من النعم التي حبا الله بها بلادنا الموقع الجغرافي الذي استطاعت الحكومة أن تجعل منه موقعًا فاعلًا على الخريطة السياسية والاقتصادية من خلال مجموعة من الخطط الطموحة التي تبنتها هذه الحكومة مؤخرًا خاصة الخطط المتعلقة بإقامة الموانئ الصناعية والتجارية والمناطق الصناعية. وتأتي صحار كواحدة من بين أبرز المدن العمانية المطلة على البحر التي بموقعها الفريد داعبت عقل المخطط العماني ليخرج بهذه القلعة الاقتصادية الاستثمارية الواعدة المتمثلة في منطقة صحار الحرة لتكون بجانب شقيقاتها من المناطق الصناعية والحرة التي تعول عليها الحكومة في جذب الاستثمارات واستقطاب رؤوس الأموال المحلية، والأجنبية عبر ما تقدمه من مزايا وحوافز وتسهيلات للمشاريع المقامة بها.
ومن خلال ما تتمتع به منطقة صحار الحرة من مزايا، وما تضمه من خدمات تجعلها منطقة اقتصادية كاملة متكاملة من جميع النواحي، يعول عليها في زيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري في مختلف القطاعات الاقتصادية واستثمار الطاقات، والموارد الطبيعية والبشرية، والمساهمة في تنمية المناطق المحيطة بها من خلال إيجاد مزيد من فرص العمل وتقديم الخدمات وتوفير البنية الأساسية.
فالمنطقة بما توفره من خدمات المحطة الواحدة ما تشمله من محطة حاويات وميناء صناعي متكامل بالإضافة إلى شبكات الطرق ومطار صحار، جاء إنشاؤها في إطار الاستثمار الأمثل لموقع السلطنة كحلقة وصل بين الشرق والغرب، الذي يسهم بفعالية في حركة التجارة العالمية منذ زمن طريق الحرير التاريخي، كما أن هذا المشروع يعزز مكانة ميناء صحار المطل على بحر عُمان بعيدًا عن مضيق هرمز، حيث يتميز الميناء بعمق يصل إلى ثمانية عشر مترًا إلى جانب الطاقة الاستيعابية الكبيرة لمناولة ما لا يقل عن 5ر1 مليون حاوية في الوقت الراهن واستقبال أكبر ناقلات الحاويات نتيجة المياه العميقة للميناء، وكذلك تشييد وبدء تشغيل مرافق تخزين البضائع في المنطقة الحرة والتي يتم توفيرها لكافة الموردين والمصدرين الذين يرغبون في تخزين بضائعهم لفترة محددة ومن ثم إعادة تصديرها إلى السلطنة أو دول أخرى ـ حسب الرئيس التنفيذي لمنطقة صحار الحرة ـ، الأمر الذي يسمح للميناء بدور كبير في الحركة التجارية من وإلى مختلف مناطق الخليج العربي خاصة في أوقات الطوارئ، لا سيما أنه يرتبط بشبكة طرق حديثة مع الموانئ المجاورة، فضلًا عن أن وجود محطة حاويات عملاقة بالميناء توفر فرصة لازدهار تجارة الترانزيت وتسهيل استيراد الخامات وتصدير منتجات الشركات الصناعية الكبيرة التي تعمل بالميناء، وتلك التي ما زالت مشروعاتها قيد التنفيذ .
في البعد الاستراتيجي يمكن أن تصبح هذه الموانئ والمناطق الحرة رئة بحرية فاعلة لدول مجلس التعاون الخليجي في نشاطها التصديري والاستيرادي، كما أنها مؤهلة بعدد من الأرصفة لشحن ناقلات النفط، بالإضافة إلى أنها تمثل مجالًا تجاريًّا واستثماريًّا حيويًّا لجميع الراغبين في التجارة والاستثمار في الداخل والخارج.