نصت المادة (296) من قانون الجزاء العماني على أنه (يعاقب بالسجن من ثلاثة أشهر إلى سنتين وبالغرامة من عشرة ريالات إلى ثلاثمائة, بناء على شكوى المتضرر:1- كل من سلم إليه نقدا أو أي منقول آخر على وجه الإعارة أو الوديعة أو الوكالة أو الإجازة أو الرهن فأقدم بأي وجه على كتمه أو اختلاسه أو تبديده أو إتلافه قصدا لمنفعة نفسه أو منفعة غيره أو إضراراً بغيره. 2- كل من حجز لديه بقرار قضائي مال أو أي شيء منقول آخر فتصرف به بأي وجه كان بقصد عرقلة التدبير القضائي أو مقاومة الحجز أو قرار التنفيذ).
تعريف إساءة الأمانة: يتضح من نص المادة (296) المشار إليها أن إساءة الأمانة استيلاء الشخص الحائز للمال المنقول بناءً على عقد من العقود التي حددها القانون وذلك بتحويله من صفته حائزا للمال لحساب مالكه إلى مدعٍ لملكيته . غير أنه يفهم من النص كذلك أن إساءة الأمانة لا تشترط الادعاء بملكية الشيء فحسب أو تحويل صفته من كونه حائزا لحساب مالكه إلى مدعٍ لملكيته كما أسلفنا بل من الممكن أن تقوم إساءة الأمانة بقيام حائز المال بكتمه بمعنى إخفاءه وعدم البوح بمكانه ومصيره , وكذلك باختلاسه وتحويل ملكيته من مجرد حائز لحساب المالك وهي ما تسمى بالحيازة الناقصة - التي سيرد تعريفها لاحقاً – إلى حيازته له حيازة تامة وإدخاله في ملكه أو بتبديد المال أو إتلافه وكل هذه التصرفات تتحقق بها جريمة إساءة الأمانة.
أركان جريمة إساءة الأمانة: يفترض لقيام جريمة إساءة الأمانة أن تتوافرلها عدة أركان أولها : أن يكون موضوع إساءة الأمانة مالاً منقولاً ذا طبيعة مادية, والمال المنقول- كما هو معلوم – هو كل ما يمكن تغيير موضعه أي رفعه من مكان إلى آخر, وهو عكس العقار سواء أكان أرضاً أم بناء , فلا يتصور أن تقع إساءة الأمانة على عقار لأن الجاني في هذه الحالة لا يستطيع إخفاءه, كما أن لمالكه إبطال التصرفات التي ترد على عقاره بالطرق الأخرى التي رسمها القانون وفقاً للقانون المدني. أما المنقول فهو ما يحتاج إلى الحماية التي يسديها نص المادة (296) من قانون الجزاء. إلا أنه يمكن أن تمتد هذه الحماية إلى ما يسمى العقار بالتخصيص وهي المنقولات الملحقة بالعقار لخدمته كآلات الحراثة أو التماثيل التي تزين بها البيوت. ولم يشترط المشرع قيمة محددة للمال فيستوي في ذلك أن يكون ذا قيمة عالية أو ضئيلة كما يستوي في ذلك أن تكون لهذا المال قيمة مادية أو أن تكون له قيمة معنوية لدى صاحبه كشهادات التقدير مثلاً, ويتضح ذلك من نص المادة ( كل من سلم إليه نقداً أو أي منقول آخر).
وثاني الأركان : أن يكون المال قد سلم إلى المتهم تسليماً نقل إليه حيازته على وجه الإعارة أو الوديعة أو الوكالة أو الإجارة أو الرهن, ومن ثم فهي حيازة ناقصة والمقصود بالحيازة الناقصة : أن الجاني يحوز المال لحساب صاحبه , فهو باعتباره مؤتمناً عليه لا مالكاً له, ولهذا تعد حيازته للمال حيازة ناقصة ومن ثم يقوم حائزه بالتصرف فيه تصرف المالك في ملكه وهو ما تتحقق به الجريمة. فالتسليم الناقل للحيازة بتلك الصورة شرط لقيام إساءة الأمانة, فإذا لم يصدر تسليم للمال فلا قيام لإساءة الأمانة, فهي بذلك تختلف عن جريمة السرقة والاحتيال ففي الوقت الذي تشترك فيه إساءة الأمانة معهما في أن كلها تصرفات تقع على مال إلا أنها تختلف من كون أن المال في السرقة انتقل إلى حيازة الجاني باغتصابه من مالكه, وفي الاحتيال انتقل بالغش والتدليس, اما في إساءة الأمانة فقد انتقل المال إلى المتهم على وجه الإعارة أو الوديعة أو الوكالة أو الإجازة أو الرهن كما سلف القول.
.. يتبع في الحلقة القادمة.

ناصر بن محمد الرحبي*
مساعد المدعي العام ـ مدير إدارة الادعاء العام لدى المحكمة العليا
البريد الإكتروني: ([email protected])