[author image="http://alwatan.com/styles/images/opinion/abdalahabdelrazak.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. عبدالله عبدالرزاق باحجاج [/author]
لن نقلل من أهمية الإفراج عن مشروع ازدواجية طريق طاقة مرباط الذي طال انتظاره منذ عدة سنوات، ولو قلنا منذ عقدين فلن نبالغ، فقد كان هذا الطريق الذي يبلغ طوله (36) كيلو مترا طموح كل المواطنين وهاجسهم، كما هو كذلك بالنسبة لزوار وسياح ظفار، لن نكرر الحديث عن أوضاعه المتردية ومخاطره العديدة بعد الاستجابة على ازدواجيته وإنارته مؤخرا، لكن، هل هذه الازدواجية بإنارتها وجسورها نكون قد عالجنا كل الإشكاليات التي يعاني منها الطريق الذي يربط صلالة ببقية الولايات الشرقية لمحافظة ظفار؟ فطريق طاقة مرباط هو جزء من طريق يمتد من صلالة ويربط طاقة ومرباط وسدح وحدبين وحاسك، ولو واصلنا المسير فسوف نجده يرتبط كذلك بالطريق الجبلي الجديد الذي يصل حاسك بالشويمية بحرا.
التساؤل يكمن أهميته في كون أن الفرصة التاريخية قد جاءت لتشمل جزءا مهما من هذا الطريق وليس كله، بل إننا نجد الفرصة كانت سانحة لحل كذلك كل إشكاليات هذا الطريق الاستراتيجي، فلو أخذنا مثالا لتلك الإشكاليات، وليكن الجزء الذي يربط صلالة طاقة الجديد، فسوف نجدها أي الإشكاليات كامنة في عدم إقامة الجسور لتفادي الانقطاع الكامل بين صلالة وطاقة أثناء الأنواء المناخية أو حتى في حالة سقوط الأمطار الغزيرة، فهذا الطريق تخترقه أو تقطعه مجاري سيول قد تقطع التواصل البري مع صلالة، وقد حدث فعلا، ونبدي علامات استغراب كبيرة حول تجاهل هذه الإشكالية الكبيرة أثناء ازدواجية وإنارة هذا الطريق، وهذا خلل فني وإداري كان يجب أن لا يحدث أبدا، فكيف حدث؟ ورغم أن هذا الخلل الكبير لن يتكرر في مشروع ازدواجية طريق طاقة مرباط الجديد إلا أن القضية ستظل قائمة، فانقطاع التواصل البري بين صلالة وطاقة بسبب السيول سيتبعه تباعا انقطاع نفس التواصل مع بقية الولايات الشرقية حتى لو تم إقامة الجسور على طريق طاقة مرباط، لأن الطريق من جهة صلالة وطاقة ومن جهة مرباط وسدح خالية تماما من أية جسور فوق مجرى السيول، وقد وصل الأمر إلى حد أن غزت المياه إلى داخل المدن كما حدث لحدبين وسدح وحاسك التي عزلتها عن امتدادها الجغرافي مما ظل سكانها لأيام منقطعين تماما عن اية مساندة ودعم، فلم تتمكن أي نوع من أنواع السيارات حتى الدفع الرباعية، من الوصول إليها لأيام، ولو لا شجاعة رجال سلاحنا الجوي البواسل الذين تحدوا الأنواء المناخية وتدخلوا في الوقت المناسب لكانت الإضرار أكبر، فهل شهدنا بعد هذه الأزمة الكبيرة اية معالجة لتلك الإشكاليات الكبيرة؟ أبدا لم يحدث ما يشير إلى أننا قد تعلمنا الدرس، وإلى أننا ندير أزمة قبل أن تقع مجددا، ولو حدثت أية حالة مماثلة- لا قدر الله- فسوف يتكرر معنا نفس المشهد ومعاناته، فماذا يعني ذلك؟ سنحملها طبعا الفاعلين الذين شرفوا بحمل المسئولية ولم يعملوا على أدائها كما يجب، وهنا ندعو الإسراع في المعالجات حتى لا نتحدث مستقبلا عن ضحايا بشرية، والسبب سيكون التقصير في المسئولية، فحجم المشاكل المولدة للضحايا قد أصبحت معلومة بالضرورة لدى الكل، فمتى سنحمى الأرواح البشرية وممتلكاتهم من الأنواء المناخية؟ كان ينبغي أن تكون هناك رؤية شمولية لحل كل الإشكاليات على هذا الطريق ضمن مشروع ازدواجية وإنارة طرق طاقة مرباط المهم، وهذه فرصة كنا نتوقعها في ضوء تجاربنا مع الأنواء المناخية، وبالذات آخر الأنواء التي تضرر بها أكثر سدح وحدبين وحاسك، فذاكرتنا بمعاناتها لا تزال حية، وكان يفترض أن يشكل ذلك ضغوطا على مؤسساتنا الحكومية وفاعليها نحو حل المشاكل القائمة مرة واحدة وفي آن واحد عوضا عن تأجيلها أو تقسيطها؟ فبعد كم سنة سيأتي الدور على حل بقية الإشكاليات؟ وكيف سيكون موقف الفاعلين على تلك المؤسسات لو تكررت نفس المعاناة الحديثة والسابقة في حالة تجدد الأنواء المناخية؟ هل سيكون تقديم استقالاتهم مقبولا فقط ؟
أما إذا ما نظرنا لمشروع ازدواجية وإنارة طريق طاقة مرباط الحيوي جدا من منظور تأجيله الزمني الطويل ومن دواعي الحاجة المتجددة الناجمة عن مدة التأجيل، نرى أن الضرورة تقتضي إقامة طريق بحري يربط ولايات الشرق الظفاري بغربها لدواع عديدة منها الحاجة الاجتماعية والأمنية السياحية والاقتصادية وذلك لصعوبة طريق المغسيل ضلكوت الجبلي، فسكان هذه المنطقة قد أرهقهم كثيرا طلوع مجموعة جبال شاهقة تحفها أخطار متعددة خاصة في فصل الخريف، وإذا ما انتقلنا من الغرب إلى الشرق، نرى أن إقامة طريق مرباط حاسك لم يكن موفقا فنيا، فمن يقطعه مرة واحدة وهو يعاني من ضغط مثلا فلن يفكر في العودة إليه مرة ثانية بسبب كثرة الانحناءات والالتواءات والطلعات والنزلات، وهذا لا يتناغم ابدا مع انجاز طريق حاسك الشويمية الذي أنفقت عليه الدولة عدة الملايين من أجل كسر وشق جبال شاهقة لكل تصل ضفتي المحيط الهندي ،، بريا ،، لنفس الدواعي سالفة الذكر، فلا بأس إذا أنفقنا بضعة ملايين أخرى لكي تكتمل الصورة الجمالية لشريطنا الساحلي، ولكي نؤمن مجموعة تلك الضروريات بدلا من أن تكون شواطئنا منعزلة أو مهجورة يسهل على تجار المخدرات تحويلها إلى نقاط عبور لسمومهم، ومؤشرات الواقع دال على ذلك، إذن، مشروع ازدواجية وإنارة طرق طاقة مرباط خطوة مهمة جدا، ويشكر كل من ساهم في تحقيقها وإن جاءت متأخرة كثيرا، لكن التطورات والضرورات قد أصبحت تحتم أن يتزامن معها مجموعة خطوات مهمة وعاجلة كما أسلفنا إليها سابقا.