[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/alwatanopinion.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]راي الوطن[/author]
منذ بزوغ فجر النهضة المباركة التي قادها بكل حكمة واقتدار حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ تشهد بلادنا صفحات مشرقة ومحطات مجيدة تعمق المفهوم الحضاري وتبرز الشخصية العمانية وما تتحلى به من قيم ومبادئ ومبادرة والتزام، ففي كل مجال حرصت السلطنة على إضافة شيء جديد يزيد ألقًا ما تشهده بلادنا من نهضة حضارية زاهرة وزاهية ويضيف إلى إرثنا الحضاري صفحة مشرقة.
وفي المجال البيئي حرصت السلطنة على أن تضيف إلى الميراث البشري قاطبة صفحات خالدة، حيث تعتبر رؤى جلالته ـ أيده الله ـ وأدواره في مجال صون الحياة الفطرية قاموسًا فريدًا في مضمار حماية البيئة، وقبل أن ينتبه العالم الحديث إلى خطورة التحولات البيئية في حياة البشر. وقد رصد جلالته ـ أبقاه الله ـ جائزة لأفضل أبحاث تستهدف خدمة البيئة العالمية، كما استن مجموعة من السنن المهمة التي تفضي إلى صيانة الحياة الفطرية في السلطنة عبر إنشاء محميات برية وبحرية وأوجد حالة من الوعي العام بأهمية صيانة البيئة ضمن برنامج النهضة المباركة، انطلاقًا من الشعور بأن الحفاظ على البيئة مسؤولية جماعية تحتاج إلى تعاون كافة المؤسسات والأفراد، وكثيرًا ما ساد في العالم شعور بأن قوانين حماية البيئة تقيد حركة الإنتاج والاستثمار الصناعي، ومن ثم لجأت دول كبرى إلى رفض التوقيع على اتفاقيات خفض الانبعاثات الضارة بذريعة أن ذلك يؤثر على قدراتها الإنتاجية، لكن السلطنة قدمت نموذجًا يحتذى به لإمكانية التوفيق بين برامج التنمية وبين حماية البيئة من التلوث، لا بل أكدت سياسة السلطنة في هذا المجال وتجاربها الواقعية أن برامج حماية البيئة تساعد في حفز برامج التنمية، حيث إن هناك نوعًا من تبادل المصلحة بين الإنسان ومحيطه الحيوي، فكلما كانت البيئة نظيفة، كانت حالة الإنسان الصحية جيدة على نحو تمكنه من استغلال إمكاناته المادية والبدنية على نحو أمثل لصالح نفسه ووطنه وللعالم ككل. والعكس بالعكس، بحيث إذا كان الإنسان منشغلًا فقط بفرضية الربح المادي دون النظر إلى الاعتبارات البيئية فإن ذلك يؤدي إلى الإضرار الجسيم بالإنسان نفسه الذي تنعكس عليه الأوضاع البيئية الملوثة بالأمراض وتضاؤل القدرات الإنتاجية.
ومن منطلق ذلك وما تمثله البيئة من دور كبير في الحياة بصورة عامة والكائنات الحية بصورة خاصة، ولتكريس الفهم حول البيئة، جاء الاحتفال بيوم البيئة العماني الذي يصادف الثامن من يناير من كل عام، حيث دشنت وزارة البيئة والشؤون المناخية الأربعاء الماضي احتفالات السلطنة بيوم البيئة لهذا العام 2014م تحت شعار "معًا .. لنحمي بيئتنا".
وقد أعدت الوزارة في احتفال هذا العام جملة من الأنشطة والبرامج التوعوية التي تسهم في تعزيز الثقافة البيئية، وتغرس لدى جميع شرائح وفئات المجتمع المبادئ الإيجابية في تحقيق الاستدامة البيئية في مختلف جوانبها، ومن أهم هذه الفعاليات إقامة الندوات العلمية والمعارض البيئية وحملات لاستزراع أشجار القرم وتنظيف الشواطئ والأفلاج والأودية ومعسكرات العمل التطوعية وفعاليات توعوية خاصة للأطفال، وحملات لتنظيف الشعاب المرجانية، وسيشارك في تنفيذ هذه الفعاليات والأنشطة عدد من الجهات الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني من جمعيات أهلية وطلبة جامعات وكليات ومدارس عامة وخاصة وفرق للعمل التطوعي والأفراد، وهو ما يترجم الشراكة الحقيقية بين مختلف فئات المجتمع، ويعزز الوعي البيئي وحماية الحياة الفطرية، سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات العامة أو الخاصة وينعكس أثره في الاهتمام بصحة الإنسان والاستزراع ونظافة البيئة وحمايتها من أي ملوثات، سواء كانت هذه البيئة تتمثل في البيت أو المدرسة أو أماكن العمل أو خارجها، وينمي الإحساس بأهمية المساهمة في حماية هذا التطور الحضاري الفريد على أرض السلطنة والذي يعد التعاون المشترك والشعور المتبادل بأهمية نظافة البيئة ودورها وأهمية حمايتها من أجمل صوره، وذلك لكي يبقى وجه بلادنا مشرقًا بفرح الريادة في الحفاوة بكل ما يخدم البشرية والبيئة المحيطة بها على كوكب الأرض، حيث لا تعرف مفاهيم البيئة حدودًا أساسية أو طبيعية طالما امتدت الأرض تحت أقدام البشر وتمدد من حولها الغلاف الجوي دون أن يعرف المسافات أو تحده المساحات.