مسقط ـ العمانية: أعلنت وزارة التراث والثقافة أن اللجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي التابعة لليونسكو قبلت ملف / ركض عرضة الخيل والهجن/ لمناقشته في اجتماعها المقبل للموافقة على إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي الغير مادي للإنسانية.
وقال السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي المدير العام المساعد للأداب والفنون بوزارة التراث والثقافة المشرف على اعداد الملفات العمانية للتراث غير المادي إن الملف تم تقديمه الى اللجنة الدولية كملف منفرد يسجل باسم السلطنة في القائمة الدولية للتراث العالمي غير المادي ليضاف الى 7 ملفات من الفنون والمفردات العمانية المدرجة ضمن تلك القائمة الدولية التي تشمل 5 ملفات مشتركة (التغرود ، العيالة، الرزفة الحماسية، والفضاءات الثقافية للمجالس والقهوة العربية) وملفان منفردان ( العازي والبرعة ) مما يؤكد ما حظي به هذا التراث في العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم / أعزه الله / من اهتمام ورعاية على كافة المستويات باعتباره من الإبداعات الثقافية التقليدية والشعبية العمانية الأصيلة وجزء مهم من الذاكرة الشعبية والوطنية والإنسانية.
وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء العمانية أن وزارة التراث والثقافة أقامت خلال العام الماضي عددا من لقاءات العمل التعريفية حول إعـداد ملف عرضة الخيل والهجن بالتعاون مع الهجانة السلطانية ضمن برامج اللجنة المشتركة بين كل من الوزارة وشؤون البلاط السلطاني ووزارة التربية والتعليم (اللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم) في إطار التحضير والإعداد لملف العرضة مشيرًا الى ان الملف يحوي مسميات العرضة وآداب ممارستها للممارسين لها وآليات صون العرضة والجهود الحكومية والأهلية للحفاظ عليها وقوائم الحصر الوطنية العُمانية وتعريف بفن التحوريب (القصيدة التي يفتتح بها عرضة الخيل وينتهي بها) إضافة إلى تعريف بفن الهمبل وهو شعر يلقى على ظهور الهجن في وصف مناقبها كصافرة لبدء العرضة.
وركض عرضة الخيل والهجن أرث ثقافي تتوارثها الأجيال المتعاقبة في المجتمع العماني وهي جزء من ثقافة المجتمع في الحضر والبادية أرتبطت بالعديد من المناسبات الدينية والوطنية والاجتماعية التي تقام في المجتمع العماني وتشهد مشاركة شعبية ووطنية كبيرة من قبل مختلف ألافراد ، ويتم تنظيمها للتعبير عن الإحتفاء والفرحة بتلك المناسبات والاحتفال بمقدم الضيوف وتساهم في تواصل أبناء المجتمع من خلال تجمعهم في مكان واحد وفيها من ألالفة والاحترام والنظام ، كما تمثل استعراضًا لبراعة العماني في ترويضه للخيل والابل وعنايته بها وتدريبها ، وتؤكد مدى الأهتمام والرعاية التي تلاقيها الابل والخيل من قبل أصحابها وحرصهم على تأهيلها والعناية بها.
وتقام العرضة التي تصاحبها تقديم مجموعة من الفنون الشعبية وتمارس سواء بالابل أو الخيل أو كلاهما في العديد من المحافظات فهي تنتشر بشكل واسع وهناك العديد من الموسسات الحكومية والأهلية التي تحرص على إقامتها ، وأنشئت العديد من الميادين الحديثة التي تقام فيها العرضة وتم العناية بالخيل والجمال التي يشارك بها كما تم إنشاء مدارس أهلية ومراكز تدريب حكومية لتعليم العرضة والفروسية وغيرها من المناشط ، فعلى المستوى الرسمي هناك الهجانة السلطانية والخيالة السلطانية وشرطة عمان السلطانية والجيش السلطاني العماني كما توجد أتحادات متخصصة تمارس العرضة كالاتحاد العماني للهجن والاتحاد العماني للفروسية، وعلى المستوى الاجتماعي هناك العديد من الاندية الاجتماعية منها نادي صور للفروسية ونادي جعلان ونادي الأصائل ونادي الكامل والوافي وأستبلات الفيروز ونادي الصواهل ونادي الشموخ ونادي الخابورة بالإضافة الى العديد من الميادين الاهلية التي تمارس فيها العرضة.
وعرضة الخيل والهجن فن من الاستعراض يقوم الفرسان او راكبي الجمال من خلاله بعروض تعكس مهارة تعامل الإنسان العماني وترويضه للهجن والخيل والتناغم بين الفرسان أثناء تأديتها ، حيث تبدأ العرضة بدخول الفرسان اوالجمال او معا في شكل صفوف ترحيبية وهي بكامل زينتها وجمالها، ويردد ون الفرسان او راكبي الجمال فنونا شعبية وأبيات شعرية تسمى بالهمبل وهم على ظهورها، بعدها تبداء فقرة المحورب وهي المشي بالخيول والإبل في الميدان ببطئ بشكل طولي يتقدم كبار السن ثم الشباب، ومن اشتراطاتها دخول الخيول في المقدمة تليها الهجن إذا كان الاستعراض مشترك .
وتلي هذه المرحلة ركضة العرضة حيث تكون الخيول في خط مستقيم متساوي ويقوم الفرسان بلقطات متنوعة كالوقوف على ظهور الخيل والتشابك بالأيدي تظهر براعتهم وقدراتهم ، أما الجمال فتكون باركة على الارض وتنطلق مباشرة عند ركوب المشارك على ظهرها وتسمى هذه العملية "بالزجر" وتنتهي العرضة بالتنويم وهو نوع من المهارة تظهر العلاقة والإنسجام عند المشاركين وقدرتهم على ترويض الخيل والابل.
