اليوم يؤكد الشعب السوري صلابة إرادته وحقيقة انتصاره بتوجهه إلى صناديق الاقتراع ليختار مرشحه الذي يراه الأنسب لقيادة سوريا، وسط تصميم واضح على ممارسة حقه في الديمقراطية رغم العراقيل والعثرات التي يستجمع المتآمرون قواهم وضعها في طريق المواطنين السوريين لمنعهم من الوصول إلى الصناديق وإفشال هذا العرس الانتخابي والاستحقاق الدستوري والوطني.
إن مجرد خروج كل مواطن سوري اليوم ووصوله إلى مكان الانتخاب ومن ثم وضعه صوته الانتخابي في الصندوق، رغم الترهيب والوعيد ومحاولات المتآمرين نشر إرهابهم لإثارة الخوف والفزع في أنفس الناخبين، يحمل من الدلالات والرسائل الكثير، وتفصح عن عزم الشعب السوري على مواصلة معركة البقاء والصمود ووحدة المصير، وصون الوطن السوري والتأكيد على سيادته واستقلاله، وانتشاله من أتون المؤامرة الإرهابية والحرب الكونية، مؤكدًا أن العودة إلى حقب الماضي من الاستعمار والاستعباد والذل والانبطاح مثلما تجاوزها الزمن تتجاوزها اليوم الإرادة المعبرة عن الكرامة والكبرياء والعزة ورفض الذل والظلم ومقاومة استعمار العقول والأرض وانتهاك العرض والدين والأخلاق واستباحة الدماء وجميع مظاهر الإرهاب.
إن المواطن السوري وهو يقف مزهوًّا ومنتشيًا بممارسة حقه الديمقراطي المبني على التعددية والتنافسية، ومتسلحًا بالأمل، إنما يوصل رسالة مفادها أن النصر لن يكتمل ولن يكون له طعم وحلاوة ما لم يتكامل المدني مع العسكري في الدفاع عن حياض سوريا وصون استقلالها وسيادتها وتخليصها من مؤامرة الإرهاب والتدمير والتقسيم، فإذا كان الجندي يصنع نصره ونصر وطنه بصموده واستبساله وبعزيمته وكبريائه وإرادته أولًا وبسلاحه ثانيًا، فإن المدني يصنع نصره ونصر وطنه برفضه الخنوع والمهانة والذل ورفع مستوى الوعي والإدراك حول ما يحاك ضده، فلا يلتفت إلى نعيق البوم وأصوات النشاز ونباح تجار الحروب وحقوق الإنسان، والمُخذِّلين والمُحْبِطين، فهؤلاء هذه هي تجارتهم وهذه هي بضاعتهم، والعاقل والوطني من لا يتعامل مع مثل هذه التجارة الخاسرة والمذلة ولا مع هذه البضاعة الفاسدة النتنة، وبالتالي فإن المدني هو جندي في ميدان السياسة مكمل لشقيقه الجندي في ميدان الحرب.
لقد شكلت الانتخابات في الخارج ـ رغم الموانع والعراقيل من المبغضين والحاقدين والمتآمرين ـ ضربة موجعة لقوى الشر والتآمر والعدوان، وأبطلت الأكاذيب والافتراءات والفبركات ووضعت حدًّا لمحاولات التشويه والتحريض، وأكدت عدم صحة ما يقال عن الرموز والقيادات السورية وما يساق ضدهم من تهم باطلة، بدليل أن نسبة المشاركة في انتخابات الخارج تجاوزت الخمسة والتسعين في المئة، بالإضافة إلى المسيرات اليومية في مختلف المدن والقرى والأرياف السورية وفي المهجر التي تهتف بحب سوريا وقياداتها ورموزها والدفاع عنها، وتجديد مشاعر الولاء والانتماء لسوريا وقيادتها. ولذلك فإن نسبة التصويت والنتائج في انتخابات الداخل ستكون ضربة أكبر دويًّا وصفعة أكثر إيلامًا، وستطيح بكل الرهانات التي يراهن عليها معسكر المؤامرة، ويسقط كل الخيارات التي يعمل عليها المتآمرون.
إذن، يفتح السوريون اليوم صفحة جديدة في تاريخ صمودهم وردعهم للاستعمار والإرهاب معًا وانتصاراتهم على أعدائهم، وسيكون الثالث من مايو تاريخًا خالدًا في ذاكرة السوريين والأمة العربية المجيدة، فهنيئًا للوطنيين السوريين الصامدين عرسهم الديمقراطي هذا.