلى القيادات الاعتراف بالأمر الواقع ومحاولة الحصول على موطئ قدم يمكنهم من العودة للحياة السياسية بشرف بعيداً عن التنظيم، ومكتب الإرشاد، من خلال الاستجابة لجهود المصالحة على أرضية الوطن قبل فوات الأوان.
وأعطت الانتخابات السيسي حكم مصر لأربع سنوات قادمة، ولكن بدون (شيك على بياض) كما كان يتمنى، عندما قال: لن أرضى بأقل من 40 مليوناً وكأنه ملك الأرض بمن عليها، فشارك 25 مليوناً أغلبهم من كبار السن والنساء ونسبة متواضعة من الشباب، واعترض عليه في الصندوق مليون ونصف المليون، وخارج الصندوق مقدار مساو لمن شارك، وعليه إذا أراد النجاح والنجاة؛ الاستفادة من دروس التاريخ، وعدم تكرار أخطاء سلفه ـ محمد مرسي ـ بأن يكون رئيسا لكل المصريين؛ الذين انتخبوه، والذين أبطلوا، والذين قاطعوا وأن يتخلص من شلة المنافقين والمنتفعين المحيطين به، والذي ثبت فشلهم في إدارة الحملة الانتخابية (خرج أحدهم "يولول" ثاني يوم الانتخابات مدعيا فراغ اللجان من الناخبين ويطلب من الناس النزول والمشاركة، وهو الأمر الذي تبين كذبه بعد ذلك وتلقفه المتربصون للحديث عن تزوير الانتخابات وآخر خرج يكيل الاتهامات لحزب النور لعدم نزول السلفيين للجان الانتخاب، مما اضطر قيادات النور للرد عليه: بأنه يحمل فشله في الحشد على شماعة حزب النور؛ حدث هذا التراشق من حملة السيسي والانتخابات معقودة، ولم تحسم بعد مما يدل على انعدام الخبرة وغياب الرؤية السياسية).
وأعطت الانتخابات أصواتا لا تليق للمرشح المنافس حمدين صباحي (750 ألفاً) والذي سبق له الحصول على أكثر من 4 ملايين صوت في الانتخابات السابقة، ولكنه نال تقدير واحترام الجميع، فيكفي أن مشاركته المحفوفة بالمخاطر أعطت صك الشرعية للنظام الجديد وكانت سببا في استمرار خارطة الطريق، بعد هروب البرادعي ورفض أبو الفتوح، وخالد علي الترشح في الانتخابات، لخوفهم من الهزيمة أمام السيسي للحتمية التاريخية التي فرضت نجاح الرجل القوي الذي أزاح الإخوان عن الحكم باعتباره الوحيد القادر على مواجهتهم وحماية البلد من عنفهم، فضلاً عن الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تمر بها مصر، وهي عوامل صبت جميعها في صالح مرشح الضرورة عبد الفتاح السيسي، ودفع حمدين ثمنها غالياً من تاريخه النضالي العريض، ولكن عزاءه الوحيد أن الجميع مقدر الدور الوطني العظيم الذي قام به وتضحياته في سبيل إعطاء مصر نظام حكم يعترف به العالم.
وأعطت الانتخابات الرئاسية المرأة المصرية فرصة للتنفيس عما بداخلها من مشاعر سلبية وإخراج الكبت الذي عانته بسبب حكم مرسي والإخوان وأكدت بالمشاركة الكثيفة والرقص أمام اللجان عن رفضها للقيود و(التابوهات) التي حاول الإسلاميون فرضها عليها، بعد بزوغ نجمهم عقب ثورة 25 يناير، وإن عاب البعض عليها الرقص أمام اللجان، فلهم أقول: مضار الرقص أهون كثيراً من العنف والتدمير ورمي المولوتوف الذي شاهدنا طالبات الإخوان يمارسنه ضد جامعتهن ومدرسيهن اعتراضاً على الإطاحة بمرسي والإخوان، وتعاملت وكالات الأنباء العالمية مع مشاهد الرقص على أنها (كرنفالات) شبيهة بما يحدث في أوروبا والدول المتقدمة ودلالة على الهدوء والاستقرار الذي ساد مصر خلال فترة الانتخابات.
وعلى المرأة المصرية اغتنام الفرصة للحصول على حقوقها السياسية والاجتماعية المهدرة، وعدم الاكتفاء بالتصويت للرجال، بل التصويت لربيبتها المرأة في الانتخابات البرلمانية القادمة.
وأعطت نتائج الانتخابات درساً لأباطرة الإعلام ونجوم الفضائيات الذين ظنوا أنهم أصحاب ثورة 30/6 وبيدهم وحدهم مفاتيح الحشد والمنع، فجاء الرد من قطاع كبير من المصريين بالامتناع عن المشاركة نكاية فيهم، واعتراضاً على انحيازهم لمرشح بعينه، واتباعهم أساليب عتيقة عفا عليها الزمن في التطبيل للرئيس المنتظر وإيهامه بقدرتهم على ترويض الرأي العام، وللأسف الشديد حاولوا الضغط على لجنة الانتخابات الرئاسية التي ضعفت أمام سطوتهم بمد التصويت يوما ثالثا بدون داع، ولولا ستر الله لاستجابت اللجنة للمطلب الثاني بالسماح بتصويت الوافدين ووقتها كانت العملية الانتخابية برمتها في مهب الريح بسبب الانصياع لإعلام موجه، ما زال يعمل وفقاً لمصالح و(أجندات) مشبوهة يرعاها الفلول، ورجال أعمال دولة مبارك الفاسدة.
وأخيراً على الرئيس القادم عدم الانخداع برقم الـ 93% والانسياق وراء دعوات المنافقين بالانتقام والتشفي، والنظر بعين الاعتبار للمعارضين والمقاطعين؛ خصوصاً الشباب، والاهتمام بالعمل وعدم الالتفات للصغائر، وتوسيع صدره للانتقاد، وغلق أذنه عن الرياء، وإبعاد المفسدين والمنتفعين، وانتشال المصريين من البئر بدلاً من تركهم يعيشون غرقى على الإعانات.