شاركت السلطنة ممثلة في وزارة البيئة والشؤون المناخية دول العالم أمس الخميس الاحتفال بيوم البيئة العالمي الذي يصادف 5 يونيو من كل عام، تحت شعار (ارفع صوتك ... لا مستوى سطح البحر)، وذلك تأكيدا لأهمية العناية بالموائل الطبيعية وضرورة بذل المزيد من الجهد للحفاظ على هذا التنوع واستدامته ، حيث يكتسب شعار هذا العام أهمية خاصة والذي يأتي تزامناً مع تعيين الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 2014م العام الدولي للدول الجزرية الصغيرة النامية ، عينت الأمم المتحدة عام 2014 سنة دولية للدول الجزرية الصغيرة النامية (SIDS)، وسوف يتركز موضوع يوم البيئة العالمى هذا العام على الدول الجزرية الصغيرة النامية وما تواجه من تحديات نتيجة لتغير المناخ والكوارث الطبيعية. الهدف هو المساعدة في بناء الزخم نحو مؤتمر الأمم المتحدة الدولي الثالث المعني بالدول الجزرية الصغيرة النامية، والذي سيعقد في سبتمبر في أبيا، ساموا، والذى يهدف الى رفع الوعى والفهم بأهمية الدول الجزرية الصغيرة النامية، والحاجة الملحة للمساعدة في حماية الجزر في مواجهة تزايد المخاطر ومواطن الضعف، لا سيما نتيجة لتغير المناخ. وسيكون يوم البيئة العالمى 2014 فرصة ممتازة لرفع دعوة للتضامن مع الجزر وتشكل الجزر وما يحيطها بالقرب من المناطق البحرية الشاطئية نظماً ايكولوجية فريدة تضم أنواعاً متوطنة من النباتات والحيوانات لا نجدها في أي مكان آخر على الأرض. ويشكل حفظ التنوع البيولوجي شاغلا مشتركا للبشرية.
ويأتي هذا الشعار لتوعية دول العالم بأهمية ضرورة الحفاظ على الغلاف الجوي من الاحتباس الحراري الذي يؤدي بدورة إلى زيادة الظواهر الطبيعية مثل الأعاصير والفيضانات وذوبان الجليد الذي يؤثر على الجزر في دول العالم.
التغيرات المناخية
وأكد التقرير التقييمي الرابع للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الصادر في عام 2007 م بالإجماع العلمي بأن التغيرات المناخية حقيقة قائمة ويترتب على ذلك تأثيرات مهمة على المستويين الدولي والإقليمي ، منها على سبيل المثال ارتفاع متوسط درجات الحرارة السطحية في العالم بمقدار 0.74 درجة مئوية خلال مئة السنة الماضية حيث أصبحت الأيام والليالي الباردة والصقيع أقل ندرة فيما ازدادت الأيام والليالي الحارة وموجات الحر و من المتوقع أن ترتفع درجة حرارة الأرض بمعدل 3 درجات مئوية بحلول عام 2100 م . وكما يشير التقرير إلى تراجع معدّل الكتل الجليدية في المرتفعات في نصفي الكرة الأرضية منذ سنوات وخاصة منذ العام 1980م , والانخفاض في معدلات سقوط الأمطار مع الإرتفاع في وتيرة التساقطات المطرية الغزيرة في معظم المناطق . كما تساهم التأثيرات المذكورة في ارتفاع مستوى سطح البحر, الأمر الذي يتسبب في زيادة حدوث الفيضانات في المناطق المنخفضة من العالم وإلى مخاطر ساحلية أخرى ، وأكد التقرير على تأثر العديد من النظم الايكولوجية جراء التغيرات المناخية حيث أنه من المتوقع انقراض بعض الأنواع وحدوث تغيرات أساسية على مستوى الوحدة الإحيائية كالشعب المرجانية والوحدات الإحيائية .
جهود السلطنة
وقد ساهمت على امتداد السنوات الأربع الماضية منذ عام 2009 إلى الآن في أعمال صياغة التقرير الخامس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي، والذي أكد بصفة قطعية إن تسارع التغير المناخي الحاصل خلال 100 سنة الماضية هو ناجم بالأساس عن الأنشطة البشرية، لاسيما تلك المتعلقة بانبعاثات غازات الاحتباس الحراري ،وأضاف بأن وزارة البيئة والشؤون المناخية أجريت خلال السنوات الماضية بعض التقييمات والدراسات البيئية بشأن مخاطر وتأثيرات تغير المناخ على السلطنة ،و كان أخرها تقرير البلاغ الوطني الأول للسلطنة وفقا للمعايير والمنهجية المحددة من قبل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ( IPCC ) ومقررات مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ .
و استكمالا للجهود الوطنية في التصدي للآثار السلبية لتغير المناخ فقد قامت الوزارة بالتوقيع مع جامعة السلطان قابوس على تنفيذ مشروع الإستراتيجية الوطنية للتكيف والتخفيف من التغيرات المناخية والتي تهدف إلى تحديد تأثيرات ومخاطر تغير المناخ على بعض القطاعات وتقييم تلك التأثيرات والمخاطر وفقاً للمعايير الدولية وتحديد البرامج والخطط والإجراءات الخاصة بتخفيف انبعاثات غازات الدفيئة والتكيف مع تأثيرات ومخاطر تغير المناخ بالإضافة إلى تدريب وبناء القدرات في مجال الشؤون المناخية ، حيث تم تقسيم المشروع إلى ثلاث استراتيجيات فرعية إستراتيجية الكفاءة أو الفعالية المؤسسية والتي تتميز في برامج بناء القدرات وإطار العمل المؤسسي والتشريعي الذي يعزز من فاعلية الوحدات الإدارية في التعامل مع والتصدي للآثار السلبية للتغيرات المناخية، بالإضافة إلى تحديد دور كل الأطراف الفاعلة والشراكات في التخفيف من والتكيف مع مخاطر تغير المناخ وتحديد الاحتياجات البحثية والمالية , وتطوير قواعد البيانات الوطنية لتغير المناخ مع نشر الوعي الثقافي والمعرفي حول قضايا تغير المناخ المختلفة، وإستراتيجية التكيف مع تغير المناخ والتي سيتم من خلالها دراسة تأثيرات التغيرات المناخية على القطاعات المختلفة واستخدام النماذج المناخية والحاسوبية لتأكيد مخرجات الدراسة ومن ثم وضع خطط التكيف المناسبة لكل قطاع بما يضمن حمايته من الآثار السلبية لتغير المناخ، ويقلل من الموارد المالية والاقتصادية التي قد تستنزف نتيجة لإعادة ترميم تلك المناطق والقطاعات بعد تعرضها للتأثيرات المتوقعة . وسيتم التركيز في الإستراتيجية المذكورة على تسعة مواضيع مختلفة وهي الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية والموارد المائية والمناطق الساحلية ، والبنية التحتية والصناعة, والتنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية , والإدارة الحضرية والسياحة, وصحة الإنسان ورفاهيته, ومرونة تغير المناخ والحد من الكوارث وإدارة المخاطر ، بالإضافة إلى إستراتيجية التخفيف من تغير المناخ والتي سيتم التركيز خلالها على جرد انبعاثات غازات الدفيئة في جميع القطاعات اعتمادا على بيانات البلاغ الوطني الأول وبناءا عليه سيتم تحديد خيارات التخفيف في القطاعات الرئيسية التي تساهم بشكل كبير في انبعاثات غازات الدفيئة . كما سيتم إعداد خطة للرصد الفعال لتحديد مصادر تلك الانبعاثات ، وتحديد الطرق المناسبة لرصد وجمع البيانات مع تحديد الإجراءات و الأساليب لحساب والتحقق من جودة البيانات بالإضافة إلى دراسة خيارات وإجراءات التخفيف المختلفة وفعاليتها من حيث التكلفة المالية. وبناء على ذلك سيتم وضع إستراتيجية لتعزيز إجراءات التخفيف من تغير المناخ مع دراسة إمكانية الاستفادة من آليات الإتفاقية الإطارية وبروتوكول كيوتو مثل آلية التنمية النظيفة والخروج بإجراءات تكيف فعالة من الناحية الاقتصادية والتي يمكن من خلالها مستقبلا صياغة إجراءات التخفيف الملائمة وطنيا (NAMA) وتعمل حالياً على تشكيل اللجنة الوطنية للتغيرات المناخية التي سيتم تمثيلها من قبل الجهات الحكومية ذات العلاقة ، بهدف اقتراح ومراجعة السياسات وخطط العمل الوطنية اللازمة للتكيف والتخفيف من التأثيرات السلبية الناتجة عن التغيرات المناخية ، والمساهمة في إعداد ومراجعة الدراسات والتقارير والبلاغات الوطنية ، وتوفير البيانات المطلوبة لإعدادها .