[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedalkadedy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د.أحمد القديدي[/author]
” .. على إثر تصريح المرزوقي هدد قائد الصاعقة الليبية تونس والجالية التونسية العاملة في ليبيا بالعقاب مما دعا وزير الخارجية المؤقت هو الأخر المنجي حمدي إلى تعديل وتصويب موقف تونس من أحداث ليبيا بعبارات دبلوماسية مقبولة وذكية في لحظة حرج بالغ بالنظر إلى تفاقم العنف وتراكم القتل ما بين الفصائل المتصارعة والميليشيات المتقاتلة في ليبيا...”
ــــــــــــــــــــــــ
هي نذر تفاقمت خلال الأسابيع الأخيرة كأنها السحب الرعدية تتلبد في سماء بلادي وأخر مؤشراتها استشهاد رجال الأمن الأربعة في بيت وزير الداخلية في مدينة القصرين صباح الاربعاء الماضي في عملية إرهابية جديدة وصفها صديقي سليم الرياحي رئيس الإتحاد الوطني الحر بالاستعراضية وهو على حق لأن الإرهابيين قاموا باقتحام منطقة محصنة بحكم قربها من جبل الشعانبي ومن الحدود الجزائرية التي تتكثف فيها الدوريات الأمنية عادة منذ زمن بعيد ثم لأن الإرهابيين موهوا على العملية بإطلاق الشماريخ والألعاب النارية في تحد فاضح وصلف غريب لكنهم قتلوا أربعة من شبابنا المرابط ولم يقع إيقافهم بل تبخروا بعد ساعة من إطلاق النار في جبل السلوم أو في أي مكان أخر. وتزامنت هذه العملية الغريبة مع شروع حكومة مهدي جمعة المؤقتة في عملها الصعب بسبب تضارب المواقف بين رؤوس السلطة التنفيذية فالرئيس المؤقت أعلن الحداد عوض إعلان النفير العام ولم يكن موفقا حين نعت شعبه بالجهل ثم في التصريح الذي إنفرد به دون كل الرؤساء العرب حين حدد موقع الشرعية في ليبيا الشقيقة الجريحة وأعلن مساندة تونس لتلك الشرعية!! بينما الشرعية لم تحدد بعد حتى في بلاده تونس ما بعد الثورة! وبينما لم يعترف رئيس الحكومة الليبية الراهن برئيس الحكومة الجديد المعين وهو السيد معيتيق! وسمعنا رئيس الحكومة الأسبق علي زيدان ينادي من منفاه بضرورة الانقلاب على الحكومة الحالية!! وبينما قوات اللواء خليفة حفتر تقصف مقر أركان الجيش الليبي ومقر المؤتمر العام بل وتنضم لقوات حفتر يوميا قبائل وفصائل وجماعات مسلحة ربما لم تعد تطيق تواجد الميليشيات وتناحرها في كل المدن والقرى الليبية! وعلى إثر تصريح المرزوقي هدد قائد الصاعقة الليبية تونس والجالية التونسية العاملة في ليبيا بالعقاب مما دعا وزير الخارجية المؤقت هو الأخر المنجي حمدي إلى تعديل وتصويب موقف تونس من أحداث ليبيا بعبارات دبلوماسية مقبولة وذكية في لحظة حرج بالغ بالنظر إلى تفاقم العنف وتراكم القتل ما بين الفصائل المتصارعة والميليشيات المتقاتلة في ليبيا كما أنه يبدو أن خللا أخر في أجهزة الدولة قد يكون له ضلع في تزايد العمليات الإرهابية وتطور نوعيتها ألا وهو الخطأ في تركيبة حكومة المهدي جمعة وهو خطأ ناجم عن تكليف وزير (السيد رضا صفر) بملف الأمن راجع بالنظر إلى وزير الداخلية (لطفي بن جدو) و كان الاتحاد الوطني الحر وهو شاعر بدقة المرحلة وأولوية بسط الأمن إقترح منذ حكومة الباجي قايد السبسي أي منذ سنتين ونصف إنشاء وزارة للأمن والأمان تكون مستقلة بقراراتها وتجهيزاتها وميزانيتها عن وزارة الداخلية التي يكفيها العناية بالمجموعات المحلية أي بالمحافظات (الولايات) والمعتمديات والبلديات وهي مهمة شاقة لتأطير الإدارة المركزية والجهوية والمحلية التي تشكو من الروتين والعجز وقلة ذات اليد وهذه النصيحة قلتها للسيد الباجي قايد السبسي حين استقبلني في قصر الحكومة. فهاهي الحكومة الجديدة تطبق إقتراح حزبنا لكن بوضع وزير الأمن تحت إشراف وزير الداخلية وهو خطأ في التقدير وسبب في تضارب التعليمات وتغلب الأمزجة الشخصية على مستحقات النجاعة والسرعة والجدوى. ونتمنى أن يكون اختلاف الوزيرين مجرد شائعات صحفية لأنه لو لا قدر الله ولم يتفق الوزيران فأية كارثة تنتظر أمننا وحياة مواطنينا في مرحلة دقيقة تمر بها بلادنا ونحن على مرمى حجر في الجنوب من مناخ عنف أعمى يضرب الشعب الليبي الشقيق ويطالنا على مدى 500 كيلومتر صحراء مهما تحصنت حدودنا!
وعلى هذا المشهد غير المطمئن جدت أحداث متفرقة تبدو لك صغيرة ولا معنى لها لكنك أيها القارئ الكريم حين تربط بينها وتفكك ألغازها وتحلل أبعادها تكتشف أنها تشكل نذر شر مستطير تهدد مصير وطنك الذي ولدت وترعرعت وعملت فيه وفديته بالعزيز عليك وتمنيت أن تعيش فيه كريما أو تموت فيه عظيما. هذه الأحداث التي شغلت وسائل الإعلام يوما أو يومين وحركت الأقلام ساعة أو ساعتين ثم مرت و طويت صفحاتها تاركة المجال لما هو أوكد حيث تتواتر الإشاعات ويسمع المواطن أن رغيف الخبزسيرتفع ثمنه وأن الوقود سيراجع سعره نحو الأعلى و أن التراجع عن مبدإ الدعم الحكومي للمواد الأساسية وارد بل بدأ منذ أول الشهرو أن ميزانية الدولة تحتاج للإكتتاب الوطني ليقوم المال العام بوظيفته الأساسية ويتسلم الموظف والمتقاعد راتبهما الشهري. وعلى خلفية هذا المشهد السياسي والاجتماعي الملغوم ارتفعت أصوات تؤجج اللهيب وتصب الزيت على نار الأحداث بشكل إرتجالي لا يقرأ عواقب الكلمات والمواقف مثل تصريح إحدى نسائنا العلمانيات منادية باستقالة سماحة المفتي ـ حفظه الله ـ أو إقالته لأنه قال للناس كلاما صادقا عن جريمة الإجهاض بلا سبب موجب والرجل عالم من علماء الإسلام لم ينطق بباطل بل أشار إلى مصيبة إستسهال الإجهاض واللجوء اليه في تونس التي يخول القانون فيها للبنات والنساء أن يجهضن وفي حالة الحمل من سفاح وفي الحرام دون أن يتدخل القضاء أو حتى يعلم أولياء أمورهن. في هذه الحالة يصبح الإجهاض قتلا للنفس بغير وجه حق ما عدا الحالات التي ينص عليها الشرع وقننتها أمم غيرنا وحتى لدى المسيحيين في أميركا وأوروبا فإن جمعيات نشأت لمقاومة هذا الشطط ويمتنع الأطباء عن إجراء عمليات الإجهاض! فهل يسكت الشيخ المفتي عن هذا الإثم إرضاء للنفوس الجاهلة المنبتة؟ وسمعنا أصوات نساء أخريات يطالبن بمحاكمة نائب في المجلس التأسيسي ربما أغلظ القول ردا على بعض زملائه الذين كالوا له التهم ولكنه لم يتجاوز مجرد سرد أحاديث شريفة للرسول العظيم سيد المرسلين وإمام المتقين صلى الله عليه وسلم بشأن العائلة ورسالة كل من الزوجين فهل أصبحت بعض الأحاديث النبوية الصحيحة تخضع للمحاكمة وحسب أي فصول من القانون التونسي؟ فلنتق الله في أنفسنا وفي ديننا وفي وطننا وندعو لشعبنا وأمتنا بالنجاة من نذر الشر والفتنة وهو سبحانه حسبنا ونعم الوكيل.