ولممارسي هذا الفن أدوارهم ومهامهم الخاصة فاضافة الى الفرسان وراكبي الابل الذين يقومون بتقديم العروض نجد مربي الهجن والخيل ومهمتهم إعداد الابل والخيول للعرضة وذلك بتدريبها والعناية بها، كما يناط اليهم مسؤلية تدريب الشباب ، ويقوم أصحاب ميادين الاستعراض أو المنظمين بتجهيزها وتنظيم قدوم الجماهير والمشاركين ، كما اننا نجد مقدمي الفنون الشعبية ومنها الهمبل ومحورب الخيل ،وايضا صناع الادوات التقليدية المرتبطة بالعرضة فالفرس أو الأبل تنزل الميدان بكامل زينتها التي يقوم بصناعتها حرفيين عمانيين.
من جانبه قال ناصر بن سالم الصوافي مدير دائرة التراث الثقافي الغير مادي بوزارة التراث والثقافة لوكالة الانباء العمانية إن هناك العديد من النتائج التي ستترتب على ادراج فن عرضة الخيل والهجن في قائمة التراث العالمي الغير مادي للانسانية من حيث مساهمته في العناية بالتراث غير المادي حيث تضم العرضة العديد من مفردات هذا التراث فبجانب ركوب الخيل والهجن يتم تقديم فنون الهمبل والمحورب وغيرها من الفنون الشعبية العمانية مما يسهم في التعريف بهذه الفنون اضاف الى انه يسلط الضوء على أهمية هذا الإرث بالنسبة للمجتمع ويجعل ابنائه والممارسين أكثر أنتماءاً وتمسكاً بتراثهم>
وأضاف أن العرضة مناسبة تحظى بالكثير من المشاركة والحضور الجماهيري من داخل السلطنة وخارجها فمن خلالها يتم تعريف الجمهور على هذه المفردة كتراث ثقافي غير مادي وإدراج العرضة المرتبطة بالخيل والهجن سوف يساهم في رفع مستوى الوعي بهذا الإرث على المستوى الإقليمي والدولي لوجود العديد من عناصرالتراث غير المادي المرتبطة بالخيل والهجن في العالم ، كما سيوفر أرضية جيدة للحوار وتبادل الأفكار بين المشاركين باعتبارها مناسبة أجتماعية ووطنية ترتبط بها العديد من الفنون والصناعات التقليدية والعادات والتقاليد وتحظى بمشاركة واسعة من قبل العديد من فئات المجتمع.
ووضح ان إدراج العرضة سوف يساهم ايضا في رفع الأهمية بهذا المجال وسيشجع على التواصل بين مختلف الممارسين للعرضة ولغيرها من مفردات التراث غير المادي المرتبطة بها وسيساهم في ايجاد مدارس متخصصة لتدريس التراث غير المادي باعتبار ان العرضة مناسبة لإظهار مهارة الفارس وراكب الهجن من خلال العروض التي يتم تقديمها والتي يسبقها تدريب من خلال العديد من المدارس الأهلية التي يتم فيها التأهيل والتدريب والتي تحرص على تبادل الأفكار فيما بينها. كما ان اعتراف المنظمة العالمية بهذا الفن سوف يساهم في تسليط الضوء عليها إعلامياً مما يعني زيادة نسبة المشاهدة لها والتعريف بها عالمياً وهذا سيساهم في تبادل الآراء والخبرات بين مختلف ممارسي هذه العادات والطقوس في مختلف دول العالم وإثراء القائمة التمثيلية بمفردة متنوعة وهذا سوف يساعد في زيادة التنوع الثقافي للقائمة.
وبين أن القبول الذي تلاقيه العرضة لدى ابناء المجتمع سواء من خلال المشاركة في الأداء أو الحضور اوالمتابعة ينسجم ومتطلبات التنمية المستدامة فهناك العديد من الجوانب التي تظهرها العرضة وتساهم في تنميتها كممارسة الفنون الشعبية والحفاظ على الهوية الثقافية العمانية كما انها تساهم في جعل الموروث الثقافي قابل للتنمية من خلال توظيفه ليكون مناسبة تشهد رواجاً سياحياً وحضوراً جماهيرياً مع الحفاظ على طابعه الاصلي وهويته المجتمعية كما ان حرص الحكومة على إقامة مهرجانات العرضة من خلال مشاركة ابناء المجتمع وتفاعلهم معها يدل على القبول الذي تلاقيه هذه المفردة الثقافية بين أفراد المجتمع وعلى أهميتها في إشاعة روح من التفاهم والمحبة بين أبناء المجتمع.
واشار الى ان العرضة من الفنون المرتبطة بالخيل والهجن وهناك العديد من الأعمال التي تم إدراجها في القائمة العالمية ترتبط بالفروسية فإدراج العرضة بأسم السلطنة سوف يساهم في تبادل الخبرات والمعلومات بين السلطنة وغيرها من دول العالم ويسلط الضوء على العديد من مجالات الإبداع الإنساني فمهارات الخيل والهجن والصناعات الحرفية والفنون التقليدية كلها عناصر تعكس الإبداع الإنساني وتساهم في توظيف المقدرات الفكرية للإنسان .واكد ان عرضة الخيل والهجن ستحظى بمزيد من الأهمية والاهتمام كونها إرث ثقافي يحظى بشعبية واسعة وقد قامت الحكومة والمجتمع خلال الفترة السابقة بالعديد من الإجراءات التي ساهمت في الحفاظ عليها والترويج لها ونقلها للأجيال المتعاقبة وهناك العديد من المناشط والبرامج التي تهدف الى استمرارية وحماية هذا الفن وتنفذ بمشاركة من الحكومة والمجتمع .