تتكامل خيوط مخطط التآمر على سوريا وفيه مقومات القتل وسفك الدم والتدمير مع نسق من التضليل والاختلاط يحيط بالعدوان، ويحاول أن يستلب الوعي لدى الرأي العام العالمي والرأي العام السوري إلى مجاهل ومناطق متداخلة يكون القصد منها إنجاز هدفين متكاملين هما تنفيذ الجريمة بصورة تفوق الإجرام نفسه، والتعمية على المجرم الذي يخطط ويموِّل وينفذ، وهذه هي الميزة التاريخية للامبريالية الاستعمارية على وجه التحديد، فكل الجرائم التي مارستها الامبريالية الغربية تقع تحت هذا العنوان مباشرة (القتل والهيمنة، ومن ثم التضليل والتزوير).
ومن يتتبع الدهماوية التي اجتهد معشر المتآمرين على سوريا لتسويقها لاصطياد عوام الناس والبسطاء واستغلال أفكارهم البسيطة ومخاوفهم، وإرباك عقولهم، نجد أنها لاتزال النهج الخبيث المعتمد للحرب الناعمة المعلنة ضد الدولة السورية، بعد حصاد الهزيمة والفشل المدويين للحرب الكلاسيكية في كل من أفغانستان والعراق. ووفقًا لذلك، فقد نجح معشر المتآمرين بقيادة الامبريالية الاستعمارية الغربية في ابتناء نهج جديد للحرب يقوم على استراتيجيات ألبست لبوسًا إسلاموية، وأدوات فتنوية عميلة لا يهمها جغرافية الوطن، ولا تاريخه، ولا مستقبل شعبه. وإيغالًا في العمالة والخيانة صارت هذه الأدوات تتقاسم مع قوى الشر والقوى الاستعمارية وقوى الاحتلال الأهداف معها نحو تحقيق المصالح الاستراتيجية لهذه القوى مجتمعة، ولا تبدو هذه الأدوات في كل ذلك سوى أدوات تنفيذ قابلة للتغيير والتبديل في حين، وأوراق ضغط قابلة للحرق عند انتهاء الدور الوظيفي، وبالتالي فهي في ظل هذا الدور مهمتها أن تمد الفضاء الاستراتيجي لقوى الشر والامبريالية والاحتلال على حساب أرض الوطن، والمصالح العليا لمجتمعه، الموضوع على مقصلة التقسيم والتفتيت إلى كانتونات طائفية متناحرة، في حين تبقى الثروات والجغرافيا الاستراتيجية حصرًا بيد تلك القوى.
إن من ينظر نظرة فاحصة للمشهد السوري سيجد التوصيف أعلاه منطبقًا نعلًا بنعل على الأدوات (الإسلاموية) وخائني الوطن السوري، فكلاهما وإن اختلفت المسميات له وظيفة واحدة وهي ـ كما قلنا ـ تحقيق المصالح والأهداف الاستراتيجية لقوى الشر والامبريالية والاحتلال.
وإمعانًا في الدهماوية التي اعتمدتها قوى التآمر والعدوان على سوريا، أنها تحاول خداع عوام الناس وبسطائهم بأن ما تفعله الأدوات (الإسلاموية) وأدوات الخيانة الانفصالية هو محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي، وأن ما يتم تزويدها به من أسلحة نوعية إنما لهذا الهدف، ولتخليص الشعب السوري من "الإرهاب والديكتاتورية" وتحقيق تطلعاته نحو "الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان"، ولكي يستمر المسلسل الديماجوجي أو الدهماوي في إغواء الناس وخداعهم يتم إمداد "داعش" الإرهابي والأدوات (الإسلاموية) والانفصالية بالسلاح من قبل قوى التآمر والعدوان ذاتها، وما حصل مؤخرًا من قيام إحدى القوى الامبريالية من تزويد أدواتها الانفصالية في سوريا بالأسلحة النوعية والثقيلة بحجة محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي يكشف حجم التضليل والخداع مع عملية "الاستلام والتسليم" للمناطق التي تخضع لسيطرة "داعش" الإرهابي، وتوجيه قوافل التنظيم الإرهابي نحو المناطق التي يسيطر عليها الجيش العربي السوري، لمحاولة عرقلة تقدمه ولتكبيده الخسائر، فأين ذهب ادعاء محاربة "داعش" الإرهابي؟ أوليس الهدف من هذه الأسلحة هو تمكين الأدوات الانفصالية (الإسلاموية) لتحقيق الأهداف والمصالح الاستراتيجية لقوى التآمر والعدوان؟ ولاستخدامها لاحقًا ضد الجيش العربي السوري وحلفائه؟