[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/suodalharthy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سعود بن علي الحارثي[/author]
” .. بحسب ما تؤكده الأرقام والمؤشرات والوقائع والأمثلة الملموسة فإن المرأة تقوم بأدوار مهمة في الحياة العامة وتحقق إنجازات في مختلف المجالات التي تعمل فيها وتؤدي وظيفتها بكفاءة وإخلاص قل مثيلهما بل إنها فاقت الرجل وتجاوزته في بعض التخصصات وتفوقت عليه كطالبة علم في المدارس والجامعات.”
ــــــــــــــــــــــــ
تبوأت المرأة منزلة مميزة وحصلت على مكتسبات كبيرة ومتعددة, تمثل ذلك في قطاعات التعليم والتوظيف والعمل السياسي وفي مجالات الحقوق والحريات بمختلف صورها وأشكالها وفي المشاركة الواسعة مع الرجل في عمليات البناء والتنمية وذلك على المستويين العالمي والمحلي عبر مراحل تاريخية اختلفت في مستوياتها ودرجاتها من حيث قيمة المكتسبات في سعتها وعمقها وأهدافها ونتائجها والانجازات التي تحققت, وذلك وفقا لعمر النهضة والتقدم والتغيير الذي حصل في بلد ما والانتماء والخصوصية الثقافية والاجتماعية التي تشكل ملامح مجتمعه وتميزه عن المجتمعات الأخرى, وانتقلت المرأة حقيقة من عالم التخلف والجهل والتقوقع والإقصاء إلى عالم المعرفة والتقدم والمشاركة الفاعلة وأضحت شريكا حقيقيا للرجل, وما كان لذلك أن يتحقق بهذه الدرجة من التقدم المرضي لولا, أولا: التغيرات الاجتماعية والسياسية والفكرية والعلمية الواسعة والعميقة التي شهدها العالم على مستويات والتي غيرت الكثير من المفاهيم والقيم والمعتقدات والتقاليد السائدة بشأن المرأة والتي حصرت اختصاصاتها بالمنزل وبخدمة الرجل, ثانيا: النظام الديمقراطي الذي تنتمي إليه خاصة الدول المتقدمة بما تضمنه من قيم ترفع من شأن الحقوق الإنسانية وقيم العدل والحريات والمشاركة, والذي سمح للمرأة وشجعها وأتاح لها المشاركة في مختلف المجالات, ثالثا: الزعماء المستنيرون ورجال الفكر والساسة والآباء الذين ناصروا المرأة وشجعوها على المشاركة والمنافسة ووقفوا مع مطالباتها مشكلين حركة اتسعت دائرتها وتأثيراتها, وذلك إدراكا منهم بأهمية الأدوار التي يجب أن تضطلع بها في الحياة العامة, وأهمية إنصافها وانتشالها من حالة التخلف والجهل والركود والإقصاء المفروضة عليها والتي تراكمت عبر مراحل مظلمة من التاريخ, هذا جانب ومن جانب آخر وبحق فقد أثبتت المرأة جدارتها ونجاحها وكانت على قدر عال من المسئولية في المواقع والمسئوليات التي تقلدتها وعملت فيها سواء أكانت عاملة أو موظفة أو مسئولة في القطاعين العام والخاص أو عضوة في البرلمان أو ربة منزل أو رائدة في الأعمال الخيرية والجمعيات الإنسانية والاجتماعية والسياسية, وبحسب ما تؤكده الأرقام والمؤشرات والوقائع والأمثلة الملموسة فإن المرأة تقوم بأدوار مهمة في الحياة العامة وتحقق إنجازات في مختلف المجالات التي تعمل فيها وتؤدي وظيفتها بكفاءة وإخلاص قل مثيلهما بل إنها فاقت الرجل وتجاوزته في بعض التخصصات وتفوقت عليه كطالبة علم في المدارس والجامعات. وقد حققت المرأة في السلطنة إنجازات كبيرة وواسعة بفضل الفكر المستنير لقائد البلاد المفدى الذي شجع ورعى ودعم المرأة العمانية منذ انطلاقة النهضة المباركة في مطلع السبعين, ومن جانب آخر فقد قابلت هي ذلك الدعم بقدر من المسئولية والوعي وتحركت بنشاط ملموس مدركة حجم المسئوليات والتحديات التي يجب أن تتغلب عليها قبل أن تحقق طموحاتها وأهدافها, فعملت بإخلاص وناضلت باستماتة ولم تبد تقصيرا أو ضعفا في مختلف المراحل التي عاشتها سواء كانت طالبة في المدرسة أو الجامعة أو موظفة أو مسئولة .. ويؤكد أداءها ونشاطها وحراكها المتواصل ومشاركاتها في مختلف الأعمال والمجالات على عمق ولائها وانتمائها وحبها للوطن وإخلاصها للقائد حفظه الله وحرصها على الوحدة الوطنية .. وكلما وعت المرأة مسئولياتها الحقيقية واعتدت بشخصيتها وكان لها استقلاليتها في التفكير وفي اتخاذ القرارات, وأخذت المكتسبات الكبيرة والواسعة التي تحققت مأخذ الجد وفي حدود الثقافة والقيم التي تشكل خصائص مجتمعها الذي تنتمي إليه بعيدا عن البهرجة الإعلامية والشعارات الجوفاء والممارسات الموغلة في الاهتمام بالشكل على حساب المضمون, وابتعدت عن القيم المادية ومثالبها وترفعت عن الممارسات المرتبطة بها كالمباهاة والوجاهة والتقليد الخاطئ والتبذير والموضة المستوردة وغيرها, وكلما كان تفسيرها لتلك الانجازات تفسيرا عقلانيا وواقعيا واستجابتها الإيجابية تقوم على التوازن والموائمة ما بين تلك الحقوق المكتسبة والواجبات والمسئوليات الملقاة عليها كزوجة وأم صالحة وربة بيت وعاملة تتحلى بالمسئولية, وكلما تمسكت بحقوقها وسعت إلى تحقيق المزيد من تلك الحقوق في حدود ونطاق طبيعتها واستطاعتها, كلما تحركت المرأة وانطلقت في هذه النطاقات والمساحات الآمنة حققت المزيد من الانجازات والمزيد من المكتسبات وشعر المجتمع بالاطمئنان على واقع المرأة وعلى مكتسباتها وسعى وواصل معها طريق التقدم وضمان تحقيق المزيد من الطموحات وشجعها على المشاركة في مختلف المجالات التي تخدم الوطن ومجتمعه, بل إننا لن ننافي الحقيقة إذا قلنا بأن المرأة مؤهلة لحمل راية الإصلاح والتقدم ومحاربة الفساد والوقوف بحزم أمام القيم المستوردة والممارسات المخلة والمسيئة التي تضر بمصالح الوطن ومجتمعه, كلما وعت وتمسكت بما أشار إليه المقال من قيم ومفاهيم تشكل قوة شخصيتها وأصالة رأيها وتعزيز مكانتها وحماية مكتسباتها.