القاهرة ـ حسام محمود
صدر مؤخرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة الدكتور أحمد مجاهد ، كتاب بعنوان روائع النجوم للكاتب الصحفى محمود معروف . يتناول الكاتب قصص الكفاح لعدد من الفنانين الذين أمتعونا فى الزمن الجميل ، وهى قصص تستحق أن تنشر لتعرفها الأجيال ، فهؤلاء الفنانون نحتوا بأظافرهم فى الصخر حتى صعدوا إلى قمة النجاح ، وصارت قصص حياتهم تستحق أن تسجل فى الكتب وتصور كمسلسلات وأفلام . وقد اختار الكاتب مجموعة من كبار النجوم لسرد سيرتهم الذاتية فى هذا الكتاب من نجوم الفن والطرب.
الفنون جنون
يبدأ الكاتب محمود معروف بإلقاء الضوء على النمر الأسود أحمد زكى كما كان فى أشهر أفلامه التى جسدها كخراط تحول لملاكم فى ألمانيا رفع اسم العرب ومصر، فالمتأمل لفن الفنان الراحل أحمد زكى يرى أنه جمع بين الدراما والمنودراما والتراجيديا والكوميديا وجسد كل الشخصيات بذكاء حتى أنه فى فيلم الامبراطور مع محمود حميدة ورغدة صور صورة الانتهازى اللص الذى يتحول إلى رجل عصابات بعد أن استغل الظروف السياسية للانفتاح غير المحسوب فى مصر لكسب الثروات. ولم يترك الأمور الخاصة بالشباب تمر دون تصويرها فى فيلمه الحب فوق هضبة الهرم حيث يوضح كيفية مرور الشباب بأزمات اقتصادية فى بداية العمر تجعلهم يتمردون على القوانين والأعراف بشيء من الجرأة مع التفاعل مع أزمات العيش . وفى فيلمه أنا لا أكذب ولكنى أتجمل يعطى صورة للكذب بنية تغيير الأوضاع حتى لو كان عبر عن مظهر دون جوهر , يدل على أن صاحبه يتمرد على حاله , ويريد صناعة مستقبل بلا ماضي فيفشل فى الضحك على الناس لكنه يبرر ذلك بان نيته لم تكن سيئة لكن المجتمع لا يرحمه لفقره. وينخرط زكى فى أفلام متناقضة ما بين البيه البواب لإلقاء الضوء على المهمشين، وكيف يمكنهم أن يصيروا محورا لنظرة المجتمع لهم كأصحاب مال ودخل مرتفع من السمسرة والتجارة حتى لو كانوا فى الأصل بسطاء , ولم يترك زكى نجم الشباك السينما إلا بترك بصمات واضحة للعيان لموهبته من خلال أفلامه كابوريا وإستاكوزا التى لجأ فيها للكوميديا بالإيحاءات وجمعته مع محمود حميدة وليلى علوى تجربة فيلم الرجل الثالث حول الوصولية لرجال الأعمال غير الشرفاء ورفض الإنسان الشريف لفكرة المال الحرام حتى لو كان محتاجا إليه وفى ضيقة مالية وكيف تتحول المخطئة لحبيبته التي تبحث عن معنى الحب والعفة بعد زمن من المعصية فالحب يطهر النفوس وانتقل أحمد زكى لأفلام بمعاني مختلفة للسلطة ما بين تجسيد تاريخي لشخصية السادات في أيام السادات وناصر 56 وحتى بالنسبة لزوجة رجل مهم حيث تتطرق لقضية ترك السلطة بالنسبة للعامة ومعالي الوزير للتفاعل ما بين الأحلام ورواسب ما ارتكب من استغلال سيء للسلطة وكيف يكشر المسئول عن أنيابه ليلتهم أعوانه وأصدقاؤه قبل أعدائه بعد أن قتل صديقه.
