[author image="http://alwatan.com/styles/images/opinion/abdalahabdelrazak.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. عبدالله عبدالرزاق باحجاج [/author]
نعزو من بين الاسباب وراء اقبال المواطنين على شراء صحفنا المحلية متابعة وتتبع اعلانات الوظائف، فالخريجون والخريجات ومعهم أولياء أمورهم قد أصبح لكل واحد منهم جريدته اليومية المفضلة التي تزوده بالإعلانات أولا بأول، وقد أحسنت الجهات الحكومة والرسمية صنعا عندما اقدمت على نشر اعلانات وظائفها في الصحف كلها أو معظمها مراعاة منها لمبدأ المساواة المستهدفة ليس لذاتها المجردة كالحرص على إيصال الخبر لكل الباحثين عن عمل، وإنما لغاية في نفس المسئول الكبير، وهذه الخاصية ينبغي أن تستغلها صحفنا في تأسيس علاقة عميقة مع المواطنين قائمة على صناعة الخبر وليس انتظاره، وقائمة على كشف الحقائق دون خوف أو تردد مهما كانت نتائجها، وقائمة على التعبير عن مشاكل وهموم المواطن بصورة أكبر وأعمق مما هو حاصل، فالقارئ المواطن عندما يعلم أن هناك صحيفة ما أو عمودا يوميا أو اسبوعيا يتعاطى بصدق وبشفافية عن قضايا الوطن والمواطن فسوف يتابعها يوميًّا.
ومن بين الإعلانات المنشورة مؤخرا، إعلان من وزارة التربية والتعليم في (26) مايو الماضي عن وظائف تدريسية شاغرة عديدة، نزلت على الباحثين وأولياء أمورهم بفرحة غامرة، تجددت فيها الآمال بالوظيفة التي طال انتظارها، ومعها يدخل الباحثون في منافسة جديدة لاستحقاق المعروض من الوظائف، وهو قليل بحجم الطلب الكبير عليه، لكن ما دام العرض متواصلا ومستمر يظل الأمل قائما في النفسيات والعكس صحيح، وينبغي أن يستمر الأمل ويعزز بصورة ملحوظة، وفي ذلك مصلحة وطنية عليا، فالحق في العمل يعد من اهم الحقوق التي يمكن أن تشعل الاحتقانات في اي مجتمع من المجتمعات العربية والعالمية، وهذا يرجح الحقوق الاقتصادية على بقية الحقوق على الأقل خلال المرحلة الراهنة، فما فائدة البناءات والديكورات السياسية والديموقراطية إذا لم تكفل حقوق الانسان وحرياته الأساسية خاصة تلك المتعلقة بكينونته الانسانية، وفي بلادنا، فإن الامل لا يزال قائما ومرتبطا بما تعرضه الجهات الحكومية والقطاع الخاص من فرص عمل آمنة من حيث الراتب وبيئة العمل المناسبة، لكنه اي الأمل يحتاج لخطوات تعزيزية على الارض حتى نحافظ على بقائه متوهجا في النفسيات، وهذه الجزئية المهمة تفتح لنا قضية أولياء الأمور الذين تواصلوا معنا لفتح قضية مؤهلات التربية الخاصة لذوي الاحتياجات الخاصة (المعوقين) بعد ما عرضت وزارة التربية والتعليم مجموعة تخصصات خاصة بهم، وبالذات سبع تخصصات هي، تربية خاصة في مجال تخصص التربية الإسلامية وتربية خاصة في مجال تخصص اللغة العربية، وتربية خاصة في مجال تخصص اللغة الإنجليزية، وتربية خاصة في مجال رياضيات وتربية خاصة في مجال تخصص العلوم، وتربية خاصة في مجال تخصص الدراسات الاجتماعية وتربية خاصة (فكري)، وهم يرون أي أولياء الأمور بأنه لا يوجد في البلاد من يحمل مؤهلات تلك التخصصات بسبب عدم وجود مخرجات محلية، فهل هناك جامعة أو كلية تدرس أي تخصص تربوي لذوي الاحتياجات الخاصة في البلاد؟ من هنا يخشى اولياء الامور أن يتم شغل تلك الوظائف من الخارج، وتدخل اولياء الأمور ننظر له من عدة خلفيات، ابرزها، أن هناك تطلعا مرتفعا للوظيفة عند اولياء أمورهم مما قد يشكل ذلك في المقابل ضغطا نفسيا مماثلا على ابنائهم، وعلينا هنا أن نحسب حساباتنا لتراكماته في حالة عدم تعزز الأمل بخطوات كبيرة على الأرض خلال المرحلة المقبلة، ويعني كذلك أن هناك قبولا اجتماعيا لاستغلال كل فرصة عمل وتوطينها، وهذا يعلي من سقف الخطوط الحمراء الاجتماعية التي لن تسمح بتمرير أي فرصة عمل متاحة للوافد، وهذا يحتم على الجهات الحكومية ممنهجة وتخطيط احتياجاتها مسبقا قبل الإعلان عن الوظائف الشاغرة لديها، فإذا ما صدقت رواية اولياء الأمور بعدم وجود من يحمل مؤهلات تلك التخصصات من باحثينا عن عمل، فإنه كان ينبغي على الوزارة أن تعمد إلى استحداث هذه التخصصات منذ عدة سنوات ضمن مساقات الجامعات والكليات، ومما تجدر الإشارة إليه، أن ملاحظات أولياء الأمور وتعليقاتنا عليها ينبغي أن لا ينسينا الاشادة بانفتاح وزارة التربية والتعليم على حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة التعليمية بالذات، فهى الفئة الانسانية التي لم تعط لها حتى الان ادنى حقوقها الانسانية الاساسية رغم عددها الكبير، حيث يشكلون حسب تعداد العام 2003 حوالي (41303) يمثلون نسبة (1.7%) من جملة السكان، و(2.3%) من العمانيين، موزعين حسب مناطق السلطنة المختلفة، بينما هناك احصائية غير رسمية لعام 2010 تقدرهم (62506 ) معوقين؛ أي ما يعادل 3% من تعداد السكان الإجمالي مُقسمة حسب الجنس: 54% ذكورا، و46% إناثا. أي أنه وحسب التوزيع الجغرافي هنالك (32) حالة تولد بين كل ألف من العمانيين على مستوى السلطنة، وقد فشلت مراكز تأهيل المعوقين المنتشرة في محافظات البلاد من تأمين حقوق المعوقين الأساسية بما فيها حق في التعليم ـ وقد تناولنا ذلك في مقال سابق ـ ومنها ندعو الوزارة إلى توسيع انفتاحها استحقاقا لحقوق هذه الفئة من جهة، ولأن ذلك يخلق فرص عمل حقيقية سوف تساهم في التقليل من حجم الباحثين عن عمل من جهة ثانية، ومن حق كل الأطفال المعوقين في بلادنا أن يحصلوا على نفس الفرص التعليمية لجميع الأطفال الآخرين في وطنهم، ففي الدول الأخرى كالولايات المتحدة الاميركية، فقد أصبح التعلم الخاص الزاميا منذ عام 1975، حيث يعطي القانون للطلاب ذوي الاعاقة من سن (3حتى 18 أو 21) عاما فرصة الحصول على خدمات تعليمية خاصة من خلال منطقتهم المحلية، وهناك (13) فئة محددة من ذوي الإعاقة يحق لها قانونا التعليم، بما فيهم مرضى التوحد والإعاقة التنموية وصعوبات التعليم الخاصة والقصور الفكري والعجز السلوكي وصعوبات النطق. الخ وما اختيار سبعة تخصصات ادبية وعلمية جديدة الا مؤشر يجعلنا نتفاءل على استدراك لخطأ عدم اعطاء الاطفال المعوقين في بلادنا كامل حقوقهم الأساسية أسوة بما هو سائد كونيا.
والتساؤل الذي يطرح هنا، من الذي سوف يشغل تلك التخصصات؟ ونطرحه هنا في ضوء قلق الكثير من اولياء الأمور من تفويت هذه الفرص على ابنائهم بحجة عدم تخصصهم في تخصصات ذوى الاحتياجات الخاصة وبالذات في تلك المجالات، فهم عندهم تخصصات تربوية في نفس المجالات لكنها ليست في التربية الخاصة مما قد تكون حظوظهم معدومة ـ وفق روايات اولياء الامور ـ مما قد تجد الوزارة نفسها مضطرة لشغلها من الخارج، كما يعتقدون، وهذا التوجه يتحفظ عليه كثيرا أولياء الامور، ويناشدون معالي الدكتورة وزيرة التربية والتعليم بتأهيل وتدريب المخرجات التربوية في تلك المجالات لكي تكون مؤهلة فنيا لتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة في ضوء نجاح تجربة تأهيل مجموعة نساء يحملن شهادة الدبلوم العام (الثانوية) للعمل التطوعي في مراكز تأهيل المعوقين، وقد طلبوا منا نقل مناشدتهم عبر هذا العمود، فهل وصلت يا معالي الوزيرة؟