الأسبوع الماضي، كنت قد ركنت سيارتي في مواقف للسيارات أمام مجموعة من المحلات، منتظرا العامل أن يأتيني بالغرض الذي طلبته. وكان بالقرب مني سيارة أخرى، وقائدة السيارة أو قائدها ترك سيارته ودخل إحدى المحلات المجاورة، تاركا السيارة تعمل، وبها مجموعة من الأطفال لا يتجاوز أكبرهم حسب ما يبدو التسعة أعوام. كنت أعبث بالهاتف، ثم سمعت ارتفاع صوت المحرك، التفت إلى الأطفال مباشرة، ووجدت الطفلة الكبرى أمام مقود السيارة، ويبدو أنها تضغط على دواسة الوقود بقوة، محدثة جلبة، مستمتعة بتلك الفرصة السانحة. راقبتها وهي تنظر إلي، ثم فتحت باب سيارتي، وأشرت إليها بأن تترك المقود في شأنه. تركته، ولكنها قفزت إلى المقعد الخلفي، وهي تصرخ في وجهي كتعبير عن استيائها.
الكثير من المواقف لا تحتاج إلى جهد كبير للتعرف على الخطر الذي من الممكن أن يتعرض له الأطفال نتيجة لبعض التصرفات والتي تبدو من الوهلة الأولى أن أثر خطرها إذا ما حدثت قد يكون فضيعا جدا. وبالرغم من ذلك يغيب أحيانا على بعض الأشخاص احتمالية حدوثها لديه.
لذا فإن ترك السيارة تعمل والأطفال الصغار داخلها، قد ينبئ بالكثير من الاحتمالات ـ أبعدنا الله عنها ـ فقد تجعل الأطفال يستغلون الفرصة للعبث بأجهزة السيارة، وربما تحركت بشكل من الأشكال وعندها لا تدرك إلى أين سيكون مصيرها.. ربما يطفئ الأطفال مكيف الهواء أو يتعطل في وقت حرارة الصيف فيه لا تطاق، والأطفال أكبر من أن يحتملوا الحرارة والضغط في السيارة .. ربما فتح أحدهم الباب أو النافذة وألقى بنفسه منها، أو أنه خرج ليبحث عن والديه ولم يعرف طريق العودة.. ربما ترتفع درجة محرك السيارة فجأة لأسباب عدة، والطفل بداخلها مما قد يؤدي إلى احتراقها .. وبما أننا نسمع في هذه الأيام عن سرقات السيارات، ربما يأتي أحدهم ليسرق السيارة ولا يلاحظ أن على المقعد الخلفي طفل نائم فيخطف السيارة والأطفال سوية.
وقد يقول قائل: أنت تضخم الموضوع اكثر وأكبر من اللازم، وأن هذا ربما يحدث أو يصلح لأن يكون فيلما هوليوديا أو بيولوديا.
وأقول، حتى أفلام هوليود تعتمد بعض أفلامها على قصص حقيقية!

محمد بن سعيد القري