الأسطورة داليدا
ويتطرق محمود معروف لمبدعة الفنون الموهبة داليدا التي حنت لأصولها المصرية رغم بلوغها العالمية حيث ولدت داليدا في 17 يناير 1933، في حي شبرا بالقاهرة لوالدين إيطاليي الأصل مولودين بمصر، فقد هاجر أجدادها إلى مصر باحثين عن الرزق كما كان حال الكثير من الأجانب في بداية القرن العشرين الذين هاجروا بدافع الفقر والهرب من الحروب في بلدانهم آنذاك حيث كانت مصر بلدا آمنا ومزدهرا اقتصاديا . اسمها الحقيقي هو (يولاندا)، تعلمت العزف وأخذت دروساً في الغناء ، لكن حلمها بأن تصبح ممثلة مشهورة لم يفارقها. عاشت داليدا طفولة طبيعية بين أسرتها ، تذهب إلى المدرسة والكنيسة، وما إن أصبحت بالغة حتى أخذ والدها الحاد الطباع يمنعها من الخروج مع أصدقائها وصديقاتها ، لاسيما بعد أن قضى عدة أشهر في السجن . وبعد مرور الوقت وجدت داليدا طريقة للهروب من مراقبة والديها ، فكانت تذهب إلى الكنيسة الصغيرة ، لكنها لم تكن تذهب للصلاة ، بل كانت تنتظر فتىً من أصل إيطالي اسمه (أرماندو) ، كانت تأتي إلى الكنيسة وتقف في مكانها المفضل البعيد عن الناس ، حيث اعتادت ان تقف فيه في طفولتها لأنها كانت تشعر بالحرج من عينها المحولة التي أجرت لها ثلاث عمليات جراحية لعلاجها فيما بعد . بدأت تتطلع لحياة أخرى بعيدة عن القناعة بالبيت البسيط . وبسبب ظروف المعيشة وضغط والدتها أخذت دروساً في الطباعة على الآلة الكاتبة وعملت سكرتيرة في شركة أدوية ، لكن حلم النجومية لم يفارقها أبداً لاسيما وأنها سبق أن فازت بمسابقة ملكة جمال عندما كانت صبيّة صغيرة وجميلة عام 1951 ، فتيقنت أن لديها الفرصة في الدخول بمسابقة ملكة جمال مصر ، التي كانت تقام كل سنة ، كانت رغبة الشهرة لديها قوية حتى لو كانت بأي ثمن ، وهذه المرة فكرت بوالدتها التي ستمنعها من المشاركة في مسابقة تظهر فيها بملابس السباحة . فرأت أنه لابد لها من إخفاء الأمر ، وفعلاً شاركت ، بعدها حصلت المفاجأة الكبرى . لقد فازت داليدا بلقب ملكة جمال مصر 1954 ، وانفتح لها أول أبواب الشهرة . داليدا غنت أكثر من 500 أغنية بلغات متعددة وحصلت على الألقاب والأوسمة الكثيرة وكرمها الجنرال الفرنسي ديجول بميدالية رئاسة الجمهورية بسبب أدائها الرائع وصوتها المميز . وبعد وفاتها كرمتها الحكومة الفرنسية بأن وضعت صورتها على طابع البريد . وأقيم لها تمثال بحجمها الطبيعي على قبرها في العام 2001 . ما زال الكثيرون يرددون أغانيها الجميلة بشغف ، تلك الأغاني التي غنتها بتسع لغات هي الفرنسية والإسبانية والإيطالية والألمانية والعربية والعبرية واليابانية والهولندية والتركية. احتلت لوائح أفضل عشر أغنيات حول العالم من كندا إلى اليابان ومن مصر إلى الأرجنتين . وفي عام 1978 كانت داليدا من أوائل الذين صوروا أغانيهم بطريقة الفيديو كليب بفرنسا . وفي مجال التمثيل لديها (12) فيلماً .
بطل لكل العصور
وألقى المؤلف الضوء على أحد فرسان السينما المصرية فى عصرها الذهبي وهو رشدي أباظة الذي كانت وسامته لا تنتقص من رجولته وقوته , فلم تكن مشاريع رشدي أباظة تشمل أنه سيصبح ممثلا في يوم من الأيام . وكانت أول أعماله فيلم (المليونيرة الصغيرة) أمام سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة ثم انصرف عن ذلك إلى أمور أخرى ، إلا أنه عاد ومثل أدوارا صغيرة في أفلام (دليلة - رد قلبي - موعد غرام - جعلوني مجرما) . وكان حضوره فى فيلم (الشياطين الثلاثة) مميزا فشاركه في البطولة الفنانان أحمد رمزي وحسن يوسف , وشاركت في بطولة الفيلم الفنانة القديرة برلنتي عبد الحميد ولعل هذا العمل من أجمل الأعمال التي أداها . استرد نجوميته في فيلم (امرأة على الطريق) مع شكري سرحان وزكي رستم وهدى سلطان الذي أخرجه الراحل عز الدين ذو الفقار ، ثم قدم بعد ذلك أفلاما ذات قيمة عالية وهي جميلة عن البطلة الجزائرية (جميلة بوحيرد) - واإسلاماه - في بيتنا رجل - الطريق - لا وقت للحب - الزوجة 13 - الساحرة الصغيرة - صغيرة على الحب - صراع في النيل - عروس النيل - شيء في صدري - وراء الشمس - أريد حلا - غروب وشروق - حكايتي مع الزمان ) . كان رشدي أباظة يجيد خمس لغات غير العربية ، وهي الانجليزية والفرنسية والايطالية والألمانية والأسبانية ، وكان مرشحا للسينما العالمية ، وكان من الممكن أن يسبق عمر الشريف إلى هوليوود , ويغزو السينما العالمية لولا أنه أضاع كل هذه الفرص . اشترك دوبليرا للنجم العالمي روبرت تايلور في فيلم (وادي الملوك) ، واشترك في فيلم (الوصايا العشر) للمخرج العالمي سيسيل ديميل .
أجمل وجه
الفنانة القديرة مريم فخر الدين كانت محورا فى استعراض محمود معروف لنجوم التمثيل من الزمن الجميل ولدت بمدينة الفيوم لأب مصري مسلم وأم مجرية مسيحية وهي الأخت الكبرى للفنان يوسف فخر الدين . لقبت حسناء الشاشة من قبل الإعلام المصري الذي كان في ذلك الوقت متأثراً بالسينما الأمريكية وببطلاتها مثل مارلين مونرو ولذلك جعل الكثيرات إن لم يكن معظم بطلات السينما المصرية في ذلك الوقت يشبهن إلى حد كبير بطلات السينما الغربية بعد أن حصلت على شهادة البكالوريا من المدرسة الألمانية ، فازت عن طريق مجله (ايماج) الفرنسية بجائزة أجمل وجه وهو الاعتراف الذي أهلها لأن تقوم بدور البطولة في أول أفلامها السينمائية. اشتهرت في السينما العربية خاصة في فترة الخمسينات والستينات في أدوار الفتاه الرقيقة الجميلة العاطفية المغلوبة على أمرها وأحيانا كثيرة الضحية ولكنها نجحت من حين لآخر أن تخرج من هذه الشخصية النمطية التي برعت فيها تماما ولم يستطع أحد منافستها فيها . مع مطلع السبعينات اختلفت بحكم السن أدوار مريم فخرالدين على الشاشة وأصبحت تقوم بأدوار مختلفة تماما كدورها الشهير في فيلم (الأضواء) , وقبله دور الأم في فيلم (بئر الحرمان) . بعد زواجها من فهد بلان عملت معه في بعض الأفلام ولكنها بعد الانفصال عادت إلى مصر لتأخذ مكانها في أدوار الأم الجميلة . تعتبر الفنانة مريم فخر الدين من الممثلات المحبات لعملهن والمخلصات له حيث ظلت طوال حياتها الفنية تعمل دون انقطاع لتخرج من نجاح إلى آخر ، كما قامت خلال هذه الرحله الممتده بإنتاج وبطوله ثلاثه أفلام هي (رنه خلخال) و(رحله غرامية) و(أنا وقلبي) بجانب أشهر أفلامها التي نذكر منها (الأرض الطيبة) و(حكاية حب) و(البنات والصيف) و(القصر الملعون) و(طائر الليل الحزين) و(شفاه لا تعرف الكذب) و(بصمات فوق الماء) و(احذروا هذه المرأة) و(النوم في العسل) .
مبدع المونولوج
لم يجد الكاتب فى فنون الكوميديا فنان كوميدي بحجم إسماعيل ياسين ترك أعمالا لا تزال تجذب مشاهدة الصغار والكبار حتى الآن إسماعيل ياسين ولد في محافظة السويس وانتقل إلي القاهرة في بدايات الثلاثينيات لكي يبحث عن مشواره الفني كمطرب ، إلا أن شكله وخفة ظله حجبا عنه النجاح في الغناء. امتلك إسماعيل الصفات التي جعلته نجما من نجوم الاستعراض حيث أنه مطرب ومونولوجست وممثل ، وظل أحد رواد هذا الفن على امتداد عشر سنوات من عام 1935- 1945 ثم عمل بالسينما , و أنتجت له أفلاما بأسمه بعد ليلى مراد، هذه الأفلام ( إسماعيل ياسين في متحف الشمع - إسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينة - إسماعيل ياسين في الجيش - إسماعيل ياسين بوليس حربي– إسماعيل ياسين في الطيران – إسماعيل ياسين في البحرية – إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين ) . في عام 1944 جذبت موهبة إسماعيل ياسين انتباه أنور وجدي فاستعان به في معظم أفلامه ، ثم أنتج له عام 1949 أول بطولة مطلقة في فيلم (الناصح) أمام ماجدة. استطاع ياسين أن يكون نجما لشباك التذاكر تتهافت عليه الجماهير ، وكانت أعوام 52 و 53 و54 عصره الذهبي ، حيث مثل 16 فيلما في العام الواحد ، وهو رقم لم يستطع أن يحققه أي فنان آخر . على الرغم من أن إسماعيل ياسين لم يكن يتمتع بالوسامة والجمال ، وهي الصفات المعتادة في نجوم الشباك في ذلك الوقت ، فإنه استطاع أن يجذب إليه الجماهير عندما كان يسخر من شكله وكبر فمه في معظم أعماله . وهكذا استطاع أن يقفز للصفوف الأولى , وأن يحجز مكانا بارزا ، مما دفع المنتجين إلى التعاقد معه على أفلام جديدة ليصبح البطل الوحيد الذي تقترن الأفلام باسمه حتى وصل للقمة . في عام 1954 ساهم في صياغة تاريخ المسرح الكوميدي المصري وكون فرقة تحمل اسمه بشراكة توأمه الفني وشريك مشواره الفني المؤلف الكبير أبو السعود الإبياري ، وظلت هذه الفرقة تعمل على مدى 12 عاما حتى 1966 قدم خلالها ما يزيد على 50 مسرحية بشكل شبه يومي وكانت جميعها من تأليف أبو السعود الإبياري.
مارلين الشرق
لم تر السينما العربية نجمة إغراء بحجم هند رستم ولدت هند في حي محرم بك بالإسكندرية شمال مصر لأب من عائلة شركسية مصرية وكان والدها ضابط في الشرطة. قدمت أكثر من 74 فيلماً سينمائياً . وكان أول ظهور فني لها عام 1947، وفي عام 1949 ظهرت في أغنية « اتمخطرى يا خيل » دقيقتين ككومبارس تركب حصانًا خلف ليلى مراد في فيلم غزل البنات مع نجيب الريحاني ويوسف وهبي ، ثم توالت بعد ذلك الأدوار الصغيرة حتى التقت بالمخرج حسن رضا الذي تزوجها لاحقا ، وبدأت رحلة النجومية في السينما . اشتهرت بأدوار الإغراء في السينما المصرية في خمسينيات القرن العشرين ، وعرفت بألقاب عدة منها « ملكة الإغراء » , و« مارلين مونرو الشرق » لشبهها الظاهر بالممثلة مارلين مونرو بشعرها الأشقر المعروف ، قدمت آخر أعمالها في عام 1979 خلال فيلم « حياتي عذاب » وقررت بعده اعتزال الفن نهائيا حتى وفاتها في 8 أغسطس 2011